مقالات مختارة

مبادرات الثّعالبِ وسلام المنتصرينَ شوقي عواضة

ثمّة محاولات تقودها الأمم المتحدة لبثّ الرّوح في مفاوضات السّلام بين صنعاء وقوى التّحالف العدوانيّ على اليمن بعد إعلان الرّياض عن مبادرةٍ لوقف اطلاق النار لمدّة أسبوعين .إعلانٌ طرح الكثير من التّساؤلات حول المبادرة التي أعلن عنها المتحدّث باسم التحالف العدواني على اليمن العميد في الجيش السّعودي تركي المالكي والتي نالت الرضا الأمريكي وموافقة كلّ دول التّحالف العدواني .

إشكالياتٌ كبيرةٌ حملتها تلك المبادرة التي أعلن عنها بالتزامن مع تقدّم قوات صنعاء باتجاه مأرب التي بات سقوطها بيد قوّات صنعاء قاب أيّام أو أدنى أطلقت الرياض تلك المبادرة لتعيدَ خلط الأوراق في محاولةٍ للحدّ من هزائمها على أيدي الجيش اليمني واللّجان الشعبية على كافة الجبهات محاولةً كسبَ المزيد من الوقت لتعيد صياغة استراتيجيّاتها التي فشلت على مدى السّنوات الخمس للعدوان من تحقيق أيّة إنجازاتٍ وبالتّالي تقديم السعودية نفسها للعالم بأنّها مملكة الإنسانيّة التي تسعى لتحقيق السلام في اليمن لوقف حربٍ أهليّةٍ بين أطرافٍ يمنيّةٍ وهنا تكمن السقطة الأولى في المبادرة فالعالم كله يعرف وعلى رأسه الأمم المتحدة أنّ العدوان على اليمن كان أمريكيّاً سعوديّاً إماراتيّاً إسرائيلياً بريطانياً ودولياً وعلى مدى سنوات العدوان التي دخلت العام السادس أثبتت خلالها الرياض فشلها في أية مفاوضاتٍ كما فشلت قوّاتها في الميدان بل إنّها أثبتت عجزها عن تنفيذ اي تعهّدٍ أو اتفاقٍ لأنّها ليست في مكانٍ يؤهّلها لاتخاذ أي قرارٍ مصيريٍّ على مستوى سيادتها في ظل اعتبار الإدارة الأمريكية أنّ المملكة هي ولايةٌ من ولاياتها وملوكها ليسوا سوى خدّام هذه الولاية لحماية مصالحها وهذا ليس كلاماً انشائيّاً فمنذ تأسيس المملكة لم يتجرّأ ملكٌ من ملوكها على اتخاذ أيّ قرارٍ دون موافقة الولايات المتحدة الامريكية أو بريطانيا وما يؤكّد ذلك سياساتها التفاوضيّة مع صنعاء فمنذ أن اعلن الملك سلمان (عاصفة الحزم) على اليمن التي انهزمت بالعزم اليمني أعاد اطلاق عمليّة (إعادة الأمل) الأمل بتحقيق الانتصار الذي كان ولا يزال وهماً يراود آل سعود الذين أطلقوا مجموعةً من المبادرات التي تتلائم مع مصالحهم ومصالح حلفائهم وليس من أجل السّلام الحقيقي سلام الرّجال الشجعان وإذا ما راجعنا الاتفاقيات والمعاهدات التي وقّعت بين أنصار الله ووكلاء السّعودية منذ الحرب الأولى على صعدة عام 2004 وحتّى اليوم لوجدنا مجموع اتفاقيات السّعودية ووكلائها مع أنصار الله تسع اتفاقيات تقريباً من ضمنها اتفاقية الصلح في صعدة عام 2006 واتفاق وقف إطلاق النار في تموز عام 2007 الذي أسّس لاتفاق الدوحة عام 2008، اتفاقية السلم والشراكة عام 2014 ومفاوضات جنيف بين عامي 2015 و2018 بمراحلها الثلاث إضافةً إلى مشاورات الكويت 2016، واتفاق استوكهولم (كانون الأوّل/ ديسمبر 2018) كلّ تلك الاتفاقيات التي وقّع بعضها برعاية وإشراف الأمم المتحدة التي لم تلزم السّعودية أو وكلاءها بتنفيذ تلك الاتفاقيات بل كانوا ينكثون تلك العهود والاتفاقيّات في محاولةٍ للانقلاب مجدّداً على اليمنيين الذين قرأوا عقلية حكّام الرياض الصّلفة والمتحجّرة الذين حاولوا مراراً أن يتذاكوا وهم المغمورون بالغباء .تلك القراءة اليمنيّة للعقلية الحاكمة السّعودية كانت أحد أسباب انتصار اليمنيين على المستوى الديبلوماسي من خلال قدرتهم وتفوقهم في عمليّة القراءة الاستباقية وتقييم المواقف.

وما سجّله اليمنيون من انتصاراتٍ ميدانيّةٍ هي نتيجة وعيهم وإدراكهم ومعرفتهم لعدوّهم فانتصروا في حروبهم الميدانيّة والديبلوماسيّة والنفسية والإعلامية . وإذا ما تابعنا تأصيل مجريات الأحداث منذ عام 2004 وصولاً حتى اليوم لوجدنا حقيقةً تاريخيّةً واحدة تقول ان طغاة ال سعود فشلوا فشلا ذريعا في اخضاع اليمن وتحويله إلى تابعٍ لهم وأنّ ثمار العزّة والسيادة والإباء التي زرعها الشّهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي استحالت مواسم انتصاراتٍ حققها اليمنيون على مدى ستة عشر عاماً من المواجهة والتّضحية الصمود وسيكلّلها سيّد اليمن الأبي بانتصارٍ ديبلوماسي يحفظ فيها دماء الشّهداء وتضحيات اليمنيين المقاومين الذين خطّوا تاريخ العزّ والإباء على صفحات المجد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى