قضية الاستقلال والتحرر الوطني في سورية
غالب قنديل
رغم جميع الوقائع الدامغة والمؤشرات المتزاحمة حول اتجاه ومآلات الأحداث في سورية ما زال إعلان النصر متعذرا رغم ما بذله الشعب العربي السوري والجيش العربي السوري معا من تضحيات هائلة في ملحمة الصمود والمقاومة البطولية ضد العدوان الاستعماري الصهيوني الرجعي .
اولا رغم الدروس الكثيرة التي تحفل بها يوميات سورية بالنسبة لأي مناضل تحرري ولأي مراقب موضوعي نزيه يجبن كثيرون عن ممارسة النقد الذاتي الطبيعي بل وتقديم الاعتذار لشعب سورية ودولته الوطنية وللقائد المقاوم الذي يعترف له الأعداء الكثر الذين تكالبوا عليه شخصيا كما على بلاده بانه قاوم حلفا مترامي الأطراف ضم القريب والبعيد بقيادة الإمبراطورية الأميركية وحلف الناتو وأرسى بصلابته مقدمات النصر السوري بلا منازع رغم الصعوبات والجراح وحيث يرد كثيرون إلى صلابة الأسد وشجاعته الفائقة احد اهم عناصر الصمود الشعبي والعسكري رغم قسوة الظروف وشدة الحصار وجسامة التحديات التي واجهتها سورية بنجاح.
ثانيا في بداية الأحداث كانت رواية الثورة المزعومة طاغية وضاربة حتى في صفوف بعض الحلفاء الموثوقين الذين بدلوا مواقفهم مع الوقت الذي كشف لهم مصداقية رواية الحليف السوري عن حقيقة ما يجري وقد عمت الرواية الكاذبة بفضل الإمبراطوريات والجوقات الإعلامية العملاقة التي حشدها الغرب الاستعماري لبناء رواية افتراضيةعن ” ثورة سورية من اجل الديمقراطية” وسخرت في الحملات اموال طائلة وادوات متعددة تقنيا وإعلاميا لشيطنة القيادة السورية والدولة الوطنية وكان المال الخليجي والأخطبوط الصهيوني العالمي مجندان بأقصى طاقة ممكنة في فصول هذه العملية الخبيثة والمنظمة التي ما زالت متواصلة لكنها أصيبت بانتكاسات قاتلة وافتضح امرها امام الكثيرين بفعل التطورات المتراكمة التي هتكت الزيف والتضليل المتعمد وكذلك بفضل اعترافات عديدة عربية واجنبية إلا بعض الجماعات اليسارية العربية المثقوبة والملحقة والممسوكة.
ثالثا تبين لمن يدقق ويفهم ان ترويج الأكاذيب وفبركة الأحداث الوهمية سارت بالتوازي مع الحملات السياسية العدائية التي شنها انذال من المستعمرين والعملاء الصغار ضد سورية وقائدها المقاوم وهكذا وقفت هيلاري كلينتون مجرمة الحرب التي اعترفت لاحقا بمسؤولية حكومتها عن تكوين عصابة داعش الإجرامية وحشد المرتزقة إلى سورية في أقذر بعثات الإبادة الدموية وحشدت في باريس والدوحة حلفا عالميا يضم عشرات الحكومات الأجنبية لخنق سورية ولمحاولة التخلص من حكومتها الوطنية المستقلة المقاومة بينما برز دور الكيان الصهيوني في هذا العدوان الاستعماري على سورية عندما تساقطت اوراق العصابات العميلة قرب هضبة الجولان وانكشفت رعاية الموساد لعصابة النصرة ولجمعية الخوذ البيضاء التي اخرجت تحت حراسة الاحتلال إلى الأردن.
رابعا تأكد بما لا يقبل الجدل أن الائتلافات السياسية والتشكيلات العسكرية المتعددة التي بدلت من تسمياتها ورموزها وأسماء زعمائها وقدمت للعالم على انها حركات سورية معارضة متمردة كانت حشدا من عملاء الاستخبارات الغربية ومرتزقة النفط التقطتها في المجتمع السوري عيون الوفود والبعثات الغربية والإقليمية التي تواجدت تحت تغطية الشراكة الأوروبية وبرامج المساعدة والدعم المختلفة التي تحولت إلى ميادين غدر وانقلاب على القيادة السورية في توقيت مدروس حدده المخططون الأميركيون بعدما اخفقوا في النيل من محور المقاومة وقلبه السوري وعاموده الفقري وهذا ما أثبتته وقفة المحور ولاسيما إيران والمقاومة اللبنانية والمقاومة العراقية إلى جانب سورية العربية وصمودها.
خامسا كانت المبادرة الروسية الهجومية للانخراط في الدفاع عن سورية حصيلة استشراف مسبق لأبعاد الخطة الأميركية الأطلسية المصممة لنقل منتجات الإرهاب المجربة في سورية إلى الفناء الروسي بينما أدرك الحليفان الروسي والصيني معا ان معركة الدفاع عن سورية تقيم مدماكا متينا في خرائط الشرق والعالم ضد الهيمنة الأميركية وهكذا استمد الحلف الوثيق بين روسيا وسورية وإيران والصين قيمة استراتيجية كبرى وبات مصدرا لتغييرات نوعية في توازن القوى العسكري والسياسي وفتح الافاق الاقتصادية الواعدة في منطقة غربي آسيا وهذا ما ترنحت في التفاعل معه كل من تركيا والكيان الصهيوني وجاءت الاستجابة من تل أبيب واسطنبول بسفر القادة العسكريين والسياسيين إلى موسكو بحثا عن التفاهمات الممكنة مع روسيا لتحاشي المخاطر بينما ظل الثبات الروسي في الإخلاص لمبادئ التحالف مع سورية والتمسك بالسيادة السورية يثير الدهشة والإعجاب ويشهد للقائد الأسد بقدرة عالية على نسج الشراكات الوثيقة وموالفة المصالح المشتركة مع الحلفاء باحترام خصوصياتهم وحساباتهم دون التخلي عن أي من المبادئ السورية الوطنية والقومية فظل تناغم سورية مع ثلاثي ايران والصين وروسيا عصيا على المتغيرات والشكوك وأقوى من جميع دوائر السؤال والقلق.