مرتزقة السفارات يُطلّون برؤوسهم من جديد!: د. عدنان منصور
أن يخرج العملاء والانتهازيون، والوصوليون، والمتعطشون للسلطة، والمنافقون الطائفيون المؤجّجون للنعرات المذهبية، من مرتزقة السفارات، وعملائها وجواسيسها، دفعة واحدة، يعزفون جميعهم على أوتار تنسجم بالكامل مع أوتار أوركسترا جهات دولية خارجية، متربصة بلبنان وشعبه ومقاومته، لإعطائها الضوء الأخضر، والدعم المطلق والصريح، لكلّ ما تريد أن تقوم به الولايات المتحدة من إجراءات، تنفذها حيال لبنان وشعبه، واقتصاده، ومقاومته، وتحديداً حزب الله وحلفاءه، فهذا سلوك ليس مفاجئاً او غريباً على هذه الجوقة السياسية.
إنّ مرتزقة السفارات، ما أن سمعوا بقانون قيصر، حتى انفرج حقدهم، وانفرجت معه أساريرهم، ليندفع كلّ واحد منهم، يتسابق ليصبّ جامّ غضبه على المقاومة وحلفائها، محمّليها المسؤولية، على ما وصلت اليه الأوضاع الاقتصادية، والمالية والمعيشية، والنقدية المتدهورة في لبنان، لتصل الوقاحة بأحد الوصوليين الانتهازيين المتعطشين للسلطة، المراهن على موقعه فيها مستقبلاً، ليذهب بعيداً في تصريحاته وتغريداته، وهو يطلّ على أبناء العاصمة بيروت، ليؤجج نار الفتنة المذهبية، ويعود بعقارب التاريخ الى 1400 عام مضى، ليثير النعرات الطائفية والمناطقية، وهو يحضّ أبناء بيروت على الانتفاضة، ويعلن النفير، ويدقّ ناقوس الخطر، مبدياً غيرته عليهم، تجاه «الجحافل» القادمة التي تهدّد بيروت!
لا يحقّ لأيّ عميل مهما علا شأنه أن يروّج لنفسه من باب إثارة الكراهية والضغينة في نفوس أبناء الوطن الواحد، مستنهضاً الدين والمذهبية والحساسية لتبخير وتعظيم مواقفه المشبوهة.
نقول لكلّ متذبذب انتهازي يناصب العداء للمقاومة،، تقلقه «الجحافل»: هل المقاومة مَن صادرت أرزاق وعقارات أبناء بيروت الشرفاء، وأفقرتهم وأبعدتهم ورحّلتهم الى خارج العاصمة، بعد أن ضاقت وسدّت أبواب الرزق عليهم من قبل حيتان المال والسلطة، وقوانين الاستملاكات للأملاك الخاصة، ليجدوا أنفسهم مكرهين للبحث عن أماكن أخرى يسكنونها، فكانت وجهتهم إلى عرمون ودوحة الحص والناعمة والدبية والسعديات والرميلة وصولاً إلى صيدا… ليقل لنا، هل يرضى أن ينعت سكان هذه المدن والقرى، الوافدين من بيروت وغيرها «بالجحافل»! فلماذا هذا الحقد الدفين، وهذه العنصرية القبيحة المتجذّرة في نفوسكم وعقولكم!
إنكم تحمّلون كلّ شيء للمقاومة، وترمون عليها فسادكم، وصفقاتكم، ونهبكم، وكلّ موبقاتكم، لتظرفوا صورتكم القبيحة أمام الناس، وتبعدوا عنكم الشبهات والتهم، ولعنات الجائعين المنهوبين المغبونين المهمّشين، التي تصبّ عليكم وتلاحقكم وأنتم في منامكم…
قولوا لنا يا مرتزقة السفارات، هل المقاومة وعناصرها وحلفاؤها، من أشعلوا الحرائق في الممتلكات، وتكسير المحال الخاصة والعامة، واستفزوا قوى الجيش والأمن ورموهم بالحجارة! وهل هم من أطلقوا الشتائم والسباب يميناً وشمالاً، واستهدفوا القوى الأمنية مباشرة بالمفرقعات! قولوا لنا، من حرّك وشغّل وموّل وحرّض الجماعات المشبوهة على قيامها بأعمال الشغب والفوضى العارمة، وزعزعة أمن البلد، واستقراره ووحدة شعبه! ومن هو الذي استقدم «الجحافل» التي قدمت من الشمال الى بيروت! وهل المقاومة هي التي فعلت ذلك!
قولوا لنا يا مرتزقة السفارات، يا مَن تريدون القضاء على المقاومة نهائياً وبأيّ وسيلة كانت، ما الذي فعلتموه لتحرير الأرض من المحتلّ الصهيوني! من منكم يجرؤ على القول أن لكم أشخاصاً شاركوا في تحرير الأرض من المحتلين! شهداء الأرض والأمة لا يشبهونكم مطلقاً. عجينتهم وجيناتهم الوطنية الخالصة، ومعدنهم، وولاؤهم للأرض والشعب، غير عجينتكم، ومعدنكم، وولائكم، وجيناتكم الممزوجة بجينات أسيادكم.
حراس الوطن والأرض لا يشبهون مطلقاً روّاد الجزر الترفيهية، وشواطئ العراة، وأندية القمار، ولا روّاد علب الليل، والراكضين وراء الصفقات، والسمسرات، والارتزاق، والنهب الواسع للمال الحرام، حيث يعاني البيروتيون، جراء هذا النهب، الفقر المدقع، والإحباط واليأس قبل غيرهم من اللبنانيين.
قولوا لنا يا مرتزقة السفارات! أيّ لبنان تريدون وتطمحون إليه؟! أنتم تريدون لبنان جمهورية موز، مستباحاً من قبلكم، ومن قبل أسيادكم، وكلّ العملاء العاملين والمرتزقة في صفوفهم. وما وضعنا الحالي إلا نموذج حي لما اقترفته أياديكم وأنتم تمارسون السلطة داخلها وخارجها.
قولوا لنا يا مرتزقة السفارات! أهي المقاومة التي فرّغت لبنان من ماله وثروته، وسرقت واستولت على ودائع وجنى عمر شعبه !
انّ من فرّغ عشرات الآلاف من سكان بيروت، تحقيقاً لمصالحه، ودفعهم الى مناطق أخرى، وإجبارهم على تركها بحثاً عن الرزق في بلدان الاغتراب، على استعداد في كلّ لحظة، ودون قيد أو شرط او تردّد، ان يعمل مع العدو، وينسّق معه على تفريغ لبنان من مقاومته، والمساومة على أرضه وشعبه.
يا مرتزقة السفارات، والمتعطّشين للسلطة، تريدون كلّ شيء، إلا الكرامة التي وفرتها المقاومة لكم وللوطن كله، وآثرتم طعنها والتخلي عنها، والتضحية بها في احلك الظروف.
لقد وجدتم في قانون قيصر ملاذاً رحباً لكم، حيث أعطيتم الأعذار للقانون بتصريحات حق، أريدَ منها باطل. لتقولوا للناس، إنّ هذا القانون ما جاء إلا كردّ فعل على وجود المقاومة وسلاحها، وسيطرتها على البلاد، ودعم حلفائها لها، ليطالبوا بعد ذلك، بخبث شديد، نزع سلاحها، وملاحقة قياداتها، وتتبّع تحركاتها، وفرض المزيد من العقوبات عليها، ومحاصرة المغتربين المتعاطفين معها، وتضييق الخناق المالي عليهم وعلى أعمالهم.
يا مرتزقة السفارات، تطالبون بتطبيق القرار 1959 و1701 وتغضّون النظر عن انتهاكات العدو لهذه القرارات يومياً! تطالبون بإقفال معابر التهريب مع سورية، ونشر قوات دولية على طول الحدود المشتركة، وتعربون عن نياتكم بالالتزام بقانون قيصر وعقوباته على سورية، وتتجاهلون تداعياته السلبية على لبنان واللبنانيين، وعلى اقتصاده وتجارته، جراء تعطيل رئته الوحيدة مع سورية.
إنكم قيصريون أكثر من قانون قيصر، وهمّكم الوحيد السلطة والمال والجاه، ولا شيء غيره، وإنْ أدّى هذا الى قطع رقاب اللبنانيين.
لم يجد العالم سلوكاً قذراً، أقذر من سلوككم، حيال مقاومة شعب، فيما حكام دول العالم وشعوبها، يعتزون ويفخرون ويتباهون بمقاومتهم، يغنونها ويردّدون نشيدها في كلّ مناسبة، إلا أنتم، تفضلون العيش وسط العمالة، والتبعية، والعيش بين الحفر، ومستعدّون لبيع الوطن والمساومة على قضاياه المصيرية، في سوق السياسة الداخلية والخارجية وشعابها، لقاء منصب او صفقة او سلطة، حتى إذا ما انتهى دوركم، ترككم أسيادكم على قارعة الطريق، بعد أن يكون قد أعطاكم حفنة من التقديمات، وأخذ منكم كرامتكم التي تعنيه هو ولا تعنيكم.
يا مرتزقة السفارات! ليست المقاومة هي علة الوطن وشعبه. كلّ العلل جاءت منكم، من سياساتكم، وسلوككم، من سرقاتكم وفسادكم واختلاساتكم، من عمالتكم وخيانتكم التي أدمنتم عليها، وتعايشتم معها، حتى أصبحتم لبعض السفارات، مرتزقة بامتياز تخدمون كالعبيد مصالح بلدانها، وتقضون بالتالي على المصالح العليا للوطن والشعب.
(البناء)