من الصحف البريطانية
طغى التصاعد المتسارع لمعدل الوفيات في بريطانيا جراء الإنتشار المروع لوباء كورونا على اهتمامات جميع الصحف البريطانية تقريبا إلى درجة لم ينعكس جلياً معها التباين المألوف بين توجهات تلك الصحف في طريقة تناولها لتطورات ما باتت توصف بأنها “معركة وطنية” ضد هذا الوباء.
نشرت صحيفة “الديلي ميل” التي ما انفكت كغيرها من الصحف في عقد المقارنات بين معدلات الإصابات والوفيات في كل من بريطانيا وجاراتها الأكثر تضرراً بالوباء.
مراسل الصحيفة ديفيد ويلكوك أعد ملخصاً لتصريحات عالم بريطاني بارز حذر فيها من أن بريطانيا قد تشهد أكبر عدد من الوفيات بسبب فيروس كورونا أكثر من أي دولة أخرى في أوروبا.
ونقل المراسل عن السير جيريمي فارار، مدير صندوق ويلكوم ترست قوله :”إن زيادة الاختبارات سوف تمنح الوقت للسماح للخدمة الصحية بالتعامل مع الأزمة لكن هناك دروسا يمكن تعلمها من ذلك“.
يأتي هذا بعد أن تجاوز عدد الوفيات في أنحاء البلاد حاجز العشرة آلاف حالة بمعدل يومي يقترب من الألف وفاة، ووسط خلافات حول عدد الاختبارات التي أجريت في المملكة المتحدة للكشف عن الاصابات المحتملة بالوباء، حيث تصر الحكومة على أنها يمكن أن تصل إلى مائة ألف اختبار يوميًا بحلول نهاية أبريل/ نيسان الجاري.
لكن أهم ما قاله العالم البريطاني هو أن “احتمالات حدوث موجتين ثانية وثالثة من هذا الوباء ربما لا مفر منها”وبالتالي فإن الحصول على العلاجات المناسبة لإنقاذ الأرواح والحصول على لقاح في المستقبل سيكون أمرًا بالغ الأهمية لمنع هاتين الموجتين.
و للتعليق على هذه التصريحات نقلت صحيفة “الصن” عن وزير الأعمال البريطاني ألوك شارما قوله إن الدول “تسير في مسارات مختلفة“.
كما تنسب “الصن” إلى شارما تأكيده في مقابلة مع بي بي سي على أن ما فعلته حكومته بنصيحة المواطنين بالبقاء في المنازل غرضه :”أننا نريد التأكد من أن معدلات الإصابة لن ترتفع“.
وفي سياق متصل ذكرت “الصن” أن الكلية الملكية للتمريض قامت مؤخرا بتكثيف الضغط على الوزراء بعد أن حثت منتسبيها على رفض التعامل مع المرضى “كملاذ أخير” إذا لم يتم توفير معدات الوقاية الشخصية المناسبة لهم.
كما أوضحت صحيفة “آي نيوز” من جانبها أن نصيحة الكلية جاءت بعد خلافات مع الحكومة حيث أصدرت الكلية، وهي أكبر اتحاد للممرضين في المملكة المتحدة إرشادات جديدة تنصح أعضاءها بالابتعاد عن المرضى لمنع تعرضهم للخطر إذا لم يكن لديهم معدات حماية شخصية كافية.
وقالت النقابة إنها ستقدم المساعدة والمشورة القانونية لمن يتخذون ما اعترفت بأنه “قرار صعب للغاية” محذرة أيضا من أن الممرضات قد يواجهن ملاحقة جنائية بتهمة القتل غير العمد في حالات “نادرة جدا” إذا ابتعدن عن المرضى.
أما في صحيفة “الغارديان” فنلحظ غضباً متفاقماً لدى بعض كتابها كلما ازداد عدد الوفيات في بريطانيا وكاد يقترب من أمثاله لدى الدول الأوروبية.
الكاتبة في الصحيفة “نسرين مالك” أنحت باللائمة في هذا على عدم أخذ الحكومة البريطانية على محمل الجد التحذيرات والمؤشرات التي أطلقها تفشي الوياء في ايطاليا واسبانيا وفرنسا.
وترى الكاتبة أن “ما يحدث تجربة تستوجب مزيداً من اليقظة ، مطالبة بوجوب أن تتم صياغة كل تقرير يظهر حجم الأزمة بلغة المساءلة وترسيخها على أساس مبدأ الوقاية مع كل فوائد الإدراك المتأخر“.
وأكدت أن الحكومة “أهدرت الوقت الثمين وأغرقت القضية بإحساس تفرد: لا داعي لاتخاذ إجراءات جذرية لأنه في المملكة المتحدة ستكون الأمور مختلفة إلى حد ما“.
وأشارت الكاتبة إلى أن مرض رئيس الوزراء بوريس جونسون – الذي غادر المستشفى قبل نشر الغارديان لمقالتها – قلل من فرص إدراك ذلك ، ورغم أنه حدث فريد ومزعزع للاستقرار لكنه كان مطويًا في رواية أكبر، حيث تحول مرضه وشفاؤه إلى فضيلة شخصية ، وبينما كانت هذه القصة طاغية في تناولات الصحافة تم دفن قصص الآلاف من الضحايا والحزن تحت تحديثات يومية لـ “المعنويات العالية” لرئيس الوزراء من سريره في وحدة العناية المركزة.
في شأن ذي صلة بالوباء العابر للحدود، اعتبرت صحيفة “الإندبندنت” أن الإغلاق التام في لبنان بات خط دفاعه الأخير ضد تسونامي من حالات الإصابة بفيروس كورونا الذي لا يمكن السيطرة عليه حتى الأن.
تفيد مراسلة الصحيفة بيل ترو أنها عندما عرضت على مسعفين في لبنان لقطات لأشخاص في لندن يخرقون لوائح الوقاية من الوباء بالتنزه في الحدائق نهاية الأسبوع الماضي ، شعروا بالرعب والارتباك.
ولتوضيح الأمر أكثر تقول المراسلة “لا يسمح لأحد تحت الحظر في لبنان بالذهاب إلى محال السوبر ماركت للحصول على الإمدادات الأساسية، وفي العديد من الأماكن يتم قياس درجة حرارة الشخص مرتين للسماح له بالمرور“.
جميع الحدود البرية والبحرية والجوية في هذا البلد مغلقة، وهناك حظر تجوال ليلي، حيث تم تطبيق اجراءات صارمة انعكست على الاقتصاد المنهك بالفعل، وتضع المزيد من الناس تحت خط الفقر.
وتنقل مراسلة الاندبندنت عن الأطباء والممرضات ومسؤولي الصحة وحتى وزير الصحة نفسه أن “الإغلاق هو خط الدفاع الرئيسي – إن لم يكن الوحيد – الذي تمتلكه البلاد ضد تفش كارثي محتمل للفيروس“.
لهذا كانت مقاطع الفيديو لبريطانيين ينتهكون قاعدة البقاء في البيت مرعبة لهم ، وتقول المراسلة “أخبرني الأطباء أن انتقال العدوى يمكن أن يحدث بسهولة حتى إذا كان الناس يجلسون على مسافة 6 أقدام فقط، وهذا في رأيهم ما قد يفسر ارتفاع عدد الوفيات في المملكة المتحدة حين كان رئيس الوزراء في تلك المرحلة يتلقى العلاج في العناية الفائقة.
لبنان الذي دمرته أزمة مالية لم يسبق لها مثيل تقريبا، لا يستطيع أن يرتكب خطأ لأنه لا يملك أي قدرة على مواجهة الوباء، لا يمكنه بناء مستشفيات و لا استيراد الآلاف من أجهزة التنفس.
أبلغ حمد حسن، وزير الصحة اللبناني مراسلة الاندبندنت أن لدى بلاده 1250 جهاز تنفس صناعيا لجميع الأمراض و 700 سرير فقط في وحدات العناية الفائقةلمرضى الوباء“.
وبينما يحاول اللبنانيون تصنيع أجهزة التنفس الصناعي الخاصة بهم ، فإنهم لا يملكون الأموال التي تمكنهم من زيادة الاستجابة على نطاق واسع، وهذا هو السبب في أن الحجر الصحي في المنزل هو الطريقة الوحيدة لمنع أكبرعدد ممكن من الوفيات.
في زيارة لمستشفى رفيق الحريري الجامعي المستشفى الرئيسي لمعالجة الاصابات بالفيروس هذا الأسبوع أخبر مدير المستشفى، الذي كان يجلس أمام مجموعات من معدات الوقاية الشخصية تبرعت بها الأمم المتحدة أنهم كانوا يعتمدون على مثل هذه التبرعات.
حتى الحكومة اللبنانية التي يقول خبراء الاقتصاد أنها على وشك الانهيار مدينة بملايين الدولارات للعام الماضي لم تدفع منها شيئًا عام 2020.
تضيف مراسلة الاندبندنت “أرسل لي اللاجئون السوريون والفلسطينيون مقاطع فيديو تعرض مشاهد من حظر التجوال الصارم، الذي أصبح أكثر إحكامًا في المخيمات، كانوا يقومون بالفعل بتقنين الطعام، كان الجيران المدخرون يساعدون من لا يفعلون ذلك“.
وقالت وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة إنها أنشأت خطًا ساخنًا للاجئين لطلب المساعدة في مواجهة فيروس كورونا، وتعهدت بدفع تكاليف العلاج، لكن الأونروا تواجه أسوأ أزمة تمويل في تاريخها.
وتخلص مراسلة الاندبندنت في نهاية تقريرها إلى أنه “لا أحد يعرف التأثير الحقيقي لذلك على الاقتصاد المتعثر في خضم أزمة حادة“.