للمرة الأولى في لبنان: خطة مالية تنهي الضياع: عمر عبد القادر غندور
سبق الاعلان عن مقرّرات مجلس الوزراء ولادة الخطة المالية المنتظرة وما تضمّنته من عناوين تدعو الى التفاؤل والارتياح بعد انتظار عقدين من الزمن من ضياع حسابات الدولة في مغارات الطبقة السياسية الناهبة، حتى أوصلت البلد الى حالته التعيسة من الإفلاس والعوز واليأس، انبرى أربعة من رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام لسرقة وهج إنجاز الخطة الاقتصادية للحكومة فشنّوا هجوماً عنيفاً على الحكومة ورئيسها بعبارات موتورة واتهامات وإيغال الصدور من غير بيّنة ولا دليل، وإنْ كان عندهم من دليل فهو عليهم وليس لهم، وهم الذين أورثوا حكومة حسان دياب هذه التركة المتراكمة من فساد متأصّل في مفاصل الدولة أدّى الى ما نحن عليه.
ومن الوقاحة ما يثير الضحك عندما يتحدّث فؤاد السنيورة عن الإحباط والفوضى والعجز وهو المتهم بتطيير أحد عشر مليارا من الدولارات من دون سند قانوني بغياب موازنة، متجاوزاً القاعدة الاثنتي عشرية،! والأغرب ان يتهم السنيورة حكومة الرئيس دياب باعتماد تصفية الحسابات والممارسات الانتقامية وإطلاق العداوات والصراعات لحساب أجندات خارجية والتصويب على اتفاق الطائف، وانتهى الى المطالبة بوقف التدهور الاقتصادي والمالي والنقدي والتوقف عن محاولات تحويل النظام الديمقراطي الى نظام رئاسي والتعدي على صلاحية رئيس الوزراء!
وهل من عاقل لا يسوؤه ماضيه ان يتحدث عن عناوين هو صانعها وبطلها ونجمها؟
ومن يصدق انّ الحكومة الحالية التي لم يمضِ على وجودها أكثر من ثلاثة أشهر هي المسؤولة عن مجموع هذه التراكمات والموبقات والزعبرات المالية في غياب الموازنات وقطع الحساب؟
بينما الصحيح انّ الحكومة الحالية ورثت أدران ثلاثين عاما من الممارسات المشبوهة خارج المحاسبة والمساءلة!
اما الرئيس سعد الحريري الذي يزداد تعقراً في أيامه المترمّدة خارج السراي فلا عجب في شطحات خطابه بالأمس لأنّ رأي الرجل على قدر تجربته المتواضعة التي لا تعفيه من دفاعه عن الحريرية السياسية البائدة والتي تمثل الثقب الأسود في تاريخ الحكومات اللبنانية، ما يجعلنا نتذكّر القامات الكبيرة التي تولت رئاسة الحكومات أمثال الرؤساء رشيد كرامي وسليم الحص وصائب سلام وعبد الله اليافي وحسين العويني.
وثمة ملاحظة أخرى في تكوكب الرؤساء نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة حول الرئيس الحريري الابن وهي (الملاحظة) وجود الرئيس تمام سلام بينهم وهو الذي لا نعرف عنه إلا خيراً، ولكنه ارتأى على ما يبدو، ضرورة التكافل والتعاضد في زمن وجود حكومة من خارج السياق المعروف، ولا نجد في التحاق الرئيس نجيب ميقاتي الذي لم تكن بينه وبين الرئيس الحريري «كيميا»، ولكنه الآخر آثر المشاركة، والمعاضدة لا تضرّ شيئاً، كذلك التعاون والتضامن والإخلاص مع الرئيس دياب لا يضرّ، لا بل فيه منفعة للصالح العام وربما عند الرؤساء الأربعة الكثير من الإيجابيات التي يمكن ان يستفيد منها الرئيس دياب في سعي حكومته الى استنهاض جميع القوى لإقالة لبنان من عثراته وانتشاله من جحيم ما ناله من تخريب في العقود الماضية.
(البناء)