خبراء ألمان يتوقعون تبخر احلام بن سلمان
يرى عدد من المراقبين الألمان أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يسعى بقوة لتعزيز قبضته على الحكم وإنجاز رؤيته لـ (2030)، غير أن فيروس كورونا والانهيار التاريخي لأسعار النفط وحرب اليمن تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء.
ونشر موقع “قناة دويتشه فيلله” الألماني أن بن سلمان يحلم بجعل بلاده مركزا للتكنولوجيا المتقدمة في الشرق الأوسط، بشكل ينقلها إلى عالم ما بعد النفط عبر “رؤية 2030” التي قدمها للعالم في أبريل/نيسان 2016، لكن -وبعد أربع سنوات- يجد الأمير الشاب نفسه أمام ما يشبه أضغاث الأحلام.
ويقول الموقع إن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب، فبدلا من بناء اقتصاد رقمي كما كان مخططا، وجد بن سلمان نفسه أمام خلل تاريخي في الميزانية العامة بعد الانهيار غير المسبوق لأسعار النفط وسط انتشار جائحة فيروس المستجد وعدد من التحديات الداخلية التي لها علاقة بشرعية الحكم وبتوافقات الأسرة الحاكمة.
وقال الموقع إن الصحافة الألمانية خصصت خلال الأيام القليلة الماضية عددا من التقارير التحليلية بمناسبة أحداث كانت المملكة طرفا أساسيا فيها، كحرب أسعار النفط مع روسيا وتراجع أسعار النفط العالمية وانهيار بورصة الرياض. إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا والغضب الدولي المتزايد من الحرب في اليمن.
ورأى خبراء ألمان أن الأوضاع المالية الصعبة للمملكة والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان فيها والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة جعلت “رؤية 2030” لولي العهد محمد بن سلمان تبدو كسراب في الصحراء.
مدينة “نيوم” التكنولوجية وحدها ستكلف ما لا يقل عن خمسمئة مليار دولار، جزء من هذه الأموال كان سيأتي من الاكتتاب الأوليّ لشركة أرامكو المملوكة للدولة، لكن الأزمة الاقتصادية الحالية جعلت هذا “المشروع الفرعوني” بعيد المنال.
ويذكر أن ميزانية المملكة تحتاج لسعر لا يقل عن 85 دولارا لبرميل النفط حتى يتحقق توازنها، بالإضافة إلى أن السعودية اضطرت لتعليق الحج والعمرة، أحد المصادر الكبرى لميزانية الدولة. هذا الوضع دفع الرياض إلى الإعلان عن أن المملكة ستكون في حاجة إلى اقتراض ما لا يقل عن 58 مليار دولار، فيما يتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى 112 مليار دولار خلال العام الجاري.
واعتقال محمد بن سلمان لعشرات الأمراء ورجال الأعمال، بمجرد تسلمه للسلطة، يقول الموقع، كان هدفه كسر أي مقاومة لطموحه في خلافة والده على العرش. إلا أن ذلك عزل ولي العهد داخل الأسرة المالكة.
وفي الوقت الذي يشل وباء كورونا البلاد ويفاقم عجز الميزانية، تواجه الرياض أزمة متعددة الأوجه منها أزمات أشعلتها بنفسها كما هي الحال بشأن “لعبة البوكر” في أسعار النفط، والخلاف مع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى الحرب في اليمن والصراع المستمر مع إيران، وأسوأ من كل هذا هو القمع السياسي الداخلي والصراع غير المسبوق على السلطة داخل الأسرة الحاكمة.
ووفقا لأجندة “رؤية 2030″، كان من المفروض أن تكون المملكة الآن في طور تعزيز الإصلاحات الكبرى التي أعلن عنها بن سلمان عام 2016، غير أن صندوق النقد الدولي يتوقع انكماشا في الاقتصاد السعودي بنسبة 2.3% خلال العام الجاري.
ولم يعد لدى الدولة ما يمكن توزيعه، وبات يتعين على القاعدة الشابة في المجتمع (60% من السعوديين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما) التي يُعتقد أنها تدعم الأمير الشاب، مزيد من الانتظار لتحقيق وعود الإصلاحات.
وعلى المستوى الخارجي انتهج الأمير الشاب سياسة هجومية ضد إيران وقطر، لكن حرب اليمن هي التي أضرت بسمعة المملكة أكثر من غيرها.
ورصدت صحيفة “تاغس شبيغل” تراجعا للدور السعودي على المستوى الاقليمي، قائلة إنه ودون شك أن بن سلمان أدرك منذ فترة طويلة أنه لا يمكن كسب هذه الحرب بالوسائل العسكرية، وأن التدخل في اليمن قد فشل.