“المستقبل” ينتظر «عودة» الرياض .. جنبلاط «محايد» .. وبهاء و14 اذار “ضعفاء”..: ابراهيم ناصرالدين
واشنطن تخسر «جولة» امام حزب الله : سقوط الرهان على انقلاب داخلي
الحريري يُقدّم للسعوديين «ادلة» على «التمدّد» التركي في «البيئة السنية»
خسرت الولايات المتحدة جولة جديدة من المواجهة المفتوحة مع حزب الله يوم السبت الماضي، بعدما ثبت ضعف القوى المحرضة ضد سلاح المقاومة في تحويل «الصراخ العالي» الى فعل على ارض الواقع، واذا كانت البلاد قد نجت من «فتنة» لم تتضح بعد كامل معالمها بفعل تداخل العوامل الداخلية بالخارجية وبروز اخطاء «تكتيكية» بفعل بعض «الجهلة» الذين كادوا يضيعون ليلا «الارباح» التي تحققت نهارا بعدما انتهت التظاهرات «الهزيلة» الى نتيجة واضحة مفادها ان تحويل «شعارات» «الانتفاضة» من الجوع والفساد الى سلاح حزب الله، «بضاعة» كاسدة لا يمكن الترويج لها او تسويقها لاحداث انقلاب داخلي، بدليل ان غالبية الاحزاب السياسية المناوئة لحزب الله وفي مقدمتها القوات اللبنانية والكتائب «غسلت يديها» من «دم هذا الصديق» علنا، كي لا تتحمل وزرالفشل الذي بدات ملامحه بالتظهر ليل الجمعة – السبت، بعدما اتضح ان التعبئة المطلوبة في المناطق السنية قد فشلت بفعل دخول تيار المستقبل بقوة على «خط» «سحب البساط» من تحت «حركة» بهاء الحريري المستجدة في الشارع وتم العمل على نحو غير مسبوق لتعريته واظهار ضعفه التمثيلي في «البيئة الحاضنة» للتيار «الازرق»…
طبعا الاحداث الامنية المتنقلة مساء تلك الليلة فاجأت الجميع بعدما خرجت الامور عن «السيطرة»، تقول اوساط معنية بالملف، بفعل تواطؤ غير معلن بين كل الاطراف السياسية الفاعلة على الارض بما فيهم «الثنائي الشيعي»، وتيار المستقبل، تلك الجهات كانت مهتمة في تفريغ الحراك «المسموم» من محتواه والاستمرار في ادارة «اللعبة» السياسية والميدانية وفق قاعدة «ربط النزاع» المستمرة منذ سنوات والتي استطاعت رغم كل «العواصف السياسية» تحييد «الشارع» عن اي انفجار مذهبي يدخل البلاد في الفوضى، وكانت مصلحة الجميع تتلاقى عند نقطة جوهرية عنوانها منع اضعاف التيار «الازرق» لمصلحة حركة جديدة يقودها بهاء في اطار استراتيجية «مبهمة» الاهداف حتى الان خصوصا ان المعطيات الامنية الجادة تشير الى عدم وجود دعم خليجي مباشر او بالمواربة مع هذا التحرك، مقابل مؤشرات ملموسة عن دخول الاستخبارات التركية على «الخط» لدعم هذه المجموعات لخدمة «التمدد» التركي على حساب الدور السعودي في لبنان..
وفي هذا الاطار، تفيد المعلومات بان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، سبق وناقش هذه المعطيات مع السفير السعودي في بيروت الوليد البخاري عندما زاره مؤخرا في «بيت الوسط» ليؤكد له عدم علاقة المملكة بحركة بهاء السياسية والمالية في «البيئة السنية»، وقد فعل الحريري اتصالاته مع الطاقم السياسي والامني في السفارة السعودية بعد احداث «السبت الاسود»، وارسل في اليوم التالي احد المسؤولين الميدانيين الناشطين في تيار المستقبل والذي يتولى مسؤولية تنسيقية مع الاجهزة الامنية الرسمية، وغير الرسمية، الى مبنى السفارة حيث اجتمع مع الضابط المسؤول عن الملفات الامنية وقدم ما لديه من معلومات تفصيلية عن دور تركي في تحريك «الاحداث» من خلال بعد القيادات الفاعلة في الحركة التي يقودها بهاء خصوصا في الشمال..
وفي هذا السياق، تقاطعت معلومات «المستقبل» مع معطيات السفارة السعودية، ويأمل رئيس «التيار الازرق» بان تساهم هذه المعطيات في تغيير الموقف السعودي بالابتعاد عن الساحة اللبنانية، والعودة الى لعب دور فاعل يساعده في استعادة «الحيوية» السياسية التي تعيده حكما الى «السراي الكبير»… «فاللعبة» تجاوزت مسألة التنافس او «العداء» مع النفوذ الايراني في المنطقة وعلى الساحة اللبنانية، وانتقل «الخطر» الى «داخل البيت»، فالخطط التوسعية التركية تلعب في «البيئات» السنية تحت غطاء «الاخوان المسلمين»، وتحاول سحب «البساط» من تحت «اقدام» النفوذ السعودي، هذا ما يحصل في ليبيا اليوم، وسبق وحصل عندما اخترقت تركيا «البيت الخليجي» من «بوابة» قطر، واذا كانت ملامح الدور التركي غير مكتملة بعد على الساحة اللبنانية، فان الاحداث الاخيرة لا تبدو مطمئنة وتحتاج الى اعادة تقييم سعودي جدي قبل فوات الاوان، وهو امر لم يحصل بعد، حيث تفيد المعلومات بان المسؤولين في السفارة في بيروت لم يقدموا اجابات «شافية» للحريري حول طبيعة موقف المملكة من هذه المستجدات، وجرى الاكتفاء بالتاكيد بان السفير البخاري ارسل تقييما سياسيا وامنيا مفصلا الى الخارجية السعودية وهو ينتظر الاجابات عليها..
اما بالنسبة الى واشنطن، فيبدو ان تقييم السفارة الاميركية في بيروت قد جاء سلبيا اتجاه احداث السبت، فتوظيف الازمة الاقتصادية لطرح سلاح حزب الله على «الطاولة»، لم يلق الصدى المطلوب في «الشارع»، ووفقا لمصادر مطلعة على الحراك الاميركي، فقد خلص هذا التقييم الى وجود صعوبة كبيرة في اختراق «البيئة الشيعية» على الرغم من كل الضغوط الاقتصادية الهائلة، ولم يظهر اي تفاعل جدي من قبل الحاضنة الشعبية للحزب، وعلى عكس المتوقع، استنفرت للدفاع عن هذا السلاح.. كما تبين ان «التيار الوطني الحر» كحليف استراتيجي للحزب في البيئة المسيحية غير قادر على تقديم اكثر مما قدم من تصريحات «فارغة»، لمحت الى المقايضة بين السلاح والاقتصاد، بعدما تراجعت «عاصفة» التصعيد السياسي بفعل «رسائل» صارمة وجهها حزب الله لحليفه في «الغرف المغلقة»، ليتبين ان لحظة التحول في الموقف «البرتقالي» غير جاهزة بعد وتحتاج الى مزيد من الضغوط كي «تنضج»، خصوصا ان رئيس الجمهورية ميشال عون لا يزال يلعب دور «الضامن» الحقيقي لتفاهم مارمخايل، ولم يكن مرتاحا لتصريحات بعض مسؤولي ونواب «التيار»…في المقابل لا تعويل على احزاب 14 آذار الغارقة في خلافاتها والتي تظهرت بالامس على نحو واضح في السجال «العنيف» بين الحريري وجعجع، فيما موقف النائب السابق وليد جنبلا واضح لجهة وقوفه على «التل» في لحظات خطيرة ومصيرية يمر بها لبنان والمنطقة وهمه الاول والاخير في هذه المرحلة حماية «البيئة» الدرزية من تداعياتها..اما حركة بهاء الحريري فقد تبين انها لا تزال «خجولة» حتى الان، وغير قادرة على احداث الخرق المطلوب في «البيئة» السنية..
طبعا ما جرى جولة في مواجهة طويلة وقاسية ستشتد حكما خلال الاشهر المتبقية من عمر ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب، فقبل ايام على بدء تنفيذ عقوبات «قيصر»، وقبل ساعات على انطلاق الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي، لا تزال واشنطن تعمل على عزل دول محور المقاومة عن بعضها البعض، مستخدمة «العصا» الاقتصادية «الغليظة»، والساحة اللبنانية كمثيلاتها العراقية والسورية، ستكون امام اختبارات خطيرة، وحتى الان من غير الواضح طبيعة الموقفين الروسي والصيني وكيفية تعاملها مع العقوبات الجديدة على سوريا، لان السماح بانهيار دمشق امر تعول عليه الادارة الاميركية لعزل حزب الله في لبنان، واخراج العراق من دائرة التأثير الايراني وذلك على طريق «عزل» طهران، المعركة ستكون قاسية والجميع يراهن على «الوقت» لتحقيق ما يريده، وتبقى نقاط الضعف الاساسية في لبنان، الانهيار الاقتصادي والمالي، وضعف الحكومة التي لم تثبت جدارتها حتى الان وهي تغرق في لعبة محاصصة غير مجدية في ظل الاخطار المحدقة بالبلاد.
(الديار)