حول التطبيع : معركة الوعي ومقاومة التزوير
غالب قنديل
منذ انطلاق الاستيطان الصهيوني في فلسطين برعاية الاستعمار الغربي وتحت حمايته يتعرض الفلسطينيون والعرب بين المحيط والخليج لحملات تضليل مكثفة تستهدف كسر ارادتهم التحررية وكي وعيهم واخضاعهم للمشيئة الاستعمارية الصهيونية الرجعية بقبول الرضوخ للتعايش مع الكيان الاستيطاني الصهيوني الذي أقيم بدعم من الغرب على أرض فلسطين السليبة وتأسس على المذابح والحروب العدوانية ليكون قاعدة استعمارية متقدمة في المنطقة تعمل على استنزافها واخضاعها امام الهيمنة الاستعمارية.
اولا موجة ما يسمى بالتطبيع التي صاحبت دوما مشاريع الاستسلام للكيان الصهيوني التي تجندت لها الحكومات الرجعية التابعة بالإمرة الأميركية المباشرة كانت في سياق الخطط الخبيثة للهيمنة الغربية اللصوصية على المنطقة ولتثبيت السيطرة على الثروات والأسواق ولفرض التفكك العربي وحماية الكيان الغاصب وتصفية قضية فلسطين التي ألح المعسكر المعادي في سعيه لعزلها عن عمقها القومي كعنوان للتحرر الوطني العربي وقد كانت الأنظمة العربية التابعة والخاضعة للهيمنة ادوات ناشطة في هذا الاتجاه.
ثانيا بالتزامن مع تحريك مشاريع الاستسلام اجتاحت الفضاء العربي الإعلامي العربي منذ مطلع التسعينيات سلسلة من القنوات والمنابر الإعلامية التي تأسست بإشراف اميركي بريطاني فرنسي وكانت وظيفتها المركزية تهيئة الراي العام العربي للتخلي عن موقفه القومي والوطني واسقاط الحواجز الثقافية المانعة للتعامل مع العدو تحت شعار التطبيع الزائف وروجت معادلات لكي الوعي تحت شعارات مضللة من نوع الحوار في الاختلاف والرأي والرأي الاخر بينما الكيان الصهيوني يوسع من عدوانه وبطشه ويواصل حروبه بمختلف الوسائل ليثبت اغتصابه للأرض وخططه لاقتلاع اهلها وليمدد هيمنته نحو المنطقة تحت الرعاية الأميركية الغربية.
ثالثا إن جميع المصنفات الإعلامية السياسية والثقافية والفنية التي تراكمت خلال العقود الثلاثة الأخيرة بالمال الخليجي وبالرعاية الأميركية الغربية وصولا لبعضها الذي ظهر مؤخرا هي ادوات عدوان على الوعي العربي وتزوير للتاريخ في خدمة الخرافة الصهيونية الخادعة وهي تعبير عن خطة خبيثة لكسر وخنق نداء المقاومة والثورة الذي يعتمل في نفوس احرار فلسطين والعرب والعالم في كل مكان للتخلص من الكيان الغاصب العدواني المدجج بترسانة نووية تهدد الوطني العربي والمنطقة برمتها وهو آخر معقل للاستعمار الاستيطاني في العالم ووصمة العار الباقية على جبين البشرية.
رابعا إن المساهمات السعودية والخليجية في رعاية مشاريع الاستسلام وترويجها هي نتاج الإذعان للمشيئة الاستعمارية الأميركية الغربية بكل ما ترتب عليها من تنسيق عسكري وسياسي وشراكات مع العدو الصهيوني في الحروب القذرة ضد الشعب العربي والبلدان العربية وهو ما خبرناه جيدا منذ انبثاق مجموعة شرم الشيخ التي رعت حروب العدوان الصهيونية على غزة ولبنان وهي ذاتها كانت في صلب حلف العدوان على سورية واليمن وتلك الحروب تتضافر مع دعوات ما يسمى التطبيع في السعي لفرض الاعتراف بالكيان الاستعماري الصهيوني وتصفية قضية فلسطين لكسر ارادة التحرر والاستقلال لبلدان المنطقة وشعوبها .
خامسا لابديل عن تنظيم جبهة للمقاومة والتحرر في ميدان الثقافة والإعلام توحد الإمكانات والقدرات المتاحة في معركة الوعي وترعى إنتاج مواد ومصنفات إعلامية وفنية تشحذ روح المقاومة وذاكرة الانتماء والهوية الوطنية والقومية الرافضة للهيمنة والمتمردة على الإذعان والخنوع الذي يريد المستعمرون وعملاؤهم فرضه بالتضليل والتزوير وبالأوهام الخادعة رغم الخراب العميم الذي قادت إليه صفقات الاستسلام في بلدان عربية وعدت بالمن والسلوى خلف الاعتراف والتطبيع فغرقت في كوارث متلاحقة ما زالت متواصلة.