يديعوت: غانتس والجيش لا يعرفان شيئا عن الضم
رغم إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المتكرر أن إجراءات مخطط ضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل، بحلول الأول من تموز/يوليو المقبل، إلا أن لا أحد في جهاز الأمن الإسرائيلي – سواء وزير الأمن، بيني غانتس، أو رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، أو أي من ضباط الجيش – يعلم ماذا يقصد نتنياهو بالضم. “هل سيتم ضم الضفة الغربية كلها، جزءا منها، غور الأردن مع الفلسطينيين أو من دونهم، أو ربما الكتل الاستيطانية”، حسبما كتب المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم الجمعة.
وأضاف أنه “بعدم وجود معلومات، ينشغلون في قيادة المنطقة الوسطى للجيش والقيادة العسكرية بالتكهنات. ومنذ شهر كانون الثاني/ يناير الماضي (بعد إعلان نتنياهو وترامب عن “صفقة القرن”)، يعمل الجيش على إعداد خطط عملانية وبناء حجم القوات لاحتمال تدهور الوضع الأمني في الضفة إثر الضم، من دون معلومات استخبارية أساسية عن أنفسنا، أي بدون معرفة ماذا تريد حكومة إسرائيل“.
ورغم أن غانتس عقد لقاءين مع كل من كوخافي والسفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدان، خلال الأسبوع الحالي، وجرى خلالها الحديث عن مخطط الضم، إلا أن فيشمان أفاد بأنه “ليس بإمكان وزير الأمن أن يؤكد لرئيس أركان الجيش، وجود خرائط متفق عليها لتنفيذ الضفة في الأول من تموز/يوليو، وما إذا قرر رئيس الحكومة ماذا يريد أن يفعل. بل أنه ليس مؤكدا أن أحدا ما في مكتب وزير الأمن يعرف من هم أعضاء الطاقم المشترك الإسرائيلي – الأميركي الذين يعملون على رسم خريطة الضم. والجانب الإسرائيلي الذي يعمل على ترسيمها ما زال غامضا، سريا“.
وأضاف أن التقديرات في إسرائيل هي أنه يعمل على رسم الخريطة في الجانب الأميركي آفي بيركوفيتش، الذي حل مكان مبعوث ترامب الخاص، جيسون غرينبلات. “لكن هذا الأمر ليس مؤكدا أيضا. وربما ينفذ ذلك شخص آخر يجلس في السفارة الأميركية في إسرائيل بشكل دائم“.
ولفت فيشمان إلى أنه على الرغم من أن غانتس ومستشاريه على اتصال دائم مع مسؤولين في الإدارة الأميركية، إلا أنه ليس معروفا إذا كان هؤلاء على اطلاع كاف بما يجري. يوتوجد في الإدارة الأميركية فريقان بشأن صفقة القرن. فريق فريدمان، وهو مستشار مقرب جدا من ترامب، وفريق جاريد كوشنر. وكوشنر أقرب من حيث أفكاره إلى غانتس، ويعتبر أن الضم يجب أن يتم بالتنسيق مع الفلسطينيين والأردنيين ودول المنطقة. وفي المقابل، يعتبر فريدمان أنه بالإمكان تنفيذ الضم الآن وبشكل أحادي الجانب“.
وحسب فيشمان فإن غانتس فهم من فريدمان خلال لقائهما، أن “التطورات السياسية قد تفاجئ وزير الأمن الإسرائيلي بأن لا صلة له بالواقع، وغير مستعد ومن دون أي تأثير حقيقي” على مجرى الأمور المتعلقة بالضم.
وتابع فيشمان أنه عندما أعلن غانتس أنه حض كوخافي على تسريع استعدادات الجيش لاحتمال تصعيد أمني في الضفة، بسبب الضم، “فهذه لم تكن رسالة إلى الجيش، وإنما لرئيس الحكومة، مفادها ’أنا لاعب أساسي. وإذا لم تأخذني بالحسبان، فلن أتعاون معك في تخدير الجمهور حول قضية الضم. ومن حق سكان إسرائيل أن يدركوا أن جزءا من السيناريوهات المحتملة هو تدهور المنطقة إلى مواجهة مسلحة، ولذلك أعلن عن جهوزية الجيش’”. وقرار غانتس بتجميد لمدة شهر الأمر الأخير الذي أصدره سلفه في المنصب، نفتالي بينيت، الذي فرض عقوبات على بنوك فلسطينية يتم من خلالها تحويل أموال لعائلات الأسرى، “هو محاولة للتوضيح لرئيس الحكومة بأن لديه صلاحيات وقدرة على ’إفساد’ الأمور“.
وأشار فيشمان إلى أن استعدادات الجيش الإسرائيلي تشمل قطاع غزة، وأن التقديرات هي أن حماس ستنشط خلال إجراءات الضم من أجل “إظهار تضامنها مع سكان الضفة وتصوير أبو مازن كمن قاد الفلسطينيين إلى فشل“.
عقد جهاز الأمن الإسرائيلي مداولات حول ردود فعل محتملة على الضم، بمشاركة الجيش والشاباك، وتناولت جهوزية الجيش في أربع درجات تصعيدية، بدءا من ألا يكون هناك رد فعل فلسطيني، بادعاء أن الضم سيكون تصريحيا فقط، أو أن يكون رد فعل فلسطيني محدود في حال الإعلان عن ضم كتل استيطانية “ستكون جزءا من إسرائيل في أي تسوية”، أو في حال ضم فعلي يشمل المستوطنات وغور الأردن، فستندلع انتفاضة ثالثة وتجري عمليات مسلحة ينفذها افراد أو خلايا مسلحة. وحسب فيشمان، فإنه “في هذه الحالة ستدخل إلى الصورة الألوية النخبوية للجيش الإسرائيل، التي تجري تدريبات حاليا“.
وأضاف فيشمان أن “الدرجة الرابعة من التصعيد هي الأخطر ويصعب تقدير تبعاتها. والحديث هنا عن اتخاذ السلطة الفلسطينية قرارا لا يقضي بقطع نهائي للاتصالات مع إسرائيل فقط، وإنما قد تلمح السلطة لأجهزتها الأمنية بتوجيه السلاح نحو الجنود الإسرائيليين والمستوطنات، ليصبح العدو الحقيقي الـ65 ألف شخص في الأجهزة الأمنية الذين يحملون السلاح”.
وأضاف فيشمان أن عناصر أجهزة الأمن الفلسطينية يشكلون أكثر من 40% من موظفي السلطة. “وإسرائيل بذلت جهودا كي لا تتضرر رواتبهم من أجل أن يداوموا في عملهم . لكن يتضح أن الراتب ليس كل شيء. فخلال أحداث جبل الهيكل (الحرم القدسي) إثر نصب البوابات الإلكترونية، تغيب 30% من أفراد الشرطة الفلسطينية عن عملهم لأنهم أرادوا ألا يظهروا كمتعاونين (مع الاحتلال). وهذه كتلة كبيرة من حملة السلاح، المنتشرة في معسكرات وقواعد، ومن أجل تحييدهم، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى إعادة احتلال الضفة، والتنقل من معسكر إلى آخر ومن بيت إلى آخر من أجل جمع السلاح“.
وتابع فيشمان أنه “بالإضافة إلى ذلك، هناك حوالي 10 آلاف ناشط في التنظيم بقيادة محمود العالول، نائب أبو مازن. ويقودهم قادة فتح في المقاطعة (مقر الرئاسة في رام الله)، لكن الحديث عن تنظيمات مسلحة موجودة في مخيمات اللاجئين والمدن الكبرى، ومزودين بكميات أسلحة يصعب تقدير حجمها. وإذا كان سيتم تفسير الضم الإسرائيلي على أنه فقدان هيمنة فتح، فإن التنظيم لن ينتظر الأوامر من رام الله”.