تحولات الحرب الإعلامية ضد سورية
غالب قنديل
فرض الجيش العربي السوري وحلفاؤه معادلات جديدة على الأرض خلال السنوات الماضية بتحرير معظم المناطق السورية وأظهر الاحتضان الشعبي الواسع لهذا الجيش وللدولة الوطنية ومؤسساتها كمية الكذب والخداع والتزوير التي تضمنتها البيئة الافتراضية عبر تعميم أدوات الحرب الإعلامية لصور ومصطلحات تضع ما يجري في مفهوم “الحرب الأهلية ” و”الصراع الدولي الإقليمي للهيمنة على سورية“.
أولا على الرغم من الوقائع العنيدة والصارخة يستمر استعمال ونشر مصطلحات كاذبة تنقضها الوقائع في توصيف ما يجري في التعبيرات والمصطلحات وحتى الساعة تطلق تسمية “جيش النظام ” و”قوات الأسد” بدلا من الاسم الرسمي ” الجيش العربي السوري ” في حين تبرر آلة الحرب الإعلامية استخدام تعبير “الدولة الإسلامية ” في توصيفها لداعش بان تلك هي التسمية الرسمية المعلنة من قبل هذه العصابة كما يستمر نعت جماعات جبهة النصرة القاعدية ومثيلاتها بالمعارضة وتستخدم تسمياتها المعلنة كما هي دون أي نعت او صفة مع انها مشمولة بتصنيفات الإرهاب لدى مجلس الأمن الدولي رسميا وحيث يفترض إضافة النعت إلى التسمية.
يمثل هذا السلوك الإعلامي تزويرا فظا للوقائع حيث ظهر بقوة الدور الحاسم للقرار السيادي السوري في تحرير المناطق الباقية تحت سيطرة الإرهابيين والعملاء والغزاة وحيث يدعم سائر حلفاء سورية بجهود ومواقف سياسية وعسكرية سائر المبادرات والخطوات التي تقررها القيادة السورية.
ثانيا الغاية النافرة في إدارة التغطيات الإعلامية هي طمس جوهر الصراع بوصفه نضالا تخوضه الدولة الوطنية السورية في وجه منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية ضد عصابات إرهابية عميلة تخوض حربا بالوكالة لصالح الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي ودفاعا عن السيادة الوطنية.
لخدمة تلك الغاية تتعمد الحملات الإعلامية تحجيم وطمس دور الإرادة الوطنية السورية في صناعة الأحداث والمعادلات ونسبة الحجم الأكبر من عملية إدارة الصراع إلى القوى الحليفة على حساب دور الدولة الوطنية السورية والجيش العربي السوري والقيادة السورية ويتبدى استثمار جانبي إعلاميا هو محاولة استثارة حساسيات وتعارضات بين الأشقاء السوريين وسائر الحلفاء بعدما أسقطت شراكتهم الصلبة والمتينة جميع الفصول السابقة من الخطة الاستعمارية الصهيونية لتدمير سورية وقد لعب حلفاء سورية جميعا ادوارا كبيرة وحاسمة وقدموا تضحيات جليلة دفاعا عن سورية ضد حلف عدواني مترامي الأطراف دوليا وإقليميا وقدموا الكثير في مؤازرة الجيش العربي السوري والقوى الشعبية الرديفة التي ساهمت في القتال وحيث شكلت الجمهورية العربية السورية ركيزة كبرى ومتينة لمحور المقاومة والاستقلال في المنطقة ولحلف مناهضة الهيمنة الأميركية في العالم.
ثالثا من الأمثلة النافرة للتضليل الإعلامي تعميم الدعاية المعادية لموجة واسعة من التشكيك وضعت في الميزان علاقة كل من روسيا وإيران بتركيا والمصالح المشتركة بين هذه الدول الثلاث مقابل تحالف سورية مع روسيا وإيران في الكفة المقابلة وكانت توحي دائما بميل موسكو وطهران إلى مسايرة تركيا على حساب سورية ومصالحها الوطنية بينما اكدت الوقائع ان جميع التفاهمات والاتفاقات التي عقدت في أستانة وسوتشي صبت لمصلحة الخطة السورية ونجحت في تفكيك معاقل الإرهاب وتقطيع اوصالها وبسط سيادة الدولة الوطنية في مناطق جديدة وتقلص اوكار الإرهاب ومعاقل الغزو إلى أشرطة طرفية يسعى الجيش العربي السوري إلى تحريرها بينما استعاد الجيش العربي السوري آلاف الجنود من مناطق المصالحات وبفضل قرارات العفو الرئاسي.
جاءت التطورات الأخيرة والمواقف المعلنة من موسكو وطهران تبرهن على مصداقية الحلفاء في دعم القيادة السورية والدولة الوطنية السورية والانحياز التام إلى جانب الجيش العربي السوي في عملياته لتحرير التراب الوطني السوري دون قيد اوشرط وحيث بذلت دماء وأرواح روسية وإيرانية ولبنانية إلى جانب شهداء سورية وجيشها وهذا ما لايحظى بما يستحقه من الاهتمام في التغطية والمتابعة لإبقاء الحقيقة في منطقة ظلال رمادية تتيح التلاعب بالعقول والانطباعات.
رابعا تحرص منصات الحرب الإعلامية على طمس دور الحصار والعقوبات والاحتلال الأميركي والعدوان الصهيوني والتركي في التسبب بمعاناة اقتصادية خطيرة تكافح الدولة السورية لتجاوزها إلى جانب حزم متواصل في محاصرة تجار الأزمات وفي ظل معركتها المستمرة ضد الفساد وهذه وقائع تتجاهلها منابر الحرب الإعلامية وتحاصرها في حين تستثمر على أي واقعة ملتبسة لتحريض السوريين ضد دولتهم وقيادتهم التي لا توفر جهدا للحد من اعباء الحصار وانعكاساته بينما تخوض معارك متواصلة لاسترجاع موارد الثروة الوطنية التي ينهبها الغزاة وعملاؤهم في الشمال والشرق حيث خزانات الحبوب والزيتون والخضار وحقول النفط الكبرى ومن الأمثلة النافرة والواضحة التجاهل الفاضح لما يجري في حقول النفط حيث يحرس جنود أميركيون وعملاء من الميليشيات الكردية سرقة الثروة السورية لصالح شركة صهيونية.
في وجه الحملات المعادية يبذل الإعلام الوطني السوري جهودا جبارة في مطاردة الدجل الإعلامي رغم قلة الإمكانات وظروف الحصار والتآمر الدولي والإقليمي على دولة وطنية مقاومة تدافع عن استقلالها وعن قضية التحرر الوطني العربي.
خامسا من الأمثلة الكاشفة للحرب الإعلامية على سورية تعامل المنصات المعادية مع الاعتداءات الصهيونية المتكررة وحجب حقيقة التصدي الدفاعي المحسوب الذي يقوم به بجدارة الجيش العربي السوري وحيث تذكر انفجارات الصواريخ المعادية التي تصيبها المضادات السورية كما لو أنها ناجمة عن إصابة العدو لأهداف سورية على الأرض ويتذاكى المعلقون والمحللون بالسؤال عن الأسلحة الروسية المتطورة وصواريخ إس 300 ويتجاهلون عامدين أن إدارة النيران والحرص على عدم تمكين العدو من اكتشاف الخفايا التقنية لتشغيل منظومات الدفاع الجوي هي خبرة تعلمتها القيادة العسكرية السورية منذ عام 1982 في معاركها ضد العدو الصهيوني وتطمس التغطيات الإعلامية كليا مغزى إطلاق الصواريخ الصهيونية من أجواء لبنان وفلسطين المحتلة لتحاشي المنظومات الدفاعية السورية الأقل تطورا والتي رغم ذلك تسقط الصواريخ المعادية وتفجر بعضها في الجو وقبل بلوغ أهدافها.