ووهان تخلع عنها الحجر العام والأمل يعود للعالم
في مشهد أعاد الأمل بـ”حياة طبيعيّة” ما بعد وباء كورونا، خرج آلاف السكان من ووهان اليوم الأربعاء إلى الشوارع بعدما رفعت السلطات الصينية الإغلاق التام الذي فرض منذ شهور على المدينة، التي شكّلت مهد فيروس كورونا المستجد.
ومن ووهان انتشر الفيروس بشكل متسارع فوصل إلى كل بلد في العالم تقريبًا، وأودى بحياة أكثر من 80 ألف شخص، وشكّل ضربة للاقتصاد العالمي وزجّ بنحو نصف البشرية في شكل من أشكال العزل.
وأثّر الفيروس على المجتمعات على كل المستويات من العمال وصولا إلى شخصيات سياسية وملكية، وبينهم رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي يحارب الفيروس من قسم العناية المشددة في إحدى مستشفيات لندن.
لكن سعادة أهالي ووهان بمنحهم حرية مغادرة مدينتهم أعطت بعض الأمل للعالم، إذ شكلت دليلا على أن الفيروس لن يستمر إلى ما لا نهاية. واصطفّ العديد منهم للخروج من المدينة مرتدين بزات واقية.
وقالت هاو مي (39 عاما) وهي تستعد لرؤية أطفالها للمرة الأولى منذ شهرين “لا يمكنكم تصوّر حالتي! استيقظت منذ الساعة الرابعة صباحا. يرادوني شعور جيّد للغاية. وأطفالي متحمّسون إذ ستعود والدتهم، أخيرًا“.
وفي محطة القطارات، صرخ رجل كان ينتظر قطارا للعودة إلى مقاطعته هونان “مرّ 77 يوما وأنا عالق“.
وفي الأثناء، مرّ رجل آلي بين الحشود في المحطة ورشّ على أقدام الموجودين مواد معقمة، مكرّرا تسجيلا صوتيا يذكّرهم بوضع الأقنعة الواقية.
وبينما احتفلت الصين بأول يوم لها دون وفيات بالوباء، الثلاثاء، حصد الوباء أرواحا بأعداد قياسية في أوروبا والولايات المتحدة.
في الولايات المتحدة، توفي 1939 شخصا خلال الساعات الـ24 الماضية، بحسب حصيلة جامعة جونز هوبكنز، في وقت تقترب البلاد من تسجيل عدد الوفيات الذي سجّل في إيطاليا وإسبانيا، البلدين الأكثر تأثرا بالفيروس.
وسجّلت بريطانيا، الثلاثاء، عددًا قياسيًا جديدًا للوفيات في 24 ساعة بلغ 786.
وأكدت لندن أن جونسون (55 عاما) في وضع “مستقر” و”معنوياته عالية”، في وقت يتم تزويده بالأوكسجين في قسم العناية المركزة.
وفي فرنسا، شدّدت السلطات إجراءات الإغلاق، فحظرت الرياضة الصباحية في الهواء الطلق لمنع الناس من التحايل على القواعد التي فرضتها، بينما تجاوز عدد الوفيات في فرنسا العشرة آلاف.
أما في الولايات المتحدة، أكد حاكم نيويورك، أندرو كومو، أن الولاية تقترب على ما يبدو من بلوغ ذروة الوباء، لكنه حض السكان على التزام منازلهم.
في الأثناء، يحاول عناصر الفرق الطبية المنهكون حول العالم التعامل مع تدفق المرضى، بينما أقيمت مستشفيات مؤقتة على متن سفن وفي فنادق وحتى في كاتدرائية بنيويورك.
وفي برشلونة قال الممرّض أنتونيو ألفاريز (33 عاما)، العامل في قسم العناية المشددة، إن تجربته مع الوباء أشبه بالمرور بفاجعة، وأضاف “مررت بمراحل غضب وانفصال عن الواقع… الآن لا نزال منهكين لكن الوضع تحسّن. يموت عدد أقل من المرضى“.
ويبدو الاقتصاد العالمي كذلك على أجهزة الإنعاش، إذ تحاول الحكومات إنفاق مبالغ غير مسبوقة لتجنّب أسوأ أزمة تمر على العديد من الدول منذ قرن.
وبينما أقرّت اليابان حزمة لتحفيز الاقتصاد قدرها نحو تريليون دولار، لا تزال دول منطقة اليورو منقسمة بشأن اللجوء إلى إصدار “سندات كورونا” لدعم الاقتصاد.
وأعلن أفراد استعدادهم لتقديم الدعم، فأعلن مؤسّس موقع “تويتر”، جاك دورسي، أنّه سيتبرّع بمبلغ مليار دولار من ثروته الخاصة لدعم جهود مكافحة كورونا المستجد.
وواصلت أسواق الأسهم تذبذبها ليسجّل مؤشر داو جونز ألف نقطة، قبل أن يغلق على انخفاض طفيف.
وحذّرت منظمة العمل الدولية من أن 81 بالمئة من القوة العاملة حول العالم التي تضم 3,3 مليارات شخص باتت متأثّرة حاليا “بأسوأ أزمة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية“.
ويحاول البعض استخدام مهاراتهم للتخفيف من كآبة الوضع. ففي كوبنهاغن، قامت مجموعة من البهلوانيين الذين يعملون في سيرك بحيل في ساحة مفتوحة لتسلية الأشخاص العالقين في منازلهم.
وقال الفنان موغنز بيترسن “آمل بأن نتمكن من الخروج بشيء ما جيّد بالنسبة للفنون من هذه الكارثة”.