محطات على الطريق: معن بشور _
1 ـ قرار تاريخيّ
كان خروج لبنان، كما دولنا العربية، من الاقتصاد الريعيّ الى الاقتصاد المنتج، أحد أبرز شعارات حركة التغيير والتحرّر الوطني والقومي منذ خمسينيات القرن الماضي، وكان الاستقلاليون الحقيقيون، وحماة السيادة والحرية الصادقون، يدركون أنّ تحصين الاقتصاد الوطني بالإنتاج الزراعي والصناعي هو الحماية الحقيقية للاستقلال والسيادة… والحرية.
ولعلنا اليوم في لبنان، ونحن نواجه الكارثة المتعدّدة الأوجه، في تركيزنا على الزراعة والصناعة والسياحة، انما نحوّل التهديد الى فرصة، والمحنة الى منحة تاريخية لشعبنا…
واذا تلكأت حكومتنا المكبّلة بالتردّد والتناقضات الداخلية عن ولوج هذا الخيار، فالشعب مدعوّ الى أخذ المبادرة كما قال سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه… كما أخذ المجتمع الأهلي زمام المبادرة في زمن الحرب بعد تغييب الدولة.. وبعد ان أخذت المقاومة بكلّ قواها المبادرة لطرد الاحتلال الصهيوني بعد أن تقاعست الدولة.. وبعد أن أخذت المقاومة الإسلامية والجيش اللبناني المبادرة في معركة تحرير الجرود بعد تردّد الحكومة باتخاذ القرار…
وبقدر ما يخيف الإدارة الأميركية ان يتوجه لبنان شرقاً لمواجهة الحصار المفروض عليه، يخيفها أيضاً ان يتحوّل اقتصاد لبنان من اقتصاد استهلاكي استيرادي مكشوف على الخارج الى اقتصاد منتج ومنيع ومصدّر للخارج وما يتطلبه هذا التحوّل من أسواق عربية وإسلامية بوابتها سورية.
لذلك نرى هذا الضغط الأميركي الهائل لمنع التوجه لإيجاد بدائل لواشنطن وأدواتها، ولبناء اقتصاد لبناني قائم على مركزية الزراعة والصناعة والسياحة… لأنّ في ذلك تشييداً للاستقلال الحقيقي وتحصين السيادة الوطنية…
2 ـ الترياق من العراق
لأنّ العراقيين على اختلاف انتماءاتهم يحبون لبنان، ولأنّ اللبنانيين على تنوّع مشاربهم يحبون العراق، ولأنّ السوق العراقية قادرة على استيعاب كلّ الإنتاج اللبناني، ولأنّ مصفاة طرابلس قادرة على توفير كلّ احتياجات لبنان من المنتجات النفطية..
ولأنّ السائح العراقي والمصطاف العراقي هو الأكثر سخاء من كلّ سائح، ومن كلّ مصطاف.
من حقنا أن ننتظر الترياق من العراق.
3 ـ إدارة الظلم والظلام
أن يعلن بومبيو بنفسه أنّ بلاده ستمنع وصول النفط الإيراني إلى لبنان هو إقرار بأنّ واشنطن أعلنت رسمياً عن حصارها للبنان من دون حتى قانون من الكونغرس وهو أصلاً غير مقبول من أيّ جهة أتى…
بل هو إقرار بأنّ حكومته تتحمّل مسؤولية قطع الكهرباء عن اللبنانيين… تماماً كما تعلن كلّ يوم مسؤوليتها، عبر أدواتها، عن شحّ الدولار في لبنان…
والطريف في هذا الإعلان أنه يأتي في وقت لم تستطع واشنطن منع وصول ناقلات نفط إيرانية إلى الكاريبي، وهو لا يبعد إلا عشرات الكيلومترات عن السواحل الأميركيّة.
هكذا تؤكد الإدارة الأميركية أنّها إدارة الظلام والظلم في هذا العالم…
فإلى متى تستمرّ حكومتنا في مراعاة الإملاءات الأميركيّة.. حتى لا نقول في الرضوخ لها… ألا يمكن دراسة إمكانية مقاضاة بومبيو، المعروف بتعصّبه العنصريّ المتصهين، أمام القضاء الدولي؟
* المنسّق العام لتجمّع اللجان والروابط الشعبية في لبنان
(البناء)