مجلس الوزراء شكل خلية ازمة لمتابعة الوضعين المالي والنقدي
اتخذ مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية التي عقدت بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب والوزراء، تدبيرا لخفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية على ان يبدأ مصرف لبنان بضخ الدولار في الاسواق ابتداء من الاثنين المقبل.
واكد الرئيس عون خلال الجلسة، ان “ما حصل جعلنا نتساءل هل الرقم الذي اعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها، لينزل الناس الى الشوارع للاعتراض فحصلت مواجهات واعمال شغب؟ ما يدفعنا الى السؤال: هل هناك لعبة سياسية ام مصرفية او شيء آخر يجدر بنا التفكير فيه؟“.
اضاف: “بدا الاعتراض في الشارع وكأنه منظم ويستهدف الحكومة، لان خبراء اكدوا انه لا يمكن للدولار ان يرتفع قياسا الى الليرة اللبنانية الى هذا الحد”، واشار الى ان هذه الحكومة سوف تطمئن الجمهور، ويفترض ان يتراجع سعر صرف الدولار تدريجا“.
من جهته، اعتبر الرئيس دياب ان “ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة الذي احدث ضجة في البلاد، لا تسقط حكومة فحسب، بل تودي بالبلد بالكامل”، وقال: “البلاد لم تعد تحتمل خضات اضافية ومطلوب اجراءات قاسية لوضع حد لاي شخص او جهة تلجأ الى احداث خضات. لا بد من اتخاذ اجراءات عملية تعطي مناعة اكبر للحكومة والدولة لمواجهة خضات من هذا النوع“.
وبعد انتهاء الجلسة، تحدثت وزيرة الاعلام منال عبد المصد الى الصحافيين فقالت: “استكمل مجلس الوزراء في قصر بعبدا بعد ظهر اليوم، الجلسة التي كانت عُقدت قبل الظهر في السرايا الكبير. ترأس الجلسة رئيس الجمهورية في حضور رئيس مجلس الوزراء والوزراء.
في مستهل الجلسة، تحدث رئيس الجمهورية عما حصل امس نتيجة ارتفاع سعر الدولار من دون اي مبرر، ما جعلنا نتساءل هل الرقم الذي اعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها، لينزل الناس الى الشوارع للاعتراض فحصلت مواجهات واعمال شغب؟ ما يدفعنا الى السؤال: هل هناك لعبة سياسية ام مصرفية او شيء آخر يجدر بنا التفكير فيه؟
واضاف رئيس الجمهورية: بدا الاعتراض في الشارع وكأنه منظم ويستهدف الحكومة، لان خبراء اكدوا انه لا يمكن للدولار ان يرتفع قياسا الى الليرة اللبنانية الى هذا الحد، ما يدل على وجود ما يجعلنا نعمل لمواجهة اي خطة وراء ذلك ونتنبه الى ذلك.
وقال رئيس الجمهورية: لقد توصلنا الى تدبير سيبدأ تنفيذه يوم الاثنين المقبل حيث ستتم تغذية السوق بالدولار من مصرف لبنان. هذه الحكومة سوف تطمئن الجمهور، ويُفترض ان يتراجع سعر صرف الدولار تدريجا.
واعتبر رئيس الجمهورية ان مسؤولية ما حصل ماليا توزع على ثلاث جهات: الحكومة، مصرف لبنان، والمصارف. وبالتالي فإن الخسائر يجب ان تتوزع على هذه الجهات وليس على المودعين، مذكرا بما حل بالاقتصاد اللبناني نتيجة الاقتصاد الريعي.
واضاف: لقد ورثنا إرثا ثقيلا لكننا لن نتهرب من المسؤولية ويجب ان يساعدنا اللبنانيون لمعالجة الوضع الناشىء، علما اننا لا نتحمل مسؤولية ما حصل. سنبقى متضامنين لتأتي المعالجة لمصلحة الشعب اللبناني.
وتحدث رئيس الحكومة مشيرا الى ان جلسة بعد الظهر هي استكمال لجلسة قبل الظهر التي دعونا اليها حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف ونقابة الصيارفة، حيث دار الحديث حول ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة الذي احدث ضجة في البلاد، لا تُسقط حكومة فحسب، بل تودي بالبلد بالكامل.
واضاف رئيس الحكومة: البلاد لم تعد تحتمل خضات اضافية ومطلوب اجراءات قاسية لوضع حد لاي شخص او جهة تلجأ الى احداث خضات. لا بد من اتخاذ اجراءات عملية تعطي مناعة اكبر للحكومة والدولة لمواجهة خضات من هذا النوع“.
وعلى الاثر ناقش مجلس الوزراء الاوضاع المالية والنقدية والتدابير الواجب اتخاذها وقرر ما يلي:
1- تكليف وزيرة العدل، وسندا للمادة 14 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، الطلب من النائب العام التمييزي اجراء التعقبات بشأن ما اثير ويُثار من وقائع ملفقة او مزاعم كاذبة لاحداث التدني في اوراق النقد الوطني، والذي ادى الى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وغيرها من الافعال الجرمية المنصوص عنها في الباب الاول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، تمهيدا لاحالة ما ينتج عن تلك التحقيقات من دعاوى على القضاء المختص بما فيه المجلس العدلي.
2- تشكيل خلية ازمة برئاسة وزير المالية وعضوية وزير الاقتصاد والتجارة، وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية، وزير الصناعة، وزيرة الاعلام، حاكم مصرف لبنان، رئيس جمعية المصارف، نقيب الصرافين في لبنان والمدير العام للأمن العام تكون مهمتها متابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات، على ان تجتمع هذه الخلية في وزارة المالية مرتين في الاسبوع على الأقل، ويقدم من خلالها حاكم مصرف لبنان تقريرا مفصلا عن تلك التطورات وترفع خلاصة عملها بشكل دوري الى رئيس مجلس الوزراء تمهيدا لعرض الموضوع على مجلس الوزراء.
3- الطلب من الأجهزة الأمنية على اختلافها وتنوعها التشدد في قمع كل المخالفات المتعلقة بالجرائم المشار اليها في البند الاول أعلاه وإحالتها فورا على المراجع القضائية المختصة، تمهيدا لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين، لا سيما مصادرة العملات الاجنبية التي يثبت أنها شكلت موضوع تلك الجرائم.
4- إن مجلس الوزراء وبعد أخذه علما (أ) بما أكده نقيب الصرافين في جلسة المجلس الصباحية لناحية الالتزام بالتعميم الصادر عن حاكم مصرف لبنان بتاريخ 09/06/2020 (ب) بما تعهد به حاكم مصرف لبنان في تلك الجلسة والتزم به لجهة تأمين الضخ الفوري للعملة الاجنبية (الدولار الاميركي) في السوق المحلية بسعر ينخفض تدريجيا ويبدأ عند سعر صرف قدره 3،850 ليرة لبنانية للدولار الواحد لتتمكن المصارف والصرافين من البيع بسعر أقل من 4،000 ليرة لبنانية (ج) بما أكده أيضا الحاكم في الجلسة عينها من أن التدفقات النقدية الى الحسابات في المصارف هي اموال جديدة (Fresh Money) يرعاها التعميم الصادر بهذا الخصوص عن مصرف لبنان برقم 554 تاريخ 11/5/2020، وبعد أخذ مجلس الوزراء علما بكل ما تقدم، يؤكد أهمية سلامة النقد وسوف يتخذ كل التدابير التي من شأنها ترتيب المسؤولية الواجبة في حال اخلال كل ملتزم بما تعهد به“.
حوار
ثم دار بين الوزيرة عبد الصمد والصحافيين الحوار الآتي:
سئلت: ما هي التدابير التي ستتخذ؟ وهل مجلس الوزراء سيظل يلوح بإقالة حاكم مصرف لبنان في حال تراجع عن تعهداته؟
أجابت: “مجلس الوزراء لم يلوح بإقالة حاكم مصرف لبنان، ونحن هدفنا أكل العنب. لذلك، نبحث في اجراءات تدريجية، وكل مرة لا ينفذ اجراء نتخذ اجراء آخر أشد صرامة. ما اتخذناه اليوم يرتكز على التعميم الذي اصدره حاكم مصرف لبنان في 9 حزيران واكد عليه في 11 حزيران، والذي يشير الى نوعين من الصرافين: المرخصون وغير المرخصين. ووضع آلية للصرافين المرخصين للحصول على الاموال. واليوم، كان هناك وعد بإضافة كمية هذه الاموال، ووضعها بتصرفهم اعتبارا من يوم الاثنين. وفي حال الاخلال بأي موجبات من قبل الصرافين المرخصين، سيتم اتخاذ الاجراءات اللازمة بحقهم بحسب تعميم الحاكم، والتي تقضي بالاحالة على الهيئة المصرفية العليا وسحب الرخصة. وبالنسبة الى الصرافين غير المرخصين، سيتم اتخاذ اجراءات قانونية وامنية وقضائية، وهذا ما تطرقنا اليه في قراراتنا في البندين الاول والثالث اللذين يتحدثان عن اجراءات امنية ورقابية وقضائية صارمة لوضع حد للاخلال الحاصل، لأن السبب الاكبر لما يجري هو التفلت غير الشرعي للعمليات وبعض التجاوزات“.
سئلت: هل تدرك الحكومة أن هناك عصابات تقوم بتهريب الدولار الى سوريا، وأن الدولارات التي سيضخها مصرف لبنان هي من ودائع اللبنانيين؟ فماذا لو وصلت الامور الى استنزاف احتياطي المصرف ونزع الدعم عن السلع الاساسية؟ ولماذا الضغط على مصرف لبنان لضخ العملة؟
أجابت: “نعمل على معالجة المشكلة. وطبعا، إن موضوع ضخ العملة ليس كافيا إذا كان هناك تفلت في مكان آخر، او ان هذه الاموال تذهب بطريقة غير شرعية الى اماكن اخرى. قلنا إنه سيتم ضخ الدولار من جهة. ومن جهة اخرى، سيتم ضبط العمليات والتجاوزات غير الشرعية كي لا نترك مجالا لذهاب اموال اللبنانيين الى الخارج او بطريقة غير شرعية الى اماكن اخرى. وهناك ايضا اساءة التصرف عن قصد من قبل بعض الجهات في لبنان، بهدف زعزعة الاستقرار النقدي في البلاد، والتي هي جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات. اذا هناك جملة اجراءات، ولا يقتصر الامر على ضخ العملة“.
سئلت: ان التدابير المتخذة تكاد تكون نفسها كل مرة، فلماذا لا يتم وضع ضابطة سياسية امنية قضائية لضبط الوضع؟
اجابت: “ان هذه الضابطة هي عبارة عن البنود الاربعة للقرار الصادر اليوم، فالرقابة الامنية والقضائية تم التطرق اليهما في البندين الاول والثالث، فيما البند الثاني تضمن انشاء خلية ازمة بالتكافل بين الحكومة ومصرف لبنان وكل الاجهزة المعنية امنيا واداريا، لمتابعة الموضوع والتحقق من تنفيذ الاجراءات التي تم وضعها. واعتبر انه بحسب المداولات في الجلسة وكلام فخامة الرئيس حول تضخيم سعر الصرف، هناك خوف تم خلقه في البلد تنامى وفق الطبيعة البشرية، ولا أعتقد أن بين ليلة وضحاها تم طلب الدولار الاميركي بهذه الوتيرة الكبيرة، فهناك طلب افتراضي يلاحق الطلب الفعلي، ومن الواجب تخفيفه لصالح الطلب الذي يقوم به التجار الذين يحتاجون الى الدولار لتأمين استمرارية عملهم“.
سئلت: قيل إن هناك نحو 20 مليون دولار في مصرف لبنان مخصصة للنفط والدواء والطحين، أليس هناك من خشية إذا ما تدخل المصرف في السوق على الامنين الغذائي والدوائي؟
أجابت: “هذا الموضوع لم يكن مدار بحث اليوم، بل الاجراءات الواجب اتخاذها في ضوء الهلع والخوف الذي ساد امس، وطمأنة الناس. وبالنسبة الى السؤال، الدولة تتخذ اجراءات وتدعم مواد معينة لجذب رؤوس أموال اجنبية بالعملة الصعبة، فالهدف ليس الصرف من الاحتياطي، بل اعادة الثقة، وهو امر لا يحصل بين ليلة واخرى، ولكن من المهم السير بخطى بناء اسس داعمة لاقتصاد منتج قادر على جلب العملة الصعبة الى لبنان“.
قيل لها: المواطن يرغب في معرفة ما حصل تحديدا بالأمس.
اجابت: “كنا نتابع مثلكم ما جرى من احداث، والقوى الامنية قامت بدورها. واتمنى على وسائل الاعلام، ومن موقعي كوزيرة للاعلام وحرصي على هذا القطاع، أن نكون مسؤولين ونلعب دورا ايجابيا من خلال عدم المبالغة في بعض الأمور السلبية التي يمكن أن تؤدي الى نتائج وخيمة على البلد ككل“.
سئلت: لماذا لا تتوزع المسؤوليات كي لا يتكرر ما حصل؟
أجابت: “يتم توزيع المسؤوليات بشكل متواز ووفق صلاحيات كل جهة، بدليل توقيف ستة صرافين غير شرعيين وتمت متابعة الموضوع خلال انعقاد الجلسة. ولا يمكننا بالتالي التشكيك بأي اجراء تقوم به أي جهة تؤدي عملها، فهناك مسؤولية وطنية على الجميع، وكلنا جزء من هذا الدور ومشكورون على كل جهد من أجل خدمة البلد”.