الصراع سيُحدّد أيّ لبنان سيكون.. ولون رؤساء الجمهوريّة والمجلس والحكومة في 2022؟ من يتحكّم بطرق «الحرير» البريّة والبحريّة سيحكم المنطقة… ورسائل اميركيّة لدمشق رضوان الذيب
المطلوب دولياً رأس المقاومة، هذا هو العنوان الاساسي للصراع الدائر حالياً، وهو اكبر من الرئيس حسان دياب وحكومته مع كل الاحترام للشخصيات الوطنية ونواياها الحسنة لجهة دعواتها لاستقالة الحكومة او اسقاطها؟ وهذا ما تؤكد عليه مصادر سياسية متابعة كون المراجعة الدولية لمسار الصراع في المنطقة توصلت الى حتمية سياسية بان موازين القوى والتحولات الكبرى هي من صناعة حزب الله في لبنان وسوريا، جراء منع «اسرائيل» من تنفيذ مشاريعها وهزيمتها، وضرب المشروع التكفيري في سوريا بالاضافة الى مساهماته في اليمن والعراق ومعظم ساحات المواجهة مع الاميركيين، ولذلك فان كل مراكز الدراسات الاميركية و«الاسرائيلىة» حصرت ابحاثها بتحليل ظاهرة حزب الله وسر قوته، وكيفية محاصرته، لان من شأن ذلك ان يعيد التوازنات الى المنطقة وصياغة مشروع جديد لصالح اميركا وحلفائها ومسك معظم الاوراق مجدداً في بلاد الشام.
ولذلك تجزم المصادر السياسية عن وجود قرار اميركي بتجويع لبنان، وقطع الاوكسجين عنه، مع حملة اعلامية بتحميله مسؤولية ما آلت اليه اوضاع البلاد. وتغطية الفوضى ومسارب التهريب الى سوريا، ويتزامن كل ذلك مع دعم اميركي لشيعة السفارة للعمل على شيطنة جمهور المقاومة.
ومن هنا وحسب المصادر السياسية المتابعة فان الحصار الاميركي بدأ منذ سنتين مع الاعتداء على الرئيس سعد الحريري في الرياض، كما ان السفيرة الاميركية السابقة في لبنان كشفت لمرجعيات لبنانية منذ سنتين ايضاً عن وجود قرار بقطع المساعدات الاقتصادية عن لبنان وحصاره مالياً، وبالتالي فان دعوات الرئيس الاشتراكي وليد جنبلاط الى اللبنانيين لشد الاحزمة والتموين انطلقت منذ سنتين واعلن بوضوح ان لبنان قادم على مجاعة ستكون اضخم من مجاعة الحرب العالمية الاولى. وهذا ما يفسر رفض الحريري كل دعوات الثنائي الشيعي للعودة، اما الفرملة القواتية فجاءت بتمنيات خارجية ايضاً حتى ان السفيرة الاميركية السابقة «طلبت من قوى لبنانية اساسية الانخراط في مواجهة حزب الله مهما كانت النتائج، ومن سيتردد ليس منا وليس حليفاً لواشنطن»…
وتشير المصادر السياسية، ان قرار مساعدة لبنان هو قرار سياسي وليس مرتبطاً باصلاحات وما شابه كما تسوق بعض القوى السياسية، بل هو قرار سياسي تتحكم به واشنطن وليس صندوق النقد الدولي او البنك الدولي، فاذا حصلت تسوية ما، فان المساعدات تصل خلال 24 ساعة لا اكثر، فالولايات المتحدة وكل الدول الاوروبية حولوا الفساد في لبنان منذ التسعينات وكل السفراء الاميركيين والاوروبيين الذين تعاقبوا على لبنان كانوا يعرفون حجم الفساد والسرقات، ورغم ذلك مولوا لبنان وقدموا له الاموال ولم ينفذ لبنان اي بند اصلاحي في اي مشروع، ورغم ذلك تدفقت الاموال لهدف سياسي مرتبط بالتوطين والسلام مع العدو الاسرائيلي. فلماذا الان؟ وفي هذا التوقيت؟
وحسب المصادر السياسية، هذا هو جوهر الصراع الحالي، وهو سيحدد اي لبنان نريد؟ وهو سيحدد من هو رئيس الجمهورية القادم ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة القادم؟ وبالتالي فان مطلب اجراء انتخابات نيابية مبكرة يعود لاعتقاد واشنطن ان الاهتراء الاقتصادي والجوع سيفرز طبقة سياسية جديدة ستقود البلاد وستنسف كل الواقع القائم، ولذلك فان كل من ساهم من قوى 8 آذار في اضعاف حكومة حسان دياب ساهم عن قصد او غير قصد بالاخلال بموازين القوى لصالح الفريق الاخر ووجه سهاما لنفسه قبل الاخرين ودون ان يدري، فالقضية ليست تعيينات او حصصاً بل تحديد وجه لبنان وتاريخه وموازين القوى فيه، وعلى ضوء هذا الصراع سيتحدد اسماء ولون رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة وكل كلام اخر تفاصيل مملة في الحياة السياسية.
ولكن المصادر، لا تستبعد حصول انفراجات مؤقتة اذا وصلت المباحثات الاميركية – الايرانية الى صفقات صغيرة، لان الصفقة الكبيرة مستبعدة قبل الانتخابات الاميركية، حتى اذا عاد ترامب ونجحت التسوية فان نتائجها لن تظهر الا في منتصف عام 2021. اما في الملف السوري فان الرسائل الاميركية لدمشق لم تنقطع مطلقاً وآخر رسالة «لا نريد تغيير النظام السوري، وساهمت بالصفقة الصغيرة باطلاق محتجزين، لكن في دمشق دولة تدير المرافئ ونجحت بالحد من تداعيات «قيصر» عبر تسويات مع الاكراد وبتسهيل اميركي يسمح بنقل النفط من الرقة الى مناطق النظام وانشاء مصفاة تتولى الانتاج بالاضافة الى انشاء مصفاة جديدة في اللاذقية واحد المساهمين فيها رجل اعمال لبناني كما يقال ولم يكشف عن اسمه، وبالتالي فان الاوضاع الاقتصادية تحسنت نسبياً مع استقرار الدولار وهبوط الاسعار في دمشق.
اما الذين يطالبون بالتصرف باملاك الدولة، فهل يمكن تسليم الخرطوشة الاخيرة لطبقة فاسدة دمرت كل شيء، ومن المسؤول عن وصول احتياط مصرف لبنان الى 17 مليار دولار فقط.
وتشير المصادر ان المشكلة الاساسية اليوم هي في الارتفاع الجنوني للدولار، وتقول المصادر ان الطبقة السياسية بمواليها ومعارضيها، جنت ثروات ضخمة وساهمت في وصول البلد الى حافة الانهيار والجميع راهن على صفقة القرن والتوطين وشطب ديون لبنان وعفا الله عما مضى، لكن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر.. ووصل لبنان الى حافة الانهيار، لان الهدف رأس المقاومة.
وتختم المصادر السياسية، المواجهة صعبة، لكن الانتصار سيكون حتما لمحور المقاومة وسبب «الجنون» الاميركي يعود لتحكم محور المقاومة بطريق الحرير البري بيروت – دمشق – بغداد – طهران، وروسيا والصين بطريق الحرير البحري اي طريق البحر الابيض المتوسط، والموانئ الروسية والصينية في اللاذقية وطرطوس وقريبا في لبنان، وهذا ما سيشعل المواجهة التي ستستخدم فيها كل الاسلحة، ويبقى الامل قبل الانتخابات الاميركية بتسوية لتقطيع الوقت والتفاوض على البارد وليس بالنار.