مقالات مختارة

السعوديّة تحضر موعداً قريباً لحلفها مع “اسرائيل”!: د. وفيق إبراهيم

انهيار الدور السعودي في سورية والعراق وتقلصه في اليمن وتراجع البترول على مستويي الإنتاج والإسعار، هي عوامل فرضت على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إرجاء مؤقتاً لموعد إعلان التقارب بين «اسرائيل» وبلاده.

 

كان متلهفاً لنقل حلفه مع الكيان المحتل من السرّ الى العلن، للبدء بعصر جديد في الشرق الأوسط يُعيد للمملكة السعودية مكانتها المفقودة نتيجة للسياسات الرعناء التي طبقها ابن سلمان في معظم بلدان المشرق العربي وإيران، فخسرها متسبباً بفقدان بلاده لمجمل اهمياتها بما فيها العناصر التي منعته مرحلياً من محاولة انهاء الصراع العربي الإسرائيلي ودفعته من جهة اخرى إلى مواصلة اضفاء الطابع المتكتم لعلاقاته مع الكيان المحتل. واذا كان مثل هذا الامر يكفي السعوديين حالياً كنوع من الحيطة والحذر، فإنه لا يرضي «اسرائيل» التي تريد الاستفادة حالياً من الانهيار السعودي لتدمير القضية الفلسطينية بما يؤدي الى توسيع حلفها نحو الخليج وقسم كبير من العالم الإسلامي والعربي مع المستسلمين في اوقات سابقة في مصر والاردن والسلطة الفلسطينية وقطر والبحرين والإمارات والسودان.

لكن محمد بن سلمان يشترط تطبيق خطة جديدة مع «اسرائيل» يطمح من خلالها إسقاط الدولة السورية وحزب الله في لبنان. تمهيداً لبدء معركة القضاء على إيران. بما يؤدي الى إنتاج منطقة شرق أوسطية مستسلمة للحلف السعودي – الإسرائيلي لمرحلة طويلة.

لذلك فإن استهداف الغارات الإسرائيلية في سورية على أهداف إيرانية كما تزعم، لا يكفي ولي العهد، فهذا الأخير يصرّ على الربط بين الوجود الايراني في سورية واسقاط الرئيس بشار الاسد متوهماً ان بإمكانه الضغط على روسيا لإقناعها بهذه الخطة، والتأسيس معها عبر اللجنة الدستورية قيد التأسيس لمعادلة سياسية جديدة في سورية، تحتوي على معارضين سوريين محسوبين على السعودية وشخصيات سورية ايضاً لها علاقاتها العميقة مع الروس.

هذا ما أدّى الى تعميم تكهنات في الإعلام الخليجي والغربي والروسي تزعم ان الروس مستعدون للقبول بتغيير الرئيس الاسد والموافقة على المعادلة الجديدة.

لكن الرئيس بوتين شخصياً وفريقه السياسي المباشر ومكتبه الإعلامي سارعوا الى نفي هذه التسريبات الخليجية – الإسرائيلية، معتبرين ان الرئيس الاسد هو القائد الشرعي لسورية، والحليف الأساسي لروسيا التي لا تؤيد في سورية الا ما يريده شعبها الذي اختار القائد بشار الاسد. لكن السعودية لا تزال تحض «إسرائيل» على غارات كثيفة هدفها طرد الإيرانيين وإسقاط الرئيس الاسد.

فيتبين في النهاية ان الحكم السعودي يشتري وقتاً يحاول ان يحشر فيها أخصامه لمدة تسمح له بإعادة بناء قواه داخل المملكة وخارجها. فهو في ورطة داخلية تتقاطع مع تداعيات جائحة الكورونا، وتفرض عليه خفضاً في موازنة السعودية بأكثر من خمسين في المئة دفعة واحدة وهذا له انعكاساته على الاستقرار الداخلي التي بدأت بارتفاع أسعار السلع من 5 في المئة الى 15 دفعة واحدة مرشحة لأن تتخطى الثلاثين في المئة الشهر المقبل.

هناك ما أراح السعودية في الحكومة العراقية الجديدة التي يترأسها الكاظمي المحسوب كمعادلة تقاطع راجحة لمصلحة الأميركيين وتختزن شيئاً من الدور الايراني في العراق.

لذلك يريد ابن سلمان مشاركة جوية إسرائيلية على درجة عالية من النوعية في حربه ضد اليمن. فولي العهد مهزوم مع انصار الله عند معظم حدود الوسط والساحل الغربي وقمم صعدة في الشمال.

وها هو يحاول تقاسم جنوب اليمن مع الإمارات، بالدم اليمني وذلك برعاية اشتباكات بين المجلس الانتقالي الموالي لمحمد بن زايد وقوات عبد ربه منصور هادي التابع للسعودية.

هناك اذاً دفع سعودي إماراتي لهذا القتال الضاري المندلع بين قوات يمنية في معظم محافظات جنوبي اليمن، وذلك لتقسيمه الى كانتونات تابعة للسعودية والإمارات ومتخاصمة فيما بينها وذلك لهدف وحيد وهو تكريس حالة الانقسام بينها لمصلحة المحمدين بن سلمان وبن زايد، لذلك يريد الطرفان تقسيم الجنوب للعودة الى قتال دولة صنعاء وبمساعدة جوية إسرائيلية يعتقد ابن سلمان انها قادرة على تغيير موازين القوى وإلحاق هزيمة بأنصار الله تؤدي الى إسقاطهم نهائياً.

بهذه الطريقة يعتقد السعوديون ان بوسعهم عرقلة الدور الإقليمي لحزب الله انطلاقاً من عرينه اللبناني وقطع علاقاته بسورية عبر الغارات الإسرائيلية على البلدين.

فكيف يصدق ابن سلمان هذه الترهات التي ينسفها نجاح حزب الله في طرد «إسرائيل» من لبنان في 2000 وصدّها في 2006 وانتصاره على الإرهاب في سورية وشرقي لبنان؟

فهل وصلت به الامور الى حدود امكانية الحاق هزيمة بحزب يؤدي دوراً إقليمياً متماسكاً وهذه دائماً من احلام المهزومين والمغلوبين على امرهم لانسداد الخيارات في وجههم نتيجة لهزائمهم المتلاحقة فيعملون على تربية الاحلام والكوابيس.

أما الطموح السعودي النهائي فيتعلق بنقل قوات إسرائيلية الى السعودية مع سلاح جوي، لمواصلة حصار إيران بالاتفاق مع الأميركيين ايضاً. فهل هذا ممكن؟

يحاول ولي العهد بحلفه مع «اسرائيل» العودة الى اسقاط سورية والقضية الفلسطينية واليمن، وايران وذلك لتأسيس مملكة له تصبح اقوى معادلة في المعادلة الاسلامية.

واذا كان الاميركيون اصحاب اقوى دولة في العالم لم يتمكنوا من تنفيذ خطة ابن سلمان فكيف يحلم ابن سلمان بتطبيقها وهو الخارج من هزائم متلاحقة كان يجب ان تسقطه لولا الدعم الأميركي؟

فهل اصبح موعد الإعلان عن الحلف السعودي – الإسرائيلي قريباً؟ تدفع التراجعات السعودية للاعلان عنه في وقت قريب، فهل تطرأ مفاجآت تؤدي الى نسفه؟

إن الجواب رهن ببدء الدولة السورية وحزب الله بإسقاط الطائرات الإسرائيلية بما ينسف حركتها في الاجواء اللبنانية – السورية ويدمر معها مشاريع محمد بن سلمان واحلامه وكوابيسه.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى