كُفّوا عن التحريض.. د. حيان سليم حيدر
سبق لي أن تناولت، على مدى خمسة مقالات تحت العنوان العام “لبنانيّون ضدّ لبنان” موضوع بعض اللبنانيّين، على مختلف مستويات المسؤولية، الذين يتبرّعون، والقليل منهم يَبْرَعون، غير مشكورين بل مُدانين، مُدركين أو غير مُدركين، بالعمل ضدّ ما تقتضيه المصلحة الوطنية، سيّما السيادية منها. وكنت قد إستنكرت التحريض على لبنان وشؤونه كما وعلى فئة من اللبنانيين، الذي يقوم به لبنانيّون أفرادًا أو مجموعات، في المحافل العلنية والسفارات أو في مخادع الغرف المغلقة المحلية والإقليمية والدولية وحتى العدوّة،
بطلب من الراشي أو بتطفّل من قِبَل الواشي. أمّا الموضوعات المتأثّرة فمتعدّدة بتعدّد شؤون لبنان إبتداءً بالعقوبات السياسية والإقتصادية والمالية والأمنية وغيرها إلى ترسيم الحدود البحرية والبرية، وإنسى الجويّة، إلى منع الإستفادة من عروض مفيدة لحلّ أزمات لبنان المستعصية (كهرباء، نفط، بنى أساسية، وغيرها) من دول من خارج نادِيَيْ الإستعمار والدولار، أو حتى منع لبنان من حضور مؤتمرات دولية في تلك الدول. والأعْيَبُ من ذلك كلّه هو مناشدة بعضهم الخارج للتدخّل في شؤون البلد لصالح هذا الفريق أو ضدّ ذاك، ودائمًا ما يكون الأمر لمصلحة المتدخِّل وبالتالي العدو. ولا أظنّ أنّ المطلوب شرح لماذا يستسهل البعض التفريط بالسيادة الوطنية، كي لا نقول بفجاجة يخون بلده، فالمال والمناصب وحتى مجرّد عقدة الظهور ب”الصداقة” المزيّفة لحامل إسمٍ “رَنَّته” أجنبية قد تكفي…
وفي هذا السياق، رأيت أن نناقش الموضوع الذي بات خطيرًا برأيي من باب البثّ، وقد يصلح القول البخّ، اليومي المتكرّر عبر بعض وسائل إعلام معينة وباتت معروفة الإسم والتمويل والأهداف.
ولهذه الغاية، إليكم مختارات مبعثرة من عناوين الصحف خلال فترة قصيرة محدّدة والتي تؤشّر إلى هذا السياق على مدار الوقت والزمن والأحداث وعلى التوالي منذ إطلاق صافرة: “إلى التخريب درّ” منذ زمن غابر وكَثُرَ ما تُطلق ويُعاد التذكير بها . لقد أغفلت أسماء الصحف تجنّبًا لضياع ماذا قيل ولماذا، أي صلب الموضوع، بأضراره الجانبية، أي التلهّي بمن قاله ولأيّ غايات خاصّة.} تظهرعناوين الصحف بالحرف المائل المضخَّم وبين قوسين{، أمّا تعليق الكاتب فبالخط العادي.
من عناوين شهر شباط 2020:
– }هل يصطدم “حزب الله” بصندوق النقد؟{ على أساس أنهما يقودان سيارتين رياضيّتين على الأوتوستراد !.
–} زيارة لاريجاني لا تخدم توجّه دياب الخليجي{. ويبقى توضيح ما هو هذا التوجّه ولماذا لم يُعْلِن عنه حتى الآن.
الثلاثاء في 3-3-2020:
– }دياب ينعي قدرة الدولة على حماية اللبنانيين{.
– } لمن يستودع دياب رسائله؟ هل ينقذ دياب عهد عون؟{.المهمّ الإمعان في مواجهة العهد وليس محاولة إنقاذ البلد.
– } دياب… يجدّد السجال مع “الأوركسترا”{.
– } دياب “اليائس” ينعي” الدولة{. ودفاعًا عن الفاعل شنّوا حملة على الذي صارح المفعول بهم بالفِعْلَة! فأصبحوا بذلك من الفاعلين بحالهم أيضًا.
– } الشعوب غير مطالبة بإيجاد الحلّ وليس المسؤولين والأحزاب. الدولة وليس الحكومة هي المنهارة الآن. مش مقبول تسمية دياب وليس له برنامج للحلّ؟{. يعني عندما سمّى “الشعب” غير دياب من الرؤساء الذين “أخذوا وقتهم” في التشكيل، ومنهم من استغرق 320 يومًا، ومنهم من ينتظر، كانوا قد دخلوا على الشعب المتشوّق، المشتاق، ببرنامج متكامل، لا شكّ هذا هو ما أودى بنا إلى الهاوية. أمّا حسّان دياب، الداخل فجأةً إلى الرئاسة بضغط شعبي عفوي لا سابق له، فكان عليه أن يكون مزوّدًا ببرنامج لإنقاذ الناس من ثلاثة عقود من الفساد المتعمّد وينقذ معهم الفاسدين!!.
الإثنين في 9-3-2020.
– } لبنان أمام المجهول: عدم السداد وفشل النموذج الإقتصادي!{. وقد كان قبل ذلك أمام المعروف ونجاح النموذج.
– } خطاب دياب: أول إعلان رسمي عن حجم الكارثة{. كان أجدر ببعض الصحف أن تدين الحكومات السابقة التي إفتقدت للشفافية ولم تتكلم عن الكارثة التي كانت تؤسّس لها وتُمعِن في إستدامتها، علمًا أنه كانت هناك تحذيرات، وبوتيرة شبه يومية، من الوقوع في الإنهيار منذ العام 2017.
– } تقرير دولي:”حزب الله” يُسعّر الدولار{. وأين المرجعيات المصرفية والقضائية المعنية بالأمر من ذلك؟.
– } مخاوف من تداعيات سلبية بغياب التفاهم مع صندوق النقد الدولي{.
– }عدم دفع الإستحقاق يُدْخل لبنان في الفوضى؟{ يعني لبنان كان يمارس النأي بالنفس عن الفوضى قبل تاريخ الإستحقاق. وأيضًا، وبعد مرور شهر لم نرَ نموًّا لهذه الفوضى “المُرْتَجاة”.
– }الخلافات السياسية السبب بعدم قدرة الدولة على المواجهة{. وليس النهج السياسي والنموذج الإقتصادي للذين حكموا لبنان بتهليل كبير من هذه الأبواق الإعلامية بالذات؟.
– }حكومة “التفليسة” … أربطوا الأحزمة حان وقت “الوجع”{.المعروف بالواوا سابقًا!.
الثلاثاء في 10-3-2020.
– } إجراءات تأخرت{. ولو… أقلّ من 100 يوم؟ وسَكَتوا على عقود من الفجور؟.
– }بين خيارات مجدية وغير ممكنة وخيارات ممكنة وغير مجدية{. وماذا تختارون؟.
– } الآتي مخيف وسيندمون على رفض الصندوق{. هم مندوبو الصندوق إذن، علمًا أنه كان هناك تحذير من شروط صندوق النقد وليس رفض قطعي للتعامل معه أو مع غيره؟
– } خطة الطوارىء على الطاولة: إصلاحات “سيدر” وعدم إغضاب حاملي السندات{. وأيضًا هم مندوبو حاملي السندات.
– } التصنيف الإئتماني يقترب من “التعثّر”{. وقد تعثّر المُصَنِّف، الذي لا يؤتَمَنْ على رأيه، ومعه دول وإقتصادات كبرى ولكن “هم” يجهلون ذلك.
الأربعاء في 11-3-2020.
– } الكورونا يقصم “ظهر” الإقتصاد{. لَهْ لَهْ لَهْ… الكورونا وليس 3 عقود من التخريب والفساد؟.
– } “كورونا” تتمدّد… وتتحدّى ضعف الدولة{.
– } المعالجات في “دوامة العجز”{. كنّا في حال أفضل في زمن اللامعالجات. } و”موديز” متخوّفة من تقويض المصارف{. وكلمة موديز تعني مزاجي بلغة الشركة هذه.
– } “الكورونا السوري”… حذار “وحدة المسار والمصير”!{. لا تعليق.
الجمعة في 13-3-2020.
– } “الصندوق” ينتظر خطة الإصلاحات، ومجلس الوزراء في “الروداج”{. وكان مجلس وزراء البلد السابق قد عطّل العمل، في إحدى الحوادث المؤلمة، لشهور الصيف وبعض الخريف بسبب جريمة قتل في الجبل وما عاد إلى العمل إلّا بعد تحصيل حقّ… من ؟؟.. الزعامات السياسية، وما زال حقّ القتيل مهدورًا. وكان قد أنهى ذاك مجلس الوزراء “الروداج” منذ عامين، ولم يكن الصندوق ينتظر الخطّة يومذاك ولكن…
– } صندوق النقد ينتظر الخطة الإصلاحية{. عجبًا، نفس العنوان في صحيفتين في نفس الصباح، فهل من منسّق عام، أو هي كلمة سرّ أو ملكية مشتركة؟.
– } تداعيات تعليق دفع السندات: إرتياح رسمي، وقلق دولي من سلبيات التصنيف “بالتعثّر”{.
– } السفارة الأميركية تعدّ “مضبطة” إتهام{. هي محكمة لبنانية؟ وأين هي، ما زلنا يإنتظارها، المضبطة وليس السفارة.
– } “لفّ ودوران” حول صندوق النقد{. تريدون الحقيقة؟ لم تسأل عنه الجماهير.
السبت في 14-3-2020.
– } نصر الله لا يمانع قروض صندوق النقد{. أستنتاج من قراءة جديدة للموقف.
– } السفيرة الأميركية تتبنّى مطالب الحراك للثقة{. وأخيرًا، صار فينا ننام الليل علمًا أنّ لا السفيرة ولا الحراك يصوّت على منح الثقة.
– } حزب الله لن يمانع صندوق النقد{. تنسيق مكرّر ويبقى أن يُبَرّر.
– } نصر الله يعطي الضوء الأخضر “للصندوق”{. لا…كُلْكُن سوا؟.. كتير هيك!.
– } بدت الحكومة مربَكة في موضوع الخطة الإقتصادية إن فيما ضرب لها وزير الأسبوع الماضي موعدًا قريبًا جدًّا راوحت تقديرات زملائه ما بين ثلاثة وستة أسابيع لإنجازها{. ما صَبَرْتوا عقودًا من الزمن على أسلافهم ولم يتفوّهوا بخطّة حتى!.
– } “الهيركات” مرفوض يؤكّد مصدر مسؤول{. إلى أيّ حدّ مسؤول، المصدر؟ علمًا أنّه حاصل فعليًّا، الهيركات؟ } قبل تخصيص قطاعات الدولة الإنتاجية والخاسرة منها على وجه التحديد وإمكان إستعادة أموال مهرّبة في السنة 2019{. وأخيرًا، لقد إتّضحت الخطّة منذ 3 عقود وبيت قصيدها:1. نجعل القطاع العام المربح خاسرًا بكلّ الوسائل المتاحة، 2. نُمْعِن في سرقته وتخريبه حتى يَناع الوقت، 3. نبيعه خاسرًا، ضدّ كلّ نظريات الخصخصة وحسن التدبير، إلى الخارج وبأبخس الأثمان إلخ… هذا من جهة، ومن جهة ثانية: ما علاقة “الهيركات” بالمهرّب من الأموال بالمرحبا؟.
الثلاثاء في 7-4-2020.
– } تساؤلات دولية: أين برنامج الحكومة؟.{ وكأنّ دول العالم لا يهنأ لها العيش في زمن الكورونا إلّا بعد الإطمئنان على حال لبنان، وبالتالي علينا أن نسأل المهزوم والمأزوم والمحزون منهم عن تساؤلاتهم، وأولهم المغرّد اليومي الممتاز ترامب الكاذب المتسلسل، وثانيهم ماكرون المتخبّط بشجون بلاده، وثالثهم بوريس الذي نعا أحباب العائلات في بريطانيا قبل قدرهم وقدره، لا شماتة، أم نلجأ إلى أنجيلا الراضخة لإحتلال أبدي للإرادة الوطنية…أو.. أمّا باقي الدول مثال الصين الهند اليابان روسيا إندونيسيا باكستان البرازيل نيجيريا جنوب أفريقيا وغيرها، والتي تشكل أكثر من ثلثي الكرة الأرضية سكّانًا فلا تساؤلات ولا رأي ولا أهمية ولا قدرة على المشاركة أو المساعدة حتى. الدعم والأصدقاء دائمًا ما يعني “نادي” دول الإستعمار والدولار ولا أحد غيرهم ومشاريع الإنقاذ هي وفقًا لإملاءاتهم.
– } هل صدّق السفراء أن “الإصلاح ماشي”؟.{ سفراء من، ومن يهتم؟ وبعدين.. ولو.. ما البلد ماشي منذ اعتماد هذا النمط الإقتصادي!.
– } “مجموعة الدعم”: لم نسمع جديدًا وهذه حدودنا{. ليتهم يقفوا عند حدودهم!.
– } حذرت أوساط معنية{ من أعطاها الصلاحية، ومعنية بمن أو بماذا؟ } بملف الخليوي من حماسة حزب الله لمنع التجديد للشركتين المشغلتين{. وماذا عن المصلحة الوطنية ومطالب المتظاهرين والإنتفاضة والثورة؟.
– } أعرب دبلوماسي دولي عن إعتقاده بأن لبنان أضاع فرصة{ واحدة بس؟ } قطف ثمار “سيدر” بعد التحذيرات الفرنسية من ضرورة الإسراع بإقرار الخطة الإقتصادية قبل 17 تشرين الأول الماضي{. ثمار؟؟ ونسأل: هل هذه هي الخطة ذاتها التي كانت ستؤمّن ما يفوق على 900,000 فرصة عمل في بلد لا يتجاوز عدد العاملين فيه في ذروة نشاطه العمّالي أل 400,000؟.
الأربعاء في 8-4-2020.
–} تحركات إستثنائية و”نتائج سلبية”{. نتائج ماذا؟ لم نباشر بعد بالعمل لتقييم النتائج.
– } الخطة الإقتصادية تغرق في العموميات… ولا مساعدات بشروط عون وحزب الله{. كلام واضح.
–} سؤال سفراء “الدعم” في بعبدا عن “الخطة”… كرْكَبَ الأوراق في السراي!{. مجدّدًا: الدعم؟.
الخميس في 9-4-2020.
– } “خطة الإنقاذ” تهدّد الودائع والنظام المالي{. الودائع؟ وأين هي؟ إذا كان ما وصلنا إليه إسمه “نظام” فنحن بغنى عنه، لا شكّ.
–} “الخطّة”… تهدّد بالجوع… وتحاصر خطة “الأساس الجيد”!{. لاحظ إستعمال كلمتي الخطّة وتهدّد من صحيفتين مختلفتين في نفس الصباح، وكيف أنّنا لم نسمع قطّ عن “الأساس الجيد” خلال ثلاثة عقود من الحكم. والخطّة هي التي تتسبّب بالجوع وليس المسمّى “النظام” الفاشل؟.
الجمعة في 10-4-2020.
– } تساءل نواب سابقون{ ؟وين هالغيبة؟ ولو؟ } وهم محامون: لماذا إقحام البلد في قوانين جديدة ما دامت القوانين النافذة لا تزال صالحة لمعالجة المستجدات على إختلافها{. وكان على الصحف أن تسألهم، في حال كانوا أكثر من واحد: وهل أنهم عالجوا الأمور المتفاقمة بالقوانين التي كانت بتصرّفهم في ولايتهم العامة عن الشعب؟ ومِن حقّ القارىء أن يعرف كم هو عدد هؤلاء السابقين الحريصين على المصلحة العامة ولو بعد فوات أوانهم والأوان معًا، أو حتى من هم ؟.
ومع أنّ عدّاد عناوين التحريض لا ولن ينتهي إلّا أنّ عدّاد الكلمات هذه قد وصل منذ فترة إلى حدّه لولا تصدّر ما يلي من عنوان بعد خطابي الرئيسين عون ودياب لذلك نختم مع آخر جمعة في نيسان 2020:
–} مع أنّ المشهد الداخلي المأزوم لم يعد يحتمل مزيدًا من الهزّات والصدمات المجانية{ وقد احتمل }التي من شأنها زيادة الأكلاف السياسية والإقتصادية والمالية العقيمة في الزمن الوبائي الذي يحاصر لبنان: – فهذا لم يمنع العهد والحكومة أمس من إرتكاب خطأ جسيم آخر، يضاف إلى سلسلة الأخطاء والتعثّرات والحسابات الناقصة التي حكمت سلوكياتها خصوصًا في الأسابيع الأخيرة{. يعني ما صبرتوا شهر عليهم وسكتّم عشرون عامًا ونيف على محرّضيكم. ثمّ تتابع بالقول: } إن معظم الإتجاهات السياسية التي أمكن الوقوف عليها جاء في أسوأ توقيت في مضمون سياسي يطغى عليه تقليد بات باهتًا وفاقد المفعول… تحميل الخصوم الذين كانوا شركاء الأمس{. الآن وصلت الرسالة.
–} شلل الحركة الإقتصادية بفعل إجراءات التعبئة العامة والحجز المنزلي الإضطراري والإلزامي{. يعني كان لازم نخاطر ونتخبّط مثل الدول المستهترة بتنشيط الإقتصاد الميّت أساسًا عندنا والذي كانت هذه الوسائل الأبواق الصادحة لها.
وفي الخلاصة الأميركية، لاحظت أنّ بعض الصحف اللبنانية تُصرُّ على بقائها في بقعة الإرتهان إلى الخارج، ولكن مع تغيير الديكور، ويتجلّى ذلك مع تركيزها على إملاءات ألمِسْتِر (غير المستور) “ديفيد” حيث إستبدلت شينكر بساترفيلد (الذي كان نجم أول هذه السلسلة)، أم هو العكس؟
وبالإصرار على نفس النقطة والإتّجاه والهدف، يكونوا قد تجاوزوا حدّ النقد البنّاء إلى التزوير الهدّام للواقع بالتركيز على “ما يطلبه مستمعو” الخارج الذين لم يظهروا يومًا، في أيّ حال، أنّهم “ساهرون” على مصلحة هذا البلد. وفي الختام:
هذه العناوين تؤشّر إلى: 1. دائمًا ما يكون المهمّ رأي أو موقف الخارج، بمعنى سفراء، دول ومنظمات ذات تبعية فاضحة لدول الإستعمار والدولار، و2. التركيز على التصويب على حكومة حسّان دياب وحزب الله والعهد ولا ضرورة لرسم خارطة للإهتداء إلى ما يُراد الوصول إليه، و3. تعمّد تجاهل مسؤولية النهج، ومعه “الناهجين”- الناهبين، الذي أوصل البلد إلى المأزق المالي والإقتصادي الخطير بل تعامل البعض مع الحكومة الجديدة القادمة، إلى حدّ كبير، من خارج النادي التقليدي للسلطة والعاملة، لتاريخه، بجدّية لم يعرفها البلد منذ زمن، وكأنّها المسؤولة عمّا جرى منذ ثلاثين عامًا. ولا يُغفل الهدف الأساس ألا وهو الهروب من المحاسبة عمّا وصلنا إليه.
هذه نماذج من التغطيات الإعلامية “الهادفة” المتداولة، يضاف إليها المبالغات المنظمة في البثّ الحيّ والتجاوزات المهنية غير البريئة في الإعلام لنسج صورة إفتراضية فقدت زخمها العفوي، صورة بديلة عن الخبر الرصين والتحليل الهادىء.
أما أهمّ حقيقة التي تنجلي من كلّ هذا التمرين فهي، وبعدما تقصّدت إنتظار مرور الوقت على العناوين المذكورة أعلاه وظهور عناوين جديدة إلى العلن تفوقها وقاحةً، وبعد أفول مضمون الكلام السابق، بل ثبوت عكسه في أغلب الأحيان، ماذا بقي في الأذهان ؟ لقد بقي التحريض على هذا أو هذه… وإمّحت التفاصيل، وهذا ما هو مطلوب وهذا هو الخطر الكبير ولهذه الأسباب بالذات قيل: “القاتل يقتل أفرادًا والقلم المأجور يقتل أمّة” ؟
في ختام هذا الفصل نقول:
العدو على الباب، وعدوّ في الأهداب.. واسلم يا لبنان!..
بيروت، في 17 أيّار 2020م. حيّان سليم حيدر.
وهل يذكّركم تاريخ 17 أيّار بأمر ما؟ مواطن سِيادي…غير حِيادي.
____________________________________________________
– الجزء 6 من سلسلة لبنانيون ضدّ لبنان (*)
(*) لإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، فلا الشهادة الحسنة هي دائمة ولا الإستنكار هو أبدي إذ أنّ المسألة ترتبط بفعل كلّ ممارسة على حدة وليس بالشخص. هذا المقال هو جزء من سلسلة مقالات تصدر تحت العنوانيْن “لبنانيون مع لبنان…” و”لبنانيون ضدّ لبنان…”، والمقالات تواكب العمل السياسي (بمعنى شؤون الناس) في لبنان بعد التأكيد على إعتبار الآراء والمواقف المُعبّر عنها إنما تعكس روحية قول الشاعر: ” يوم يُدْرِك الجميع أنّ النقد لا يطال إلّا سلوك المسؤول في تنفيذ مهمّته، وليس نيلًا من طائفته ولا تحدّيًا لها،”…(**)
(**) من مقدمة قصيدة “إلى الرئيس المنتظر” لسليم حيدر – ديوان “لبنان” – ص111 – شركة المطبوعات للنشر والتوزيع ش.م.ل. – 2016.