لا حرية للسفارة ولمنظومتها السياسية والإعلامية
غالب قنديل
الاستسلام لأعراف تدخل السفارات الأجنبية وتطاولها داخل لبنان ومخالفتها لجميع القواعد والتقاليد العالمية المتصلة بأصول العمل الدبلوماسي وضوابطه القانونية الملزمة في احترام سيادة الدول بات تقليدا لبنانيا راسخا تكيفت معه الحكومات والرأي العام في حالة اللادولة واللاسيادة واللااستقلال بل واللاكرامة التي يعيشها لبنان تحت الوصاية الأميركية السافرة.
أولا إن وجود سفارة أميركية هي الأضخم في المنطقة في عوكر يفضح وظيفة استثنائية لطاقم السفارة الأميركية على الصعيد الإقليمي وهي مولجة بقيادة نشاط تجسسي واسع وتنظيم عمليات اختراق واسعة في لبنان وعبره إلى الدول الشقيقة وهذا ما ينطبق بصورة موازية وبنسبة كبيرة على السفارات الفرنسية والبريطانية والألمانية في بيروت وهذه السفارات الغربية بقيادة عوكر تتحرك وتعمل وتنسق في ما بينها في خدمة مشاريع الهيمنة الغربية والصهيونية على الدول العربية وقد اضطلعت بدور مباشر وميداني خلال عدوان تموز 2006 فكانت تنسق خلاله عمل مخبريها وجواسيسها وشبكاتها الإعلامية والسياسية التي تناغمت مع العدوان الصهيوني وعملت لطعن المقاومة في ظهرها عبر استثارة مناخ لبناني عدائي يوظف الانقسام الداخلي لمصلحة خطة الغدر بالمقاومة ومؤازرة العدو.
ثانيا بلغت وقاحة السفراء الأميركيين حدا بالغ الفجور في اطلاق التصريحات والمواقف العدائية والاستفزازية ومخالفة الأصول وتنظيم الحملات السياسية التحريضية عبر وسائل الإعلام المحلية والعربية ومن غير ان يثير ذلك نخوة وزارة الخارجية والحكومات المتعاقبة دفاعا عن كرامة لبنان وشعبه وسيادته الوطنية وامنه الوطني مما شجع السفارة الأميركية على التمادي في تدخلاتها وحروبها المعلنة ضد المقاومة ومناصريها داخل لبنان وهذا امر غير مألوف في أي دولة اخرى تفرض احترام سيادتها حيث من النادر في دول اخرى ذكر السفراء بأسمائهم أو نقل اخبارهم على اوسع نطاق أسوة بالساسة والمسؤولين المحليين بل إن هذه الظاهرة في لبنان اوسع وأكبر تطبش فيها كفة السفراء والقناصل وصالوناتهم العامرة بالضيوف من “الأصدقاء ” والمخبرين.
ثالثا بعدما قدم جيفري فيلتمان للكونغرس في حزيران 2010 صورة عن إنجازته في فتره عمله سفيرا أميركيا في لبنان وتأكيده انه انفق على الإعلام لشيطنة حزب الله نصف مليار دولار خلال السنوات الأربع التي اعقبت حرب تموز باتت الصورة واضحة لجهة حجم الاهتمام بلبنان كمنبر إعلامي للحملات الأميركية ضد المقاومة والغاية هي إبعاد اللبنانيين والعرب عن تأثير المقاومة التي كسبت جولة ثانية من المصداقية والتفوق الميداني والأخلاقي في مقاومة غزوة التكفير الأميركية التي ساهمت في تغطيتها وتفعيلها اوركسترا إعلامية محكمة الربط بالهيمنة الأميركية وحكومات الرجعية العربية وكان نصيب لبنان منها رئيسيا ومركزيا .
لقد عمل عملاء عوكر في الإعلام في جميع ضروب التحريض والتشهير ضد المقاومة ونظموا محاولات تشويه سمعة المقاومة واذا كان فيلتمان قد صرف نصف مليار خلال أربع سنوات يمكن لنا ان نستنتج صرف السفارة الأميركية حتى اليوم لعشرات الملايين كل سنة لوسائل إعلام مرئية ومسموعة ولجرائد ولمواقع إلكترونية ولكتاب وصحافيين في لبنان تجندهم في طابورإعلامي متكامل تصدر إليه الأوامر فيتحرك وفق التعليمات صوب الأهداف المرسومة بالصوت والصورة وبالكلمة المسمومة.
رابعا ما جرى خلال اليومين الماضيين يقول إن هذا الطابور ما يزال نشطا وهو يتحرك بإشارة من عوكر وبعضه يأتيه الإيعازمن مكتب التواصل الأميركي في دبي الذي سبق له ان اشترى مساحات وذمما في الإعلام اللبناني والعربي خلال جولات رئيسه ومؤسسه آدم إيرلي الذي أنشأ خطوط اتصال دائمة بغرف التحرير ومكاتب البرمجة منذ سنوات مقابل فواتير الخدمات المدفوعة وقد زاد جفاف أسواق الإعلان وتراجع التمويل السياسي الخليجي من اعتماد العديد من وسائل الإعلام اللبنانية على تلك الفواتير بكل وقاحة في ظل تعطيل جميع وزراء الإعلام المتعاقبين لآلية الرقابة المالية على مداخيل المؤسسات الإعلامية التي نص عليها القانون 382 / 94 وفقا لما ورد في المادة الثانية والأربعين :
“على الشركة صاحبة الترخيص أن تقدم كل ستة أشهر الى وزارة الاعلام حساب الاستثمار العائد للمؤسسة ولا يدخل في حساب الاستثمار الا المبالغ أو الموارد التي تنتج عن ممارسة المؤسسة لأنشطتها وفقا للمفهوم المهني والقانوني .
وعلى الوزارة المذكورة أن تتأكد مما ورد في الحساب كما عليها أن تتأكد من موارد الاعلانات ومبيع الانتاج الفني أو سواه عند الاقتضاء ، وذلك بجميع طرق التحقق بما في ذلك مراقبة سجلات الشركة صاحبة الترخيص وشركات الاعلانات .
اذا اتضح ان ثمة عجزا ماليا لا يتجاوز ثلاثة أرباع الاموال الخاصة بالمؤسسة حسب موازنتها الأخيرة ، فلوزير الاعلام ان يمنح الشركة صاحبة الترخيص مهلة ستة أشهر تقدم بنهايتها حساب استثمارها . فاذا تبين بعد هذه المهلة ان المداخيل لم تغط نصف هذا العجز يحق لوزير الاعلام أن يطلب الى محكمة المطبوعات اتخاذ القرار بتعليق البث أو الارسال لمدة تقدرها المحكمة على أن لا تتعدى السنة .أما اذا كان العجز يتجاوز ثلاثة أرباع الاموال الخاصة بالمؤسسة فيحق لوزير الاعلام أن يحيلها الى القضاء المختص لاتخاذ القرار بتعليق البث او الارسال فورا دون امهال ولمدة لا تتعدى السنة .يقصد بعبارة العجز المالي العجز المالي المتراكم .”.
ختاما إننا امام قضية سيادة وكرامة وطنية وامن وطني ولسنا امام قضية حريات فلتخرس أبواق السفارة وليصمت عملاؤها ولينتبهوا لعوراتهم المكشوفة على الهواء مباشرة واون لاين.