تقرير لجنة الطوارئ في مجلس الإعلام حول الاداء الاعلامي
من25 آذار حتى 15 نيسان
طغت على المشهد الإعلامي خلال الأسبوعين الماضيين عدة مواضيع أهمها:
1- التدابير الحكومية التي اتخذت في إطار التعبئة العامة لمحاصرة التفلت من الحجر المنزلي ولفرض التباعد الاجتماعي الذي دعت إلى التقيد به وزارتا الصحة والداخلية لمنع تفشي الوباء في لبنان.
2- عودة المغتربين اللبنانيين من الخارج وإجراءات العودة وتغطية وصول الرحلات التي نظمت لإعادتهم من المغتربات عبر مطار بيروت الدولي وملاحقة كيفية تعامل الفرق الطبية والترتيبات الإدارية التي اتخذتها الوزارات المعنية وسائر المؤسسات الصحية والأمنية وصولا إلى الفنادق ونتائج الفحوصات التي خضع لها العائدون.
3- تفاعلات قضية المطالبة بتنظيم رحلات العودة إلى لبنان في المغتربات واوضاع آلاف الطلاب اللبنانيين في عدد من دول العالم ومناشداتهم لتأمين عودتهم في ظل ظروفهم المالية الصعبة ومخاوفهم الصحية المتزايدة.
4- إقرار الحكومة رزمة مساعدات عينية ومنحة مالية بقيمة 400 ألف ليرة لبنانية للعائلات الأكثر حاجة بما فيهم المياومين وقيامها بتحضير آلية التوزيع الذي سيتولاه الجيش اللبناني مبدئيا بالتعاون مع البلديات والمخاتير.
5- مظاهر الإنفلات وعدم الإلتزام بالحجر المنزلي من قبل مواطنين في عدد من المناطق اللبنانية وتدابير وزارة الداخلية لضبط محاولات التفلت والتهاون.
6- ظهور بعض الإصابات بالوباء في بعض المناطق واستجابة وزارة الصحة بخطوات عملية بالتعاون مع البلديات والجهات السياسية والشعبية المعنية.
7- حملات التكافل الاجتماعي وجمع التبرعات لمساعدة الفئات الاجتماعية الفقيرة من محدودي الدخل والذين خسروا وظائفهم وتعطلت أعمالهم نتيجة الأزمة.
8- الجدل السياسي والضجة حول مشروع الخطة الاقتصادية والمالية للحكومة ومعالجة مشكلة الودائع المصرفية وسعر صرف العملات الأجنبية.
9- حملات التضامن والشكر للجسم الطبي والممرضين والممرضات التي أطلقتها بعض وسائل الإعلام (29 آذار 2020).
10- جدل الاختلاف السياسي حول التعيينات المالية التي طرحت على جدول أعمال مجلس الوزراء ثم سحبت بطلب من رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب.
11- الاجتماع الذي عقد مع مجموعة الدعم الدولية في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون وبحضور رئيس الحكومة وعدد من الوزراء وتحضيرات الحكومة لطرح خطة الانقاذ الاقتصادي والمالي.
12- عمليات تجهيز مراكز طبية في المناطق وإعداد المستشفيات الحكومية وبعضالمستشفيات الخاصة والأهلية لاستقبال مصابي كورونا في المناطق بإشراف وزارة الصحة.
يتبين من دراسة عينات نشرات الأخبار والبرامج السياسية التلفزيونية والإذاعية ومواد وتغطيات المواقع الإلكترونية:
أولا ما يزال وباء كورونا متقدما كأولوية في التغطية والمتابعة عبر وسائل الإعلام ، وبعد الاعتراف المتفاوت بصواب التدابير الحكومية المتخذة وفاعليتها منذ ظهور الوباء انتزعت الحكومة اعترافا ضمنيا بنجاحها في الإجراءات الوقائية التي أعلنتها ودعت للالتزام بها وقد تحقق بنتيجة التجربة العملية مناخ إعلامي متناغم في هذا الملف حسمته الوقائع العملية فتبارت المحطات التلفزيونية والإذاعية والمواقع الإلكترونية في الدعوة للتقيد بالحجر المنزلي وبالتزام منع التجول والتشدد بالتباعد الاجتماعي ونشطت في مواكبة خطوات وزارة الصحة وبعدما شنت بعض الوسائل حملات اتهام للحكومة بالتقصير انتقلت إلى التشديد على التقيد بالإجراءات والتوجيهات فبثت ونشرت التنبيهات التي تدعو المواطنين للإلتزام.
ثانيا تكرر للأسف المشهد الإعلامي ذاته في التعامل مع خطة تنظيم عودة المغتربين الراغبين وبعد حملات تشكيك من بعض وسائل الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني التي شنت عبر مقدمات نشرات الأخبار ومن خلال ضيوف برامجها الحوارية ومن خلال المقالات المنشورة على بعض المواقع الإكترونية ضد الحكومة تضمنت فيها اتهامات بالتقصير والتخاذل واوحت بصورة مشوهة للمغتربين اللبنانيين بافتراض انهم مصدر لتهديد وبائي كما عممت تصنيفات طائفية للاغتراب حسمت الوقائع الجدال وانتقلت سائر منابر الإعلام اللبناني إلى مواكبة الخطوات العملية وتفاعلاتها وأصدائها وتضمنت اعترافا بدقة التدابير وسلامتها رغم قلة الإمكانات.
على الرغم من كون المعركة ضد جائحة كورونا قضية وطنية تعني جميع اللبنانيين فإن موادا وتعبيرات إعلامية خبرية جرى بثها ووضعت في التداول بإيحاءات طائفية ومناطقية وبطابع تحريضي احيانا يغذي الحساسيات ومظاهر الانقسام الداخلي وهو ما يعتبر مخالفا لأحكام القانون وتنبه لجنة الطواريء في المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع إلى ان كل تحريض يزعزع التضامن الوطني ويغذي الانقسامات ويستنهض العصبيات الطائفية هو فعل توهين لمعنويات المجتمع في وجه ازمة شاملة وخطيرة.
ثالثا دخل على خط التغطيات الخبرية والحوارات والتعليقات أكثر من ملف محلي سجالي بنتيجة الاختلافات السياسية التي تعاملها وسائل الإعلام تبعا لخنادقها وولاءاتها السياسية بكل أسف وتشتق منها نعوتا وتوصيفات تدمجها بالأخبار والمعلومات المتداولة في تغطياتها وتقاريرها وهذا ما يخالف موضوعية الخبر مهنيا والفصل الملزم بين المعلومة والموقف او الرأي الخاص بوسيلة الإعلام.
رابعا أظهرت المعالجات الإعلامية توظيفا سياسيا للأحداث والمواضيع ابتعدت فيه بعض الوسائل عن المهنية وعن التقيد بالقانون الذي يلزمها بتقديم المعلومات للمتلقي كما هي وبالحرص على احترام حرية الرأي والتعبير عن سائر وجهات النظر بما فيه ذلك رأي الجهات الحكومية والمعارضة على السواء.
وإذا كان من حق أي وسيلة إعلامية التعبير عن رأيها او موقفها الخاص فهذا يفترض بها فصله عن عناصر الخبر وتقديمه بصورة مستقلة عن التغطيات كتعليق او كوجهة نظر مع ايراد رد الجهة المستهدفة في ذات السياق في حال تضمن الرأي اتهامات معينة وبذات المدة الزمنية والشروط الفنية بدلا من تعليب الأخبار ودمجها بنكهة سياسية تحريضية أو ترويجية تنطوي على موقف مسبق وبالايحاء السلبي من خلال تعابير اتهامية وتصنيفات جاهزة كالقول مثلا “حكومة التقصير” في متن الأخبار والمعلومات وهذا النوع من الممارسات ينتمي إلى ما عرف بالإعلام التلقيني الذي لا يحترم عقل المتلقي سواء بالترويج ام بالتشهير وكلاهما هو مخالفة للقانون ولدفاتر الشروط النموذجية كما يقع في السياق عينه من مخالفة القوانين استعمال تعابير تحريضية روجت لها بعض وسائل الإعلام في موادها الإخبارية من نوع “الكورونا السياسية ” و”فدرالية كورونا ” و” حكومة لم تبلغ عمر النضج واستقلالية القرار” و”الأزمات تتصاعد والحكومة تسلك دربا انحداريا ” أو “حكومة الفوتو شوب” كما سجل استعمال تعابير مهينة في مخاطبة بعض المسؤولين وعرض مواقفهم وهذه مخالفات تمس بالتضامن الوطني في زمن التهديد الوبائي وبعضها تبث مناخا معنويا سلبيا يضعضع من هيبة المؤسسات المسؤولة ويقلل بالتالي في نظر المتلقي من أهمية ما تتخذه من الإجراءات مما يزعزع الثقة ويشجع على التفلت الذي برز كنزعة مؤسفة تنطوي على خطر كبير.
خامسا تستمرّ حملات التوعية الصحية على كافة القنوات التلفزيونية والإذاعات وكذلك في المواقع الإلكترونية عبر بثّ مواد ونشر ارشادات صحية حول سبل الوقاية بالإضافة إلى حثّ المواطنين على الإلتزام بإجراءات الحجر المنزلي.كما بات تقرير وزارة الصحة اليومي مادة ثابتة إخباريا ومصدرا للمعلومات حول تفشي الوباء وحصيلته كما تبين أيضًا أن بعض الوسائل تتابع موضوع توزيع المساعدات ومبادرات التكافل الاجتماعي في مختلف المناطق.
سادسا توقفت لجنة الطواريء أمام خلل مهني وقانوني وقعت فيه بعض وسائل الإعلام من خلال اعادة بث مواد مفبركة ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي وهي بذلك عممت موادا تضمنت محاولات إثارة وتحريض وتشويه سمعة كما حصل قبل أيام في الفيديو الذي عرض على يوتيوب وظهر على موقعين الكترونيين وتبين أن مفبركه هو منتحل صفة طبيب في مستشفى الرسول بالضاحية الجنوبية.
اننا ننبه الزميلات والزملاء في جميع وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمواقع الإلكترونية من ترويج أي مواد يجري بثها على مواقع التواصل وتبنيها عشوائيا بدافع الإثارة أو النكاية السياسية لأن تلك الوسائل مسؤولة عن كل ما تبثه أيا كان مصدره وفق القانون وبعدما تضعه قيد التداول بغض النظر عن المصدر تصبح هي المعنية مباشرة بالتبعات القانونية الناشئة عن هذا الفعل.
لذلك اذا استنسبت أي جهة إعلامية تلفزيونية او اذاعية او الكترونية إعادة بث مادة ظهرت على احد مواقع التواصل الاجتماعي فانها ملزمة بالتثبت من المصدر مسبقا وبإيراد وجهة نظر الجهة المستهدفة بمضمون المادة وردها عليها في ذات التوقيت وضمن نفس الشروط الفنية للبث والنشر وكل تصرف مخالف يعتبر من الوجهة القانونية والمهنية ترويجا لخبر كاذب ولما كانت مواقع التواصل هي مساحة للتعبير الشخصي وخارج أي مرجعية ناظمة فهذا لايعني أن ما ينشر ويبث بواسطتها من قبل أي كان لايقع تحت المسؤولية القانونية وخصوصا قانون العقوبات لجهة التعامل مع بث الشائعات والتحريض على الفتنة وتوهين المعنويات الوطنية في وجه تهديد شامل ومن هنا نأمل من مكتب جرائم المعلوماتية والنيابات العامة التدخل لوضع حد لهذا النوع من التصرفات المؤذية التي تثير القلق العام في مرحلة دقيقة كما تزرع الشكوك وتبث الفرقة وتشوه الحقائق ونأمل من القضاء محاسبة جميع الأفراد والمجموعات الذين يرتكبون هذا النوع من الأفعال المسيئة التي يقع على عاتق الإعلام بجميع منابره واجب التحذير من عواقب التورط فيها وعدم تبريرها بأي ذريعة كانت خصوصا حرية التعبير آملين من سائر إدارات التحرير في الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني ان تحذر المواطنين من التورط بترويج هذا النوع من المواد بالطرق التي تجدها مناسبة.
سابعا تنوه اللجنة باحترام العديد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية للقواعد المهنية والقانونية وبابتعادها عن الإثارة والتحريض وتقيدها برصانة الأداء وبالمسؤولية الوطنية وهي تعتبر ان الحرص على حرية الإعلام واحترام الطابع المتعدد للرأي الذي نص عليه القانون يفترض تجسيد هذه القيم والتقاليد المهنية في جميع المنابر الإعلامية أيا كانت مواقفها ومواقعها السياسية فهي ملزمة بتنمية روح التضامن والحوار واحترام حق الاختلاف والاعتراض والابتعاد عن مفردات التحريض والانقسام وبث الأحقاد والضغائن في مرحلة تحتاج إلى اوسع تضامن وتكاتف بين جميع اللبنانيين الذين ملوا من الضجيج والإثارة والتحريض.
ثامنا تامل اللجنة من وسائل الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني مراعاة حالة الحجر المنزلي وتفاعل الأطفال والناشئة مع كل ما يبث ويروج وارتفاع عدد ساعات المشاهدة والمتابعة العائلية وهو ما يفترض تخصيص البرامج المناسبة وبث مواد تفاعلية لأحوال الآثار النفسية والتربوية والاجتماعية لهذه الظروف والاستعانة بخبراء يساعدون في اقتراح الخطوات والمبادرات التي تساعد المشاهدين والمستمعين والمتابعين الذين تضاعفت أعدادهم على التكيف مع الظرف الصعب والاستثنائي وتعينهم على تحمل الضغوط الناشئة عنه واختيار المواد البرامجية التي تساهم في الحد من مخاطر وأعراض ظهرت في بلدان عديدة بنتيجة الجائحة الوبائية وآثارها السلوكية على الأفراد كتزايد ظواهر العنف المنزلي وانتشار حالات الضيق والتوتر النفسي والعصبي.