صفقة القرن: إملاء وتسلّط: بشارة مرهج
صفقة القرن هي مجرد إملاء من الطرف الصهيونيّ – الأميركيّ على الشعب الفلسطينيّ المحاصر من البعيد والقريب.
الطرف المستعمر يريد من الشعب الفلسطيني أن يصدع لأوامر واشنطن وتل أبيب ويستسلم للواقع المزريّ الذي يعيشه اليوم في ظلّ تصاعد عمليات المصادرة والتهويد. وفوق ذلك يريده أن يتخلى تماماً عن وطنه التاريخي وعاصمته المقدسة، كما عن سيادته وأرضه وأمته ومياهه وسلاحه وقراره الحرّ وحقه في العودة.
وكلّ ذلك مقابل وعود عرقوبية بإطلاق مشاريع اقتصادية يمكن أن تتوقف بمجرد قيام طفل فلسطيني برشق حجر على جنديّ صهيونيّ يشدّ على خناق والده.
أما فلسطينيو الشتات فما عليهم سوى الاندماج حيث هم، والاشتباك مع أخوتهم في الشقاء والعروبة.
وعلى الدول العربية أن تذعن للصفقة بكلّ تفاصيلها المأساويّة وتعمل تحت الجناح “الإسرائيلي” لاستيعاب اللاجئين وتأمين الأموال وفتح الأبواب وتوفير التغطية السياسية العربية للتوطين.
ملخص القول إنّ الصفقة هي مشروع فتنة جديدة تستهدف وقف الصراع العربي – الإسرائيلي ونقله إلى داخل كلّ قطر عربي لمفاقمة حالة الفوضى والفقر والانقسام التي تُرخي بظلالها على المنطقة كلها.
مقابل هذه الهجمة المتجدّدة للمشروع الصهيوني الاستعماري لا بديل أمام الشعب الفلسطيني وكلّ الشعب العربي سوى الرفض والصمود والمقاومة لإفشال هذه الخطة الخبيثة التي تعتبر الفلسطينيين – أهل الثقافة والنضال – مجرد أشخاص هائمين على وجوههم، وتعتبر العرب – أهل الحضارة والعطاءات – مجرد جماعات متحاربة لا تستحقّ سوى التبعيّة والالتحاق.
نقول لهم ما يقوله أطفال القدس والضفة وغزة من دون أن ننسى أطفال عين الحلوة والبقعة وسائر مخيمات العزل والعذاب: ارفعوا أيديكم عن القدس قبل أن تحترق أصابعكم الملوّثة بالدماء، وارفعوا أيديكم عن أكناف بيت المقدس فهي ليست لكم، ولن تكون لكم، مهما طال الزمن ومهما تخاذل المتخاذلون، ومهما ادعى ضعاف النفوس.
يبقى أن نقول إنّ الفائدة الوحيدة لهذه الصفقة المريضة – التي تستهدف إخراج كلّ من ترامب ونتنياهو من مأزقه الداخلي – أنها توضح الصورة تماماً، وتُذكي الصراع الذي لن ينتهي قبل سقوط الاستيطان الاستعماريّ على أرض فلسطين المقدسة، وقبل عودة كلّ محتلّ من حيث أتى وقبل عودة اللاجئ الفلسطيني إلى دياره الفلسطينية معززاً مكرّماً.
(البناء)