أيها المسؤولون تمعنوا في المثال الأردني
غالب قنديل
كانت إشارة وزير الخارجية السورية السيد وليد المعلم إلى الموقف الأردني من العقوبات الأميركية لافتة ومعبرة فقد نوه بتصريحات رئيس الحكومة الأردنية التي اكد فيها على التمسك بالعلاقات الاقتصادية مع سورية وعدم الامتثال للعقوبات الأميركية.
اولا يعتبر الحكم الأردني من بين اكثر الدول العربية التصاقا بالغرب وبالسياسات الأميركية في المنطقة وهو يعتمد بنسبة كبيرة في اقتصاده على المساعدات المالية الأميركية والغربية وقد كشفت تقارير اميركية ان مجموع المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأميركية للحكومة الأردنية تخطى مؤخرا المليار دولار في السنة عملا بمذكرات تفاهم موقعة بين عمان وواشنطن كان آخرها قبل عامين خلال زيارة وزير الخارجية الأسبق ريكس تليرسون إلى عمان وهذا الحجم من المساعدات الأميركية هو أضعاف مضاعفة من الفتات التافه والسخيف الذي تقدر به مساعدات الولايات المتحدة للبنان والتي تتكون في جلها من معدات وأسلحة منسقة بعد استخدامها في وحدات الجيش الأميركي وقواعده بل إن بعض المساعدات تضمنت قبل سنوات معدات وعتادا منسقا كان في تصرف الجيش الأردني جيره الأميركيون للجيش اللبناني بعدما استبدلوه بمعدات حديثة سلمت للجيش الأردني.
ثانيا حجم الحاجة الأردنية للمساعدة الأميركية كبير ليس فقط بالنظر لما تصرفه وتحوله إلى عمان حكومة الولايات المتحدة بل أيضا لأن القرار الأميركي بدعم السلطات الأردنية ومساعدتها يلزم حكومات الغرب لتخصيص برامج مساعدة أوروبية متعددة للأردن خصوصا ألمانية وبريطانية والنفوذ الأميركي هو ما يضمن استجابة حكومات الخليج لصرف مساهمات دورية في مالية الحكومة الأردنية بأشكال متعددة ومن خلال اتفاقات دائمة لشراء خدمات التدريب والإعداد العسكري والخبرات الأردنية في مجالات إدارية ومدنية وامنية وتعليمية تشمل قوات الأمن والجيوش والمرافق الخدمية في الخليج بمشورة اميركية وهي توفر مداخيل إضافية للحكومة الأردنية التي طالما احتسبت طرفا رئيسيا وشريكا مهما في الخطط والسياسات الأميركية والغربية المتعلقة بالشرق العربي وبقضية فلسطين.
ثالثا الترابط الجغرافي والاقتصادي والسكاني بين الأردن وسورية يشبه ما هو قائم بين سورية ولبنان والحكومة الأردنية لم تتخط حتى اليوم مساحة الحذر في علاقاتها السياسية بدمشق بعدما تورطت في فصول الحرب على سورية وكانت ساحة مفتوحة لخدمة وتنظيم التدخلات الغربية والخليجية بواسطة الجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية ولكن سورية أبقت على جميع الروابط الطبيعية بين البلدين ولم تقصر في تلبية طلبات أردنية خلال الحرب ورحبت ببوادر التنسيق الأمني والسياسي التي أظهرت السلطات الأردنية استعدادا للتحرك لإحيائها عندما شرعت تدرك حقيقة انهزام العدوان وأدواته وتفكك الحلف الغربي الخليجي الصهيوني الذي قاده وأنشا في خدمته منصات ومعسكرات وخطوط تهريب وتخريب على الأرض الأردنية ساهمت عمان في تفكيكها لاحقا بالتوازي مع بلوغ الجيش العربي السوري وعملياته مرحلة تحرير المناطق المتاخمة للحدود الأردنية.
رابعا رغم كل ما تقدم تستشعر الحكومة الأردنية مصلحة مباشرة اقتصادية واجتماعية بحماية التواصل الطبيعي مع سورية من بطش العقوبات الأميركية ويملك رئيس حكومتها الصديقة للغرب وللولايات المتحدة شجاعة إعلان التمسك بالشراكة مع سورية وبالتالي عدم الالتزام بالعقوبات الأميركية بينما يثير الموقف اللبناني الخانع والمتردد شفقة وأسى محزنين ويظهر علينا بعض السخفاء المتخفين بأثواب الخبراء والمحللين ليبخسوا مقدار الحاجة اللبنانية لسورية وليتحدثوا عن تهريب مزعوم للدولار إلى سورية ليربطوا به شح العملة الأميركية في لبنان وارتفاع سعرها على حساب الليرة اللبنانية بينما هم يتجاهلون بكل وقاحة حقيقة وجود ما يربو على عشرين مليار دولار من ودائع الأشقاء السوريين باتت مجهولة المصير في القطاع المصرفي اللبناني المنهار كما يخفون وينكرون النتائج الثمينة المحتملة لأي تعاون لبناني سوري في مجالات الصناعة والزراعة والري والطاقة وما يمكن حصاده من أي تنسيق او تعاون وشراكة في مختلف الأنشطة الإقتصادية الإنتاجية والخدماتية.
خامسا بالمناسبة إن طابور المعترضين على خطاب التوجه شرقا من اللبنانيين هم حثالة اتباع الغرب في المنطقة الذين يظهرون ولاءا يتخطى حدود ما يطلب أسيادهم ومعلموهم ويتطوعون بحملات تخويف وتوهين تخريبية لأنهم لايقيمون حسابا لمصالح بلادهم ولو كانت لديهم ذرة كرامة أو حرص مما لدى اهم أصدقاء الغرب من حكومات المنطقة أي الحكومة الأردنية لتصرفوا بصورة مختلفة وما يؤلم ويثير التعجب ان يستحق الموقف الأردني تنويها حارا من دمشق بينما عكس الوزير المعلم خيبة ومرارة واضحتين من سلبية الموقف اللبناني ثم أبقى اليد ممدودة إلى الحكومة اللبنانية التي اكد ان امر العلاقات الثنائية والموقف من العقوبات متروك لها قيد ترقب سوري لبادرة اخوة لم تصدر أي إشارة إليها من الحكومة أورئيسها بما يستحق التصدي للحصار المضروب على لبنان وليس على سورية بمفردها بالحد الأدنى.
ختاما نقول هاتوا موقفا مثل الموقف الأردني ولا نريد منكم ان تكونوا لا مثل كوبا ولا كوريا ولا سورية ولا إيران في مجابهة الغطرسة الأميركية.