الصين وروسيا وكوبا وأمل البشرية
غالب قنديل
تعرضت التجارب التحررية المناهضة للهيمنة الاستعمارية الغربية في الشرق لحملات شيطنة لا حدود لها وأثيرت ضدها حروب منظمة لتشويه السمعة وترويج الأكاذيب عن نماذجها المتنوعة في توفير الرعاية لشعوبها اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وفي تطوير المبادرات الوطنية في مجالات العلوم والأبحاث الطبية والتكنولوجية المتقدمة التي احتكرها الغرب الاستعماري طويلا وحولها إلى سلة ادوات الهيمنة والتجبر لتركيع القوى التي ترفع راية الاستقلال والتحرر من الهيمنة في العالم الثالث.
اولا راكم الغرب الصناعي ثرواته وصنع رخاءه وتقدمه بما حصده من أرواح في حروبه الاستعمارية لينهب خيرات العالم وليسطر على الأسواق ويبسط سلطانه الاقتصادي والسياسي وهو ما يزال إلى اليوم يفعل المستحيل ليمنع نهوض دول جديدة ترفض الخضوع لهيمنته اللصوصية ولاحتقاره لسيادة الشعوب وثقافاتها الوطنية وحكوماتها المستقلة وقد برهن التعامل الأميركي الغربي مع دول عديدة خلال محنة الكورونا على هذه الحقائق فهاهي إيطاليا وأسبانيا تشكوان غدر ونكوص الاتحاد الأوروبي وها هي إيران وسوريا واليمن تقاوم الخطر الزاحف وهي محاصرة بعقوبات وتدابير قاسية تعيق حصولها على الأدوية والعقاقير والأدوات اللازمة لمكافحة تفشي الوباء العالمي بينما تبتعد الدول الصناعية الغربية الكبرى في سلوكها الاستعلائي رغم أن محنة البشرية الحاضرة لم توفرها من زحف الوباء الكاشف لعيوب أنظمتها المتوحشة وحكوماتها تزداد صلفا وتكشر عن أنيابها في استضعاف الدول الحرة التي تحملت طويلا أعباء الصمود والنضال ضد الغطرسة الاستعمارية.
ثانيا تختبر إيطاليا وأسبانيا في القارة العجوز صورة العالم الجديد القادم بنجدة الصين وروسيا وكوبا ومساعداتها الطبية بالمستشفيات الميدانية المجهزة وبالأدوية والأطقم الطبية المتخصصة والخبيرة وهذه الدول الثلاث تعاني إلى اليوم من العقوبات الأميركية الظالمة التي تحاصر نموها الاقتصادي على أمل الحد من فرص صعودها ومن نتائجه المحتمة بالقضاء على نظام القطبية الأحادية الذي أدمى البشرية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وأفلت وحشية غير مسبوقة في العلاقات الدولية بعد سيطرة الإمبراطورية الأميركية وطغيانها البربري .
المشترك بين الدول الثلاث أنها وريثة ثورات اشتراكية شقت طريقها الوطني وبخصائصها الوطنية إلى الثورة الصناعية والتكنولوجية بخصائص محلية وبتصميم دائم على تجسيد فكرة الرعاية الاجتماعية وتعزيز مسؤولية دولها الوطنية عن الرعاية الصحية وعن توجيه الاقتصاد وقيادة عملية النمو والتطور بما يراعي الحاجات الإنسانية الأساسية لشعوبها في الصحة والتعليم والسكن والعمل.
ثالثا لامجال للمقارنة بين هذه النماذج الثلاث في إدارة الشؤون العامة وبين تهتك وعجز النموذج الرأسمالي الغربي النيوليبرالي ورغم المصاعب يلفت الانتباه العزم الإيراني والنجاح السوري واليمني النسبي في توفير الحماية للناس حيث تقوم حكومات وطنية تحررية مقاومة ملتحمة بالشعوب بالإشراف المباشر على تدابير الحماية والوقاية وحيث يتحول الحصار بنتائجه إلى فرصة تحفز التضامن الشعبي وترفع منسوب اليقظة والاستعداد والاستجابة وتدفع بمبادرات تطوعية واسعة في ترشيد الناس وحثهم لتلبية النداءات بينما تسير بالتوازي عمليات البحث العلمي ومساعي تعزيز القدرات الوطنية.
تلك الدول الثلاث الصاعدة وجهت رسائل إلى الإنسانية كلها تحمل مضمون ما تعتقد به من قيم لا تميز بين البشر على أساس العرق او اللون وتلتزم بشراكة أصيلة متسامية على الحسابات المصلحية في الدفاع عن الوجود الإنساني في العالم دون تردد وهذا المغزى هو ما يتردد اليوم في إيطاليا وأسبانيا حيث الأثر الأشد فظاعة وهولا لوباء كورونا.
رابعا كوبا المحاصرة منذ استقلالها وانتصار ثورتها تعاني من الحصار القاسي وبنت قوة صاعدة صامدة وطورت خبرات علمية تضعها في خدمة البشرية وروسيا وريثة الدولة الاشتراكية العظمى والقوة العسكرية والاقتصادية الصاعدة في العالم بما لديها من قدرات تثبت لأوروبا التي أعماها الاميركيون بدعاية منظمة لترويج عقيدة العدو الروسي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي انها هي الصديق الوفي وشريك المصير في احرج اللحظات بينما الصين التي ملأ الاميركيون العالم ضجيجا بأكاذيبهم عن اطماعها وإن صحت الفرضيات والروايات المتداولة ربما تعمدوا ان يزرعوا بذرة الكورونا الأولى عندها ليطلق دونالد ترامب كذبته عن الوباء الصيني فإذا بحلفائه الأطلسيين باتوا يترقبون الترياق من الصين التي ما لبثت تباشر الشفاء حتى انتقلت إلى نقل خبراتها نحو الدول المصابة في اوروبا جوا وعبر قطار الشرق السريع العابر لطريق الحرير.
تستحق التحية اليوم لرواد التحرر الكبار في هذا العالم الذين تحضر ذكراهم عنوة عن انف الإمبراطور البشع الذي يتربع على عرش الإمبراطورية الطاغية فهم من أسسوا القواعد الصلبة لدول حرة تلتزم بخير الإنسانية وتعمل ضد الهيمنة والنهب اللصوصي … التحية اليوم باسم البشرية المهددة والمعذبة لذكرى فلاديمير لينين وجوزيف ستالين وماو تسي تونغ وفيديل كاسترو ومعهم قادة التحرر في شرقنا الزعيم جمال عبد الناصر والإمام آية الله الخميني والقائد حافظ الأسد ولمن يجسدون في عالم اليوم قيمهم الإنسانية والتحررية.