من الصحف البريطانية
في خضم متابعات الصحف البريطانية الصادرة اليوم لمستجدات الحرب ضد تفشي وباء كورونا في أنحاء العالم، لم يغب عن تلك الصحف التركيز على تفاوت مستوى مواجهة الفيروس من دولة إلى أخرى خصوصاً في أوروبا التي باتت توصف بأنها مركز هذا الوباء.
تسلط “الديلي ميل” الضوء على تجربة السويد المثيرة للجدل في سعيها إلى تطبيق ما يعرف بسياسة “مناعة القطيع“.
وتنقل “ديلي ميل” عن مهندس الاستراتيجية السويدية هذه أندريس تينجيل قوله في حديثه لوسائل الإعلام المحلية “إن سكان ستوكهولم – مركز تفشي المرض في البلاد – يمكن أن يحصلوا على (مناعة القطيع) في وقت مبكر من الشهر المقبل“.
وتأتي هذه “التوقعات” وسط إصرار الحكومة على رفض سياسة الإغلاق التام على الرغم من الدعوات المتزايدة لاتخاذ “تدابير سريعة وجذرية” لاحتواء تفشي الفيروس القاتل.
صحيح أن الحكومة اتخذت العديد من التدابير للحد من التجمعات العامة، لكنها أبقت على المطاعم ودور السينما والصالات الرياضية والحانات والمحال التجارية مفتوحة.
مع ذلك فقد تم وصف السويد كما تقول “ديلي ميل” بأنها “بعيدة” لأنها ترفض فرض حظر على غرار الاتحاد الأوروبي، على الرغم من ارتفاع معدل الوفيات المرتبطة بفيروس كورونا.
ووفقا لمراسل “ديلي ميل” جاك رايت فقد واجهت الحكومة انتقادات متزايدة لسياستها ، حيث يشير المنتقدون إلى ارتفاع عدد الوفيات كدليل على أن كراهية الحكومة للإغلاق التام ينطوي على شيئ من التضليل، واعتبر أكثر من تسعمائة مدرس وموظف تعليمي في رسالة مشتركة أنه يتعذر مع تطبيق نظرية “مناعة القطيع” ممارسة التباعد الاجتماعي للوقاية من العدوى.
ووفقاً لـ “ديلي ميل” فإن البعض يرجع أسباب هذا الأداء من قبل الحكومة السويدية إلى أنها كانت أصلاً “غير مستعدة على الإطلاق ” لمواجهة الوباء.
لكن المسؤولين كما تقول “ديلي ميل” يصرون على أن خطتهم مستدامة على المدى الطويل رافضين الإجراءات الصارمة قصيرة المدى باعتبارها غير فعالة للغاية.
نشرت صحيفة الغارديان معلومات مهمة تنسبها إلى دبلوماسيين ومدافعين عن حقوق المهاجرين تفيد باستمرار اكتظاظ عدد من مخيمات العمال الأجانب في الخليج بآلاف ممن توقفوا عن العمل، ويواجهون معدلات عالية من الإصابة بوباء كورونا بعد تعذر إعادتهم إلى بلدانهم ما قد يجعل مئات الآلاف منهم عرضة لدفع الثمن الأكبر لانتشار الوباء في الشرق الأوسط.
ووفقاً لـ “الغارديان” فإن جماعات حقوقية ترى أن خطر تعرض العمال المهاجرين لكوفيد 19 مرتفع للغاية لدرجة أن الدول التي استقدمتهم للعمل لديها “باتت أمام خيارين، إما أن تمنحهم نفس الحماية المقدمة لمواطنيها أو أن تواجه خطر تفشي الوباء الذي بات من الصعب اليوم احتواؤه أكثر من أي وقت مضى“.
ونقل مراسل الغارديان في الشرق الأوسط مارتن كلوف عن كبير أخصائيي الهجرة في منظمة العمل الدولية ريشارد خوليفنسكي قوله إن: “المشكلة تكمن في العنابر حيث يتعذر تنظيم المسافات الاجتماعية اللازمة في مناطق تناول الطعام” وكذلك غرف النوم.
في دول الخليج يمثل العمال المهاجرون نسبة عالية من المصابين بعدوى كوفيد19، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن جميع المخالطات كانت تقريبًا بين الأجانب، وكثير منهم يعيشون في مخيمات العمال.
وأشار تقرير نشره مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان هذا الشهر إلى أن العمال المهاجرين في الخليج “يعيشون في معسكرات عمل مكتظة بإحكام، غالباً في ظروف غير صحية، وبعضهم لا يحصلون على مياه جارية“.
وأثار معدل الإصابة المرتفع بين العمال المهاجرين فزع بعض دول الخليج حيث كثفت من جهودها لإعادة أكبر عدد منهم إلى بلدانهم، لكن جهودها اصطدمت بعدم الاستجابة الكافية من قبل الحكومات في أوطانهم الأصلية.
وحتى عندما عرض بعض دول الخليج الرعاية الصحية للمهاجرين الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس فقد سرت مخاوف في أوساط هؤلاء من احتمال إحجام سلطات الدول الخليجية عن المعالجة الشاملة للأعداد الكبيرة من الناقلين للعدوى في المخيمات.
ويشير مراسل الغارديان إلى أن ما يزيد عن أربعين ألف باكستاني في الإمارات العربية المتحدة قاموا بتسجيل أسمائهم للعودة إلى الوطن ، فيما هددت أبو ظبي بإعادة النظر في علاقات العمل مع الهند إذا لم تتعاون نيودلهي مع الجهود المبذولة لإعادة العمال الهنود إلى بلادهم.
وقال خوليفنسكي “هناك العديد من العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي ممن لا يريدون العودة وهم حريصون على البقاء في محاولة للعثور على عمل” موضحاً بأن “لا يوجد الكثير من الحماس من بعض البلدان لإعادة استقبال العديد من أبنائها العمال بالنظر إلى التحديات المرتبطة بحاجتها إلى عائداتهم المالية الكبيرة في هذا الوقت“.
وكشف خوليفنسكي للغارديان عن أن بعض الحكومات الخليجية كانت سباقة إلى المبادرة ببعض الإغراءات لتشجيع العمال المهاجرين على العودة إلى بلدانهم الأصلية إذ يُنظر إلى العمال غير الموثقين في سجلاتها على أنهم أحد أكبر مخاطر انتقال العدوى، مما يجعل تتبعهم من أولويات الحفاظ على الصحة العامة.
قالت مراسلة الصحيفة في بيروت بيل ترو إن “أغلب الحكومات وجماعات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم سجل طفرة مقلقة بشكل لا يصدق في العنف المنزلي حيث اضطر الناس إلى حبس أنفسهم في المنزل مع من يعولون“.
ونقلت مراسلة الإندبندنت عن العديد من جماعات حقوق الإنسان أن الانتهاكات يمكن أن تتفاقم بسبب الأزمات المالية والسياسية التي كانت تدمر المنطقة بالفعل قبل وصول الفيروس، مما يزيد من شدة الضغط على الناس.
وفي ضوء مشاهدات المراسلة فإن العديد من عمليات الإغلاق التي تسبب بها تفشي الفيروس في الشرق الأوسط تبدو أكثر حدة مما كانت عليه مثلاً في المملكة المتحدة، فلا يسمح حتى بممارسة الرياضة خارج المنازل ، وبالتالي فلا فترة للراحة على الإطلاق.
واستعرضت الصحيفة أمثلة عدة على تصاعد العنف المنزلي في كل من تونس والأردن ولبنان حيث سجلت منظمة “آبعاد” الحقوقية، التي تدير أيضًا مأوى لضحايا العنف المنزلي، اتجاهاً أسوأ وأفادت بأن “عدد المكالمات إلى خطوط المساعدة الخاصة بها ارتفع بنحو 60٪ هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019 وقد تلقت هذه الخطوط أكثر من 500 مكالمة منذ يناير” الغالبية العظمى كانت من النساء، أي أكثر من إجمالي المكالمات التي تم تلقيها خلال العام بأكمله في عام 2019.
ونسب مراسلة الاندبندنت عن غيدا عناني مؤسّسة ومدير المنظمة في “أبعاد” قولها : “نحن لا نشهد فقط زيادة في أرقام (المكالمات) ولكن أيضًا في العنف والتهديدات بالقتل – إنها أصبحت بالنسبة للكثيرين حالة تهدد الحياة” وهذا ما يعني في رأي عناني أن الافتقار إلى الدعم الحكومي الجاد مثل المساعدة المالية يجعل الأمور أسوأ، فأولئك الذين لديهم استعداد للعنف مع كل تلك الضغوط يمارسونه على أسرهم.
وبحسب الاندبندنت فإن البنك الدولي توقع قبل تفشي الوباء أن يكون 40 في المائة في لبنان تحت خط الفقر هذا العام ، وذلك بعد ثورة ضد ارتفاع الأسعار والفساد في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وتضيف مراسلة الصحيفة أن أحد الخبراء أبلغها بأن اقتصاد البلاد أصبح الآن في حالة “سقوط حر بدون مظلة” وأنه من المرجح أن نصف سكان البلاد البالغ عددهم أكثر من 6 ملايين نسمة سيكونون تحت خط الفقر في عام 2020.نبقى في منطقة الشرق الأوسط مع صحيفة الاندبندنت التي تحاول تركيز الضوء أكثر على تصاعد موجة العنف المنزلي في هذه المنطقة المحاصرة بوباء كورونا.