فشل أميركي صهيوني في سورية
غالب قنديل
برز في السنوات الأخيرة اهتمام أميركي وصهيوني بالتواجد الإيراني العسكري في سورية وقد ربط الصهاينة والأميركيون على السواء ومعهم حكومات الناتو بين هذا التواجد والصراع الذي يخوضه محور المقاومة بالشراكة مع روسيا ضد الهيمنة الأميركية الصهيونية على المنطقة.
أولا الإطار القانوني والسياسي للشراكة السورية الإيرانية محدد في اتفاقيات تعاون تكرست وتوسع نطاقها خلال فصول الحرب العدوانية الاستعمارية التي تتصدى لها الدولة الوطنية السورية وتلك الاتفاقات هي حق سيادي للسلطات الوطنية السورية وتغطي العديد من مجالات التعاون الدفاعي كما تشمل شراكات مهمة في التصنيع الحربي وتم توقيعها بين الحكومتين منذ سنوات تحت الأضواء ويعرف القادة الصهاينة استحالة تجاوب دمشق مع مطالبتهم بإخراج الوجود الإيراني من سورية وهو ما تبلغوه مباشرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي التمسوا منه الضغط على دمشق في وقت يعتبر السوريون بكل وضوح أن هذا الوجود كان قوة دعم وإسناد للدولة السورية وللجيش العربي السوري في مراحل حرجة سبقت الانخراط الروسي في الدفاع عن سورية الذي غيرالموازين والمعادلات الكبرى في سورية والشرق كذلك.
ثانيا نتيجة قيام القيادة السورية بتجديد منظومات الدفاع الجوي بمعونة كل من روسيا وإيران خلال الأعوام القليلة الماضية باتت السماء السورية الوطنية محكمة الإغلاق في وجه الاعتداءات الجوية المباشرة أيا كان مصدرها وهذا ما دفع العدو الصهيوني لاعتماد أسلوب القصف الصاروخي من طائراته الحربية التي تحلق في سماء الجولان المحتل أو في الأجواء اللبنانية لتضع أهدافا داخل سورية في حقل رمايتها والثغرة هنا ناتجة عن الخاصرة اللبنانية الرخوة ولكن ذلك لا يحول بين الدفاعات السورية اليقظة واستهداف المقذوفات الصهيونية لتدميرها وفي مرات عديدة كانت عملية الاعتراض مكتملة وأسقطت صواريخ العدو فمنعتها من إصابة أي هدف على الأرض السورية وهذا ما يمكن اعتباره نجاحا مهما من الناحيتين السياسية والتقنية للجيش العربي السوري وهو ما عطل جميع رهانات العدو الصهيوني على فرض انسحاب إيران او فصائل المقاومة الداعمة للجيش العربي السوري.
ثالثا ظهرت مؤخرا سجالات داخل الكيان الصهيوني حول جدوى الغارات المتلاحقة على سورية والتي يزعم العدو انها تستهدف مواقع للحرس الثوري وللمقاومة اللبنانية بينما يظهر الخبراء والمحللون خشيتهم ويكررون تحذيراتهم من التورط في حرب كبرى مع محور المقاومة مجتمعا وهذا احتمال تضعه في الحساب بوادر التوتر المتمادي والمتواصل منذ اغتيال القائدين الكبيرين من محور المقاومة في بغداد وما اعلن عن تعهد أطراف المحور برد مزلزل يقتلع الوجود الأميركي من المنطقة ويعلم الصهاينة والأميركيون أن استخدام الجيش العربي السوري لأقصى طاقة دفاعاته الجوية أي صواريخ اس 300 التي لديه هو أمر مرتبط بالتماس مستويات عالية من المخاطرة العدوانية وبحرص سوري شديد على عدم الوقوع في فخ الكشف عن تقنيات التشغيل والإطلاق التي يتربص بها العدو كما فعل سابقا في ما سمي بأزمة صواريخ سام في البقاع عام 1981 أي قبل سنة من اجتياح لبنان.
رابعا أحبط التماسك داخل حلف المقاومة ومتانة الشراكة المتنامية مع روسيا كثيرا من رهانات الولايات المتحدة والمناورات الصهيونية على توهين هذا التحالف وشله واختراقه لإضعاف فاعليته المتصاعدة ومن السذاجة والسخف كل ما نطالعه أحيانا من تشكيك بموقف روسيا وعلاقتها بإيران ولسورية وهو يظهر بدقة خفة مروجيه فمن العته التفتيش عن مصالح اقليمية روسية تغني موسكو عن حاجتها إلى سورية في تظهير مبادراتها وما أسفرت عنه من تأثير على البيئة الإقليمية والدولية وما ارتدت به نفعا صافيا لروسيا ومصالحها ومكانتها.
من يجري القياس بحساب المصالح المشتركة لا يملك سوى الاقرار برسوخ تحالفات سورية وبمتانة ما قام على أرضها من شراكة بين روسيا وإيران بما يتخطى الميدان السوري إلى مستقبل الشرق والعالم وهنا تكمن أسرار الحياكة المنهجية التي اتقنها القائد بشار الأسد والقاسم الشهيد وحصد ثمارها الشعب العربي السوري.