الأرواح التي تحمي حقنا في الحياة
غالب قنديل
تمر بصورة عادية ومألوفة أخبار استشهاد شباب حزب الله في سورية نتيجة الغارات الصهيونية وفي معظم الوسائل الإعلامية دون طرح الأسئلة المهنية الطبيعية حول ما يفعله على الأرض السورية فتيان بعمر الورود يقدمون أرواحهم وعن الهدف المستحق لهذه التضحية المتكررة والمتواصلة في سجال الصراع ضد الكيان الصهيوني الذي يستقي منه معظم الوسائل الإعلامية روايته عن الأحداث وتمر بسرعة بيانات النعي الصادرة عن المقاومة وتتجاهل وسائل اعلامية عديدة مغزى الاعتداءات الصهيونية وغايتها في اعتراض جهود المقاومة لمضاعفة قدرات الردع التي تمتلكها وتمنع بها العدوان الصهيوني عن لبنان.
أولا بعض الإعلام اللبناني يستثمر هذا النوع من الأخبار ليعزز حملاته المستمرة ضد المقاومة وليصور الأمور على عكس حقيقتها في استنساخ سيناريو افتراضي موحى به أميركيا عن منافسة إيرانية أميركية على النفوذ في المنطقة او عن منافسة إيرانية صهيونية في سورية وهو يطمس قصدا أي بعد لبناني في هذا الصراع حتى لا يستتبع الإعتراف للمقاومة بفضل الحماية الفعلية للبنان وشعبه بنتيجة امتلاكها لأدوات الردع العسكري والمعنوي الذي يكبل الكيان الصهيوني ويفرض عليه حسابات معقدة في جميع تحركاته العسكرية الإقليمية المحتملة وهو ما يعترف به قادة سياسيون وعسكريون كبار حاليون وسابقون في كيان العدو وقد فاضوا باعترافات لاتعد ولا تحصى عن تفوق المقاومة في حرب تموز وتعاظم قدراتها المتواصل حتى اليوم مقابل مأزق الكيان المتفاقم وعجزه القيادي.
ثانيا تتجاهل بعض وسائل الإعلام اللبنانية عن قصد وجها خطيرا ونوعيا في إحياء ذكرى حرب تموز كما تظهر عبر وسائل إعلام العدو من خلال تفاعلات ميزان القوى الجديد وانعكاساته داخل كيان العدو رغم حضور مظاهرها ونتائجها في وسائل إعلام عديدة غربية وخليجية عبر تحقيقات ومواد إعلامية منقولة عن الصحف والقنوات العبرية التي أوردت تقارير موثقة واعترافات لقادة عسكريين حاليين وسابقين يصفون ما جرى في خلال تلك الحرب وما يدعى اليوم برعب الشمال في الإشارة إلى تعاظم المخاوف من قدرات المقاومة وصواريخها الدقيقة وهذا التجاهل يخالف المعتاد فبعض الجنرالات الصهاينة كانوا يتحولون إلى مواد مقيمة في نشرات الأخبار والبرامج السياسية اللبنانية تبث صورهم وتصريحاتهم عندما يطلقون التهديدات ضد لبنان اما اليوم وهم يدلون باعترافاتهم عن تقهقر القوة الصهيونية والمخاوف الكامنة من ردع المقاومة وردودها المحتملة على اغتيال مقاتليها في سورية فتلك اخبار يجري تهميشها والتعتيم عليها.
ثالثا من المشين ألا يكرم اللبنانيون شبابا من اخوتهم وأبنائهم يضحون بحياتهم ليحموا بلدهم وليضاعفوا قدرة المقاومة على ردع العدو الصهيوني وهي مهزلة سخيفة أن يكون التعليق الرائج هو السؤال الأبله المتكرر “ماذا يفعلون في سورية ” والجواب معروف بداهة لكنه محكوم بالطمس والتجاهل ” إنهم يوفرن لكم ولعائلاتكم الحماية من خطر الإرهاب التكفيري منذ سنوات ويزيدون قدرة المقاومة على حماية البلد بمنع العدو من شن حرب جديدة خشية تحمل كلفة قاتلة بصواريخ المقاومة الدقيقة التي ترعب العدو ” وهذا ما يجعل هؤلاء الشهداء أبطالا للدفاع عن الوطن يستحقون التكريم والتخليد وأن تتحول سيرهم إلى تراث وطني يثير الفخر والاعتزاز في لبنان وسورية واستشهادهم هو حدث يتعدى حدود حزبهم المناضل فهم يعبرون بدمائهم عن وحدة معارك الدفاع عن شرقنا العربي ضد الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي فهم أبطال لبنان وسورية وفلسطين واليمن والعراق وكل أرض عربية قد تهددها منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية بخططها العدوانية.
البطل الشهيد علي محسن وكل واحد من رفاقه الشهداء يستحقون منا اعتذارا عن تقصيرنا جميعا وكلماتنا لا تعادل شيئا من دمائهم الزكية التي بذلوها بكل تواضع وبصمت مهيب وهم يحققون إنجازات بحجم الشرق العربي الذي يدافعون عنه ضد وحوش التكفير وجيوش الاستعمار والاحتلال والعدوان والتحية كل التحية للحزب العظيم الذي يقود حركة مقاومة تحررية قومية نعتز بها أينما كانت وكيفما اتجهت.