من الصحف الاميركية
تناولت الصحف الاميركية الصادرة اليوم أعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الوزير مارك إسبر ونائبه وضعا في الحجر الصحي بعد تأكيد إصابة 37 من طاقم الوزارة بفيروس كورونا المستجد.
وأوضحت الوزارة أن من المصابين بالفيروس 18 عسكريا وسط مخاوف من تفشي الفيروس في صفوف الجيش الأميركي، وأعلنت وزارة الدفاع أن مختبراتها أجرت 495 تحليلا لفيروس كورونا خلال الـ24 ساعة الأخيرة، من جانبه قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة سوف تخرج أقوى بعد انتهاء أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، في ظل تزايد أعداد المصابين بالمرض في البلاد.
علق ستيفن إرلانغر من صحيفة نيويورك تايمز على الإجراءات التي اتخذتها الدول الأوروبية لمواجهة فيروس كورونا المستجد والتي شملت إغلاق الحدود بينها، مشيرا إلى أن العدو الذي تقاتله هذه الدول أصبح في داخل الحدود. وقال إنه في مجتمعات تبدو الحياة الاجتماعية من خلال الشوارع والمقاهي ويحيي الأصدقاء بعضهم البعض من خلال القبل على الوجنات فإن مخاوف انتشار الوباء خلقت الخوف والتشرذم.
وقال إن متاحف أوروبا المموهة بالذهب باتت فارغة ويتردد فيها الصدى، فيما فرغت الساحات والملاعب الرياضية وأغلقت المتاحف وترددت الكنائس في عقد المراسيم الدينية أما المطاعم الراقية والبارات المعروفة فهي مغلقة.
ففيروس كورونا لا ينتشر فقط بل يقوم بإصابة المجتمعات بعدوى عدم الأمان والخوف والتشرذم. كما حرم الفيروس الإنسانية من المظهر الخادع عن قدرتها على السيطرة وعرى مناعة مؤسساتها العلمية والتكنولوجية والديمقراطية. ولو كان هذا الوضع يصدق على أي مكان يصل إليه الفيروس إلا أنه يبدو أصعب في أوروبا بتاريخ التنوير حيث تمظهرت الحياة من خلال الذهاب إلى الأماكن العامة والتسليم على الأصدقاء من خلال العناق والقبل.
ولم تعد الحياة كما هي فقد طلب من الأوروبيين أن يختبئوا في بيوتهم ويقوموا برفع الجدران بين دولهم وفي داخل المدن والأحياء وحول بيوتهم لحماية أنفسهم من جيرانهم حتى مع أحفادهم. ولمواجهة الفيروس الذي لا يعرف الحدود في أوروبا التي لا حدود لها فإنها تقوم ببنائها في كل مكان. ولكن رد كل دولة يختلف عن الدول الأخرى. وفي خطوة خفية أو متباينة فإنها تزيد من حس الفراق وأن المشكلة في البلد ليس من صنعه بل جاءت إليه من دول أخرى. وتقول ناتالي توستشي، المستشارة للاتحاد الأوروبي: “التناقض الظاهري في انتشار فيروس لا يعرف الحدود هو أن الحل بحاجة إلى حدود، ليس فقط بين الدول ولكن داخل الدول نفسها” إلا أن “بناءها بطريقة غير متناسقة لا يساعد”.
وهناك عودة محتومة للدولة من أجل الخبرة، السيطرة والطمأنينة. فمع انتشار الوباء من إيطاليا إلى إسبانيا وفرنسا وألمانيا وأبعد من هذا هناك حس بضرورة تبني الأساليب الديكتاتورية التي تبنتها دول مثل الصين. وبعد مراقبة الوباء وهو ينتشر في الصين بنوع من اللامبالاة، شعرت أوروبا بالرعب مما يحدث في إيطاليا. وبدأت فجأة الكثير من الدول بفرض حظر كامل لحماية نفسها ومواطنيها. واختفت فكرة التضامن الأوروبي، التي يتحرك فيها المواطن الأوروبي بحرية ويعمل بلا قيود عليه. ولو كان للوباء منطق الحرب ويقتضي بالضرورة عملا قويا فالعدو سيكون الرجل الذي يقف إلى جانبك.
ويقول إيفان كراستيف الذي يدير مركز الإستراتيجيات الليبرالية في صوفيا، بلغاريا: “لم تعد المشكلة بين الدول ولكن بين الأفراد”، وأضاف: “أصبح اليوم أخشى ما تخشاه هم الأفراد” و”كل واحد حولك قد يكون خطرا ويحمل الفيروس، وهذا الشخص قد لا يعرف أنه خطر عليك والشخص الوحيد الذي لا يعتبر خطرا عليك هو من لم تقابله، أي الشخص الذي بقي في البيت”. وفجأة أصبحت قبلة الترحيب خطرا وكذا عناق الفرح والعزاء.
يقول الكاتب جاكسون ديل في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن احتضان الرئيس الأميركي دونالد ترامب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان يكلفه الكثير الآن.
ويضيف أن ترامب ارتكب أحد أكبر أخطاء رئاسته في ربيع عام 2017 عندما عرض احتضانا غير مشروط لولي العهد السعودي محمد بن سلمان (31 عاما) وتبنى توجهاته وسياساته لمواجهة إيران بقوة.
وبعد مرور ثلاث سنوات بات خيار ترامب مكلفا بشكل أكبر يقول الكاتب مضيفا أنه لئن ساهمت استجابة ترامب البطيئة إزاء فيروس كورونا في تسريع وتيرة تراجع سوق الأسهم، فإن اضطراب الأسواق كان مدفوعا أيضا بتحركات ولي العهد السعودي المتهورة في الآونة الأخيرة.
ويقول الكاتب إن بن سلمان قرر -على عكس نصيحة وزرائه- إغراق الأسواق بالنفط السعودي الرخيص، مما تسبب في انخفاض السعر العالمي وتعريض صناعة النفط في الولايات المتحدة للخطر.
وهذا ما يفسر سبب الاتصال الهاتفي الذي أجراه ترامب بمحمد بن سلمان الاثنين الماضي حيث بدأت الأسهم بالانخفاض.
وبحسب الكاتب فإنه من السهل تخمين أن رسالة الرئيس تشبه البيان العام لوزارة الطاقة في بلاده، والتي شجبت محاولات لاعبين دوليين التلاعب بأسعار النفط.
غير أن بن سلمان لم يأبه لما يقوله ترامب، بل إن وزير النفط السعودي أعلن عن زيادة كبيرة أخرى في إنتاج النفط، الأمر الذي أدى إلى انخفاض قيمة الأسهم مرة أخرى.
ثم جاء الهجوم الصاروخي الذي يعتقد أن مليشيا مدعومة من إيران شنته على قاعدة في العراق، مما أسفر عن مقتل وإصابة جنود أميركيين، الأمر الذي أدى إلى دوامة من الغارات الأميركية والهجمات الصاروخية من جانب المليشيات، وأعاد ترامب إلى حافة الحرب مع إيران.
ويشير الكاتب إلى أن ترامب سبق أن دافع بعناد عن بن سلمان إزاء عدد من المغامرات، ومن بينها الحرب الكارثية في اليمن، والحصار الفاشل لدولة قطر وجريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول.
ويقول الكاتب إن وعد بن سلمان لترامب بالمشتريات السعودية الكبرى للأسلحة الأميركية لم يتحقق، وإن مكافأة ترامب من جانب حليفه التي يفترض أن تكون كبيرة في وقت الحاجة القصوى كانت تقلب الأسواق الأميركية ومقتل الجنود الأميركيين.
ويضيف أن السعوديين يزعمون أن بن سلمان لا يسعى عمدا إلى تخريب العلاقة مع ترامب، ويقولون إن الشجار الحقيقي لولي العهد السعودي هو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي رفض الموافقة على اقتراح سعودي بخفض إنتاج النفط لتحقيق الاستقرار في الأسعار، مما دفع أرامكو السعودية إلى ضخ المزيد من النفط في الأسواق لخفض الأسعار.
ويضيف الكاتب أن ترامب سبق أن وضع إعلانا في نيويورك تايمز عام 1987 يشير فيه إلى السعودية، حيث يقول إن وجودها يعتمد على الولايات المتحدة، وإن العالم يضحك على السياسيين الأميركيين أنهم يحمون السفن التي لا يملكونها والتي تحمل النفط الذي لا يحتاجونه والموجهة إلى الحلفاء الذين لا يساعدون الولايات المتحدة.
ويوضح أن السعودية لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة من أجل بقائها وأن القوات الأميركية لا تزال تحمي الناقلات التي تحمل النفط السعودي في الخليج، على الرغم من أن الولايات المتحدة تحتاج إلى نفط مستورد أقل بكثير مما كان عليه في عام 1987.
وختم الكاتب بأن ترامب أرسل الآلاف من جنوده للدفاع عن حقول النفط السعودي أمام الهجمات الإيرانية، بيد أنه بقي سلبيا بشكل غريب عندما عمل بن سلمان بشكل متكرر ضد المصالح الأميركية.