واشنطن بوست: ترامب قد يدخل التاريخ كآخر رئيس للكونفدرالية
كتب يوجين روبنسون وهو كاتب عمود في صحيفة “واشنطن بوست” مقالة في الصحيفة بعنوان “ترامب قد يدخل التاريخ باعتباره آخر رئيس للكونفدرالية“.
والولايات الكونفدرالية الأميركية (1861 – 1865) هو الاسم الذي اختارته ست ولايات جنوبية من الولايات المتحدة للاتحاد في ما بينها بسبب قرار الرئيس الأميركي ابراهام لنكولن منح الحرية للعبيد. وقد انسحبت هذه الولايات من حكومة الولايات المتحدة الأميركية ونظمت حكومتها في مونتغمري، ألاباما في شباط / فبراير عام 1861، لأنها خشيت أن يؤدي انتخاب لنكولن ـ وهو رئيس جمهوري ـ إلى تقييد حقهم في فعل ما يشاؤون فيما يتعلق بمسألة الرق.
وقال روبنسون: “كان ينبغي أن يحدث ذلك قبل 155 عاماً، عندما استسلم روبرت إي لي لأوليسيس إس غرانت في أبوماتوكس، ولكن ربما فقط انتهت الحرب الأهلية أخيراً. وربما سيدخل دونالد ترامب، وليس جيفرسون ديفيس، في التاريخ باعتباره آخر رئيس للكونفدرالية“.
وأضاف أن الرموز مثل الأعلام والمعالم مهمة، لأنها ترمز إلى رؤيتنا لأنفسنا كأمة: الأبطال والمعارك والحركات والتضحيات والمثل التي نكّرمها. لذلك عندما أرى حشوداً متعددة الأعراق تسقط تماثيل الجنود والسياسيين الكونفدراليين، عندما أرى قادة عسكريين محترمين يجادلون بأن مواقع الجيش لا يجب أن تحمل أسماء الجنرالات الكونفدراليين، .. أترك الأمل ينتصر على التجربة، وأسمح لنفسي أن أتخيل أن هذه ربما تكون لحظة تحول بالفعل“.
ورأى الكاتب أن رمز “القضية الضائعة” أي روبرت إي لي، قضية الكونفدرالية، على غرار الحرب الأهلية الأميركية نفسها، يتعلق ببساطة وبشكل كامل بالتفوق الأبيض، وان ذلك لا علاقة له بـ “التراث” أو “التقليد” أو أي هراء شاذ من هذا القبيل. فلم يكن لحشد “تحرير ميشيغان” المدججين بالسلاح الذين غزوا مبنى الولاية في لانسينغ، وبدافع من الرئيس دونالد ترامب، أي سبب تاريخي للتلويح بالعلم الكونفدرالي. تمثل هذه اللافتة أو العلم الركبة التي بقيت على أعناق الأميركيين الأفارقة ليس فقط لمدة ثماني دقائق و46 ثانية، وهو الوقت الذي قضى فيه ديريك تشوفين في سحق حياة جورج فلويد، ولكن لمدة 401 عام.
فاستسلام روبرت لي لم ينهِ شيئاً، لأن الأمة لم تبدأ حتى في التعامل مع التفوق الأبيض. فقد خنقت إعادة الإعمار في مهدها ولم تتم محاولة المصالحة العرقية الحقيقية حتى. لم يتم نصب تمثال رئيس الكونفدرالية الجنوبية خلال الحرب الأهلية، جيفرسون ديفيس في ريتشموند، الذي أسقطه المتظاهرون ليلة الأربعاء، حتى عام 1907. مثل كل آثار القضية المفقودة تقريباً، تم بناء هذا التمثال خلال الحقبة الانتقامية، عندما كان البيض الجنوبيون يحتفلون بهيمنتهم المستعادة على الأميركيين الأفارقة عبر قوانين جيم كرو القمعية وإرهاب حركة “كو كلوكس كلان” اليمينية المتطرفة.
يتذكر الكثيرون أن العلم الكونفدرالي في ولاية كارولينا الجنوبية قد أزيل في عام 2015 بعد مذبحة بحق تسعة من المصلين الأميركيين من أصل أفريقي من قبل متعصب أبيض في كنيسة في تشارلستون. قلة يدركون أن العلم العنصري قد تم تثبيته في مقر الدولة ليس في عام 1861 ولكن بعد ذلك بقرن، في عام 1961، عندما كان السود الكارولينيون مثل والداي مثارين من أجل حق التصويت.
أثار مقتل فلويد لحظة وطنية في الحساب مع عنف الشرطة والتفوق الأبيض. لكن موقف إدارة ترامب هو أن العنصرية النظامية لا وجود لها حتى، فمشاكلنا العرقية غير المفحوصة والتي لم تتم معالجتها جميعاً يتم خفضها إلى “حالات فاسدة” قليلة هنا وهناك.
ربما في محاولة لكسب ميزة سياسية. وربما، كما يشير الكثير من الأدلة، لأن هذا ما يعتقده حقاً، استخدم ترامب هذه اللحظة إلى جانب التفوق الأبيض في “القضية الضائعة” تبدو تغريداته مثل جورج والاس عندما كان حاكم ولاية ألاباما. ويذكرني مطلبه برد عسكري على الاحتجاجات بـ”وول كونور”، مفوض برمنغهام للسلامة العامة الذي هاجم المتظاهرين الحقوقيين غير العنيفين بخراطيم المياه والكلاب الشريرة.
وعندما تم الإبلاغ عن أن مسؤولي الجيش رفيعي المستوى منفتحون على تجريد أسماء الجنرالات الكونفدراليين من المواقع العسكرية، رد ترامب على الفور وغرد يوم الأربعاء أنه “لن يفكر حتى في إعادة تسمية هذه المنشآت العسكرية الرائعة والأسطورية“.
ادعى ترامب، بشكل مثير للسخرية، أن هذه الأسماء هي إلى حد ما جزء من “تاريخ الانتصار والنصر والحرية”. قد يكون جاهلاً تاريخياً بما يكفي لعدم معرفة أن الجنرالات المعنيين كانوا خونة مشهورين بالمعارك التي خسروها مثل أي من انتصاراتهم. فالانتصار النهائي كان للاتحاد، وليس الكونفدرالية؛ وكان الهدف من التمرد هو حرمان الأميركيين الأفارقة من الحرية. أو قد يعرف هذه الحقائق ولكنه يعتقد أن قاعدته السياسية لا تعرف.
بعد ذلك بساعات فقط، حظرت “ناسكار” العلم الكونفدرالي. إذا كان هناك مكان رياضي واحد قد يفكر فيه ترامب كمساحة آمنة، فسيكون سباق ناسكار..
يجب أن يشعر ترامب بالحيرة.. وإذا اتضح أن “القضية الضائعة” قد فُقدت حقاً أخيراً، فإن الرئيس هو الذي جعل نفسه بطلاً.