التشفير المخالف للقانون
غالب قنديل
يتابع اللبنانيون إعلانات تلفزيونية عن قرب تشفير بث بعض القنوات التلفزيونية المحلية وتعذر استمرار متابعتها كالمعتاد في بيوتهم دون دفع بدلات مالية والإعلانات مقرونة باسم شركات معتمدة للكابل المنزلي وجميع اطراف هذه اللعبة الجديدة هم خارج القانون يتعدون على المرفق العام خارج الأصول والقواعد الناظمة المحددة في القانون 382/ 94 .
أولا نص القانون على تسمية البث المشفر بالبث المرمز وأرجع تحديد قواعده وأصول تنظيمه إلى قانون خاص يصدر لاحقا ولم يصدر كحال ما نص عليه القانون أيضا لجهة سن قانون ينظم الإعلان وتم تعطيل تلك الأحكام منذ العام 1994 لصالح امر واقع شكل استثماره مجالا لتحصيل أرباح طائلة باستباحة المرفق العام الذي يمثله طيف الترددات المخصصة للبث التلفزيوني والإذاعي وجرى بالتوازي تقاسم الموازنات الإعلانية المخصصة للسوق اللبنانية وقد امسكت بالدفة مجموعات مالية احتكارية ما لبثت أن وجدت شركاءها في القطاع المصرفي.
قدمت الحكومات المتعاقبة الحماية السياسية لمخالفات الإعلام المرئي والمسموع الذي تم تنظيمه بتقاسم التراخيص أسوة بكل ما شملته عمليات تقاسم المغانم بعد الطائف وهي الحكومات التي تعمدت حرمان المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع من ادوات متابعة المحتوى الإعلامي وادارت الظهر لتوصياته وتقاريره التي اقتحم بها جدران المنظومة الإعلامية السائدة والقائمة على انتهاك القانون.
ثانيا في ظل تعطيل احكام القانون حول مراقبة مداخيل المؤسسات المرخصة تدفقت بعض موازنات الحروب الإقليمية إلى العديد من المؤسسات التي لعبت ادوارا خطيرة في التحريض والتضليل بينما جرت محاولات متكررة لاستغلال حالة الشح المالي وتقلص المداخيل الإعلانية لتكريس الأمر الواقع غير الخاضع لأي قواعد تنظيمية تراعي ضوابط المحتوى الإعلامي ففي جميع بلدان العالم تخضع عمليات البث لقواعد تقنية وبرامجية محددة تراعي حق المتلقي في الوصول إلى المعلومات وتراعي حاجات الأمن الوطني والمصالح السيادية وقد راكمت بعض المجموعات الإعلامية أموالا طائلة بنتيجة استغلال حالة الفوضى وهي شرعت تنظم نفسها في شركات لتدخل مرحلة جديدة من الاستغلال ومراكمة الأرباح بالتحالف مع جهات خارجية دولية وإقليمية مهتمة بالدخول إلى السوق اللبنانية لاعتبارات تجارية وسياسية.
لقد عطل مشروع الشبكة الوطنية الرقمية منذ ثماني سنوات وتم اعتراض عمل اللجنة التي وضعته وكلفت بالإشراف على تنفيذه لصالح إدامة الفوضى والقرصنة ووضع اليد ومراكمة أرباح غير مشروعة.
ثالثا يمكن لمجلس الوزراء إعادة إطلاق الخطة الرقمية واستدراج عروض عالمية لتنفيذ شبكة رقمية أرضية في كل لبنان للبث التلفزيوني الرقمي الأرضي وفقا لقواعد الشراكة في الإدارة والاستثمار التي تحفظ ملكية المرفق العام ووضع قواعد واضحة لتوزيع العائدات والأرباح على القنوات المحلية وتنظيم قواعد إعادة بث وتوزيع القنوات العربية والأجنبية وفقا للأصول المتعارف عليها عالميا بدلا من حالة الفوضى والتسيب السائدة على هذا الصعيد ووفقا للخطة المعطلة يمكن لتلفزيون لبنان أن يحظى بحصة من العائدات مع الإشارة إلى ان وزير الصناعة الدكتور عماد حب الله كان شخصيا رئيس اللجنة التي وضعت الخطة وكلفت بالإشراف على تنفيذها وحاصرها التعطيل المقصود الذي يعرف عن كثب جميع تفاصيله العملية والإدارية والمالية.
إن الكتلة المالية لسوق الاشتراكات التلفزيونية تقدر في أدنى التوقعات بأكثر من مئتي مليون دولار سنويا يتوزعها شركاء الفوضى على حساب الخزينة والمرفق العام والمواطن اللبناني وحقوقه البديهية.
رابعا في تلخيص مرجعيات الخطة المغدورة التي تضمنتها مراجعات متلاحقة لوزراء الإعلام والاتصالات في الحكومات المتعاقبة منذ العام 2012 نورد اللائحة التالية :
1- اتفاقية جنيف 2006 المتعلقة بالانتقال إلى البث الرقمي التلفزيوني الأرضي والمرسوم النافذ حكما رقم 650 بتاريخ 22-7 -2007 المتضمن الموافقة على انضمام لبنان إلى الاتفاق الإقليمي للمنطقة الإذاعية الأوروبية ( استوكهولم 1961 ) والمعدل بموجب اتفاقية جنيف المشار إليها.
2- قرار مجلس الوزراء رقم 46 تاريخ 2-5 -2012 .
3- قرار مجلس الوزراء رقم 113 تاريخ 14 – 11- 2012 الذي صادق بموجبه على الخطة المرفوعة إليه وفوض المجلس بموجبه وزيري الإعلام والاتصالات بتشكيل لجنة الإشراف على تنفيذ الخطة .
4- قرار وزيري الإعلام والاتصالات رقم 293 /أ تاريخ 10 أيار 2013 بتشكيل لجنة الإشراف على تنفيذ خطة الانتقال إلى البث الرقمي .
5- تقارير ومراسلات اللجنة المكلفة بالإشراف على تنفيذ خطة الانتقال إلى البث الرقمي المرفوعة إلى وزيري الإعلام والاتصالات والتي عرضت فيها ما حققته من مهامها المقررة وما واجهت من عقبات مالية وإدارية ولاسيما كتاب اللجنة رقم ل ب ر / ص / 01 / 2015 المرسل بتاريخ 5 آذار 2015 إلى وزيري الإعلام والاتصالات والتقرير الموجه إلى وزيري الإعلام والاتصالات بتاريخ 10 نيسان 2014 تحت الرقم ل ب ر / ص/ 2014 .