من الصحف الاسرائيلية
مع اقتراب صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بشأن التحقيق في جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، تقوم السلطات الإسرائيلية بتحضير قائمة سرية تضم مئات المسؤولين الذين يمكن أن يتم محاكمتهم في لاهاي.
وتسود حالة من التأهب في إسرائيل عشية صدور القرار الذي سيسمح للمدعية العامة في المحكمة، فاتو بنسودا، التحقيق في جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل، علما أن القرار قد يصدر قبل نهاية الأسبوع الجاري، حيث ستخرج المحكمة لعطلة، وفي حال تأخر عن الصدور سيصدر بعد عودتها من العطلة.
وعشية القرار الذي تشير تقديرات إسرائيلية إلى إمكانية تأجيل صدوره، حضرت السلطات الإسرائيلية قائمة سرية تضم 200 إلى 300 شخصية إسرائيلية، حيث سيتم مطالبتهم بالامتناع عن مغادرة البلاد والسفر، بحسب ما أفادت صحيفة “هآرتس”، اليوم الخميس.
ووفقا للصحيفة فإن القائمة تضم بالإضافة إلى رئيس الحكومة ووزراء الأمن ورؤساء هيئة أركان الجيش ورؤساء جهاز الأمن العام “الشاباك” في السابق وفي الوقت الحالي، العديد من الضباط والمسؤولين العسكريين بالجيش الإسرائيلي.
وتتكتم إسرائيل على القائمة وصياغتها وأيضا حول الشخصيات المدرجة ضمنها، وذلك تحسبا من إمكانية أن يتعرض الأشخاص بالقائمة للخطر، إذ يمكن أن تفسر المحكمة الدولية تحضير مثل هذه القائمة والكشف عن أسماء المسؤولين على أنه اعتراف من السلطات الإسرائيلية بالمسؤولية عن الأحداث التي قيد التحقيق.
وتشير تقديرات الصحيفة إلى أنه في حال تم فتح إجراءات رسمية في المحكمة الدولية بشأن التحقيق بجرائم حرب ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين، فإن السلطات الإسرائيلية سوف تفكر بشكل جدي مطالبة الشخصيات المدرجة ضمن القائمة السرية بالامتناع عن السفر خارج البلاد، بغية تجنب الدولة التخبط بإشكاليات قانونية بخصوص الاعتقال أو المحاكمة.
ومن المتوقع أن تحسم المحكمة الدولية قريبًا قرارها بشأن ما إذا كانت ستوافق على طلب المدعية العامة بنسودا، لبدء بإجراءات ضد إسرائيل، للاشتباه في ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني خلال العدوان على غزة بالعام 2014
ونتيجة لذلك، يقدر خبراء القانون الدولي أن المسؤولين عن العملية العسكرية “الرصاص المصبوب” سيكونون تحت طائلة المسألة، وهم: رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزراء الأمن السابقون، موشية يعالون، وأفيغدور ليبرمان، ونفتالي بينيت، وأيضا رئيسا هيئة أركان الجيش السابقين، بيني غانتس، الذي يشغل منصب وزير الأمن حاليا، وغادي آيزنكوت، ورئيس الأركان الحالي آفيف كوخافي.
ومن المتوقع أن تستهدف إجراءات المحاكمة الدولية أيضا رؤساء جهاز الأمن العام السابقين والحاليين، يورام كوهين ونداف أرغمان. كما أن القائمة التي ما زالت قيد التحضير والبلورة تتضمن أيضا الكثير من المسؤولين أصحاب الرتب الأصغر، بما في ذلك الضباط في الجيش وربما الضباط حتى المسؤولون المشاركون في إصدار تراخيص للاستيطان، كون هذه القضية والملف قيد التحقيق أيضا.
والتخوف في إسرائيل هو أنه في حال قررت المحكمة الجنائية الدولية أن لبنسودا صلاحية بدء تحقيق في جرائم حرب، فإن مسؤولين إسرائيليين – عسكريين بمستويات مختلفة وكذلك الذين يدفعون لأنشطة استيطانية، وبينهم سياسيون – سيواجهون إجراءات جنائية ضدهم، وخاصة إصدار مذكرات اعتقال بحقهم أو مذكرات للمثول أمام المحكمة.
وفي ظل هذا التخوف، يتوقع أن تقاطع إسرائيل المحكمة الدولية ورفض التعاون معها، لكن أمر كهذا يمكن أن يدفع المحكمة إلى إصدار أوامر اعتقال سرية ضد إسرائيليين ولن تتمكن إسرائيل من العلم بها بالضرورة.
كتب ستاف شافير عضو كنيست سابقة ومن قادة الاحتجاج الاجتماعي في سنة 2011 مقالا في صحيفة هآرتس استهله بالقول “في الأسبوع الثاني للاحتجاج الاجتماعي الذي نشب في سنة 2011، عقد بنيامين نتنياهو مؤتمراً صحافياً مذعوراً، وأعلن رزمة تقديمات ملفقة للطلاب. هدف الاقتراح كان التوصل إلى تفكيك خيمة الاحتجاج”.
وتابع:”في الغرفة الموقتة التي اجتمعنا فيها لدراسة خطواتنا، برزت مخاوف: الاتحاد الطلابي يمكن أن يميل إلى قبول الاقتراح ووقف الاحتجاج – بينما نحن الذين نصبنا الخيم، عرفنا أن هذه هي البداية فقط. في كل يوم ازداد عدد الخيم، وانتشرت في كل أنحاء البلد. أهداف الاحتجاج الذي بدأ رداً على الارتفاع في أسعار الشقق المستأجرة – توسعت وشملت مساكن بأسعار معقولة وعدالة اجتماعية. عرفنا أنه يجب عدم الموافقة على اقتراح نتنياهو، لكن في الاتحاد الذي كان هيئة سياسية غنية الموارد (وكنا نعتمد عليه لتمويل الاعتصامات) ترددوا”.
واضاف: “قررنا إصدار بيان فوراً، نعلن فيه رفضنا خطة نتنياهو، ونلتقي معه فقط إذا جرى بث اللقاء علناً. البيان خلق احتكاكات (“لا يقال لرئيس الحكومة “لا”، قال إيتسيك شمولي الذي كان آنذاك رئيساً لاتحاد الطلاب [وحالياً عضو كنيست عن حزب العمل]، لكن في النهاية انضم الاتحاد إلينا”.
اقتراح الرشوة الذي قدمه نتنياهو حُذف من جدول الأعمال، لكن نتنياهو واصل محاولته للقضاء على الاحتجاج بأية وسيلة. هو والمقربون منه نشروا أخباراً كاذبة عن مصادر تمويل أجنبية، وحاولوا إظهار المتظاهرين كفوضويين ومدللين.
هذا هو أسلوب نتنياهو المحبب للتصفية: يد تحضن الألم الذي أظهره الاحتجاج ويد ثانية تقضي على قيادته بواسطة رشوة سياسية، وإذا لم ينجح ذلك، بواسطة تشويه سمعتهم. وهكذا تُرسل رسالة إلى الجمهور بأنه لا يستطيع الاعتماد على قيادة الاحتجاج، لأن لهم مصالح أجنبية، ومن الأفضل التوحد تحت شعار “هذا ليس سياسياً”، وأن نتنياهو الذي يُوجه ضده الاتهام، هو المنقذ.
نحن ببساطة تجاهلناه. الاحتجاج استمر، ومليون إسرائيلي انضموا إلى صفوفه. لقد مرت تسعة أعوام على ذلك، حرص خلالها نتنياهو على السيطرة على وسائل الإعلام والتأكد من أنها لن تغطي بتعاطف الاحتجاجات الجديدة. أسلوب “احضن واقتل” مستمر. هو بالتأكيد ينظر بارتياح إلى بعض قادة الاحتجاج الذين نجح في جذبهم إلى حكومته بواسطة وظائف ورواتب. فقط في الأسبوع الماضي أيدوا من دون خجل قانوناً هدفه المس بشدة باستقلالية الكنيست – أي الديمقراطية الإسرائيلية.