محور المقاومة :ربح بالنقاط في العراق ولبنان… والضربة القاضية بالنووي !: ناصر قنديل
– خاض الأميركيون حربهم على محور المقاومة في ثلاث ساحات رئيسية، هي إيران ولبنان والعراق، بينما أصيب مشروعهم بالعجز عن الإقلاع في ثلاث أخرى هي سورية وفلسطين واليمن، حيث المسارات ترسمها قوى وحكومات محور المقاومة، وحيث الحلفاء الذين تعتمد عليهم واشنطن مصابون بالارتباك والعجز. فكيان الاحتلال أقوى حلفاء واشنطن غارق في متاهة سياسية انتخابية وحكومية وعجز عسكري متكرّر عن الإمساك بزمام المبادرة في فلسطين بوجه المقاومة، وفي اليمن المبادرة بيد أنصار الله، والأمن السعودي والإماراتي تحت رحمة ضرباتهم، وآخرها في مأرب زلزل حضورهم بالخسائر البشرية المؤلمة، بصورة أعادت مشهد ضربات مجمع آرامكو، بينما في سورية كل شيء في السياسة والميدان محور تحولات متسارعة لصالح مشروع الدولة السورية، من التموضع التركي إلى الحراك الكردي، وكل منهما يسابق الآخر نحو الدولة السورية، إلى معارك إدلب، ومسار اللجنة الدستورية، والعلاقة الروسية السورية وآفاقها، ورغم الوضع الاقتصادي الصعب تتحرّك الدولة السورية بقوة نحو معالجات وشراكات تتيح توسيع مجالات الحركة أمامها وتعزيز قدرات شعبها على الصمود.
– الضغوط على الساحات الإيرانية والعراقية واللبنانية التي بدأتها واشنطن من بوابة الحصار المالي الخانق والرهان على الاحتجاجات والقدرة على توظيفها، بالتعاون مع حلفاء محليين، يتلقون تعليماتها أو يشتغلون لحساب مصالح خاصة تتقاطع مع الأهداف الأميركية، توّجت باغتيال القائدين قاسم سليماني وأبومهدي المهندس، لينفتح مسار المواجهة الأشد والأقسى بسقوف مرتفعة، وجاء السقوط الأول للرهان الأميركي في العراق بنهوض شارع واسع يتضامن مع قوى المقاومة ويطغى على الاحتجاج الحراكي الذي راهنت واشطن على تجييره، وشكل التحوّل الأبرز في جعل الساحة العراقية مفتوحة على خيار تعزيز مكانة قوى المقاومة، بربط ثنائية مشروع إخراج الأميركيين من العراق ورئاسة الحكومة الجديدة، على قاعدة التحالف مع السيد مقتدى الصدر، وهو تحالف يقترب من ترجمة هذه الثنائية، مع اقتراب تسمية رئيس حكومة بالتفاهم مع السيد الصدر وامتداده الحراكي الوازن، واقتراب موعد المليونية المناهضة للوجود الأميركي التي دعا إليها السيد الصدر وأيّدتها قوى المقاومة، ولا يستطيع أحد تجاهل حجم الرهان الأميركي على تحييد السيد الصدر من المواجهة، بل على كسبه في مواجهة عنوانها إخراج إيران لا أميركا من العراق.
– في لبنان وبعدما راهن المشروع الأميركي على محاصرة قوى المقاومة بثنائية الحراك واستقالة الرئيس الحريري، نجحت عملية تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة يتمتع بمواصفات الصلابة والثبات ويمثل خلفية غير طائفية، وصاحب سيرة لم يستطع خصومه تظهير ثغرة يُعتدّ بها على صعيد تعامله مع المال العام خلال توليه وزارة بأهمية وزارة التربية. وبعد الرهان على تناقضات المصالح والأحجام والتوازنات داخل فريق المقاومة والحلفاء في تعزيز المصاعب بوجه تشكيل الحكومة، والضغوط المذهبية لدفع الرئيس المكلف للتراجع والاعتذار، تقترب الغالبية النيابية من الفوز بتشكيلة حكومية يطغى عليها التكنوقراط، ويصعب النيل من السيرة الذاتية لوزرائها رغم كثرة الكلام عن أنهم من المستشارين، لأن موقع التكنوقراط الطبيعي في حكومات سياسية هو أن يكونوا مستشارين، ويصيروا وزراء عندما تكون الحكومة من التكنوقراط. ومع إعلان الحكومة الجديدة سيتمّ طي صفحة وفتح صفحة في الحياة السياسية والتعامل مع الأزمات، وسيكون لفتح ملفات الفساد دور كافٍ في تحقيق توازن ردع لحماية الحكومة لأن المتفق عليه أن هذا الملف لن يسيَّس ولن يُترك مغلقاً وأن كل المتورطين ستتم مساءلتهم قضائياً بعد رفع الحصانات بموجب قانون.
– التعامل الخليجي مع الساحتين العراقية واللبنانية لن يتّسم بالتصعيد بعد تشكيل الحكومة. فالحكومات الخليجية تخشى الانفتاح المالي القطري ومن ورائه السياسي التركي، ضمن التنسيق مع موسكو وطهران، والمواقف في عواصم الخليج تتحدّث عن عدم تكرار تجربة العزلة التي دفعت ثمنها غالياً في سورية بسبب العناد والرهانات الخاسرة، والمواقف الأوروبيّة لا توحي بما يُشاع عن نيات تصعيد بوجه الحكومة الجديدة مالياً، بل إن المؤشرات معاكسة، خصوصاً أن أوروبا والخليج تتّجهان لمحاولة فهم حدود الخطوة الإيرانية التي يتم التحضير لها على المستوى النووي، بعد الإعلان عن نية الخروج من معاهدة وكالة الطاقة الذرية للحدّ من الانتشار النووي، وليس إلغاء الاتفاق النووي فقط، وما لم يتم استدراك عاجل ومدروس أوروبياً وخليجياً بغطاء ضمني من واشنطن، فإن الكثيرين في عواصم أوروبا والخليج يتحدّثون عن كارثة مقبلة لا يمكن ردها حتى لو لم تذهب إيران نحو التراجع عن قرارها بعدم إنتاج سلاح نووي، لأنه يكفي بلوغ إيران عتبة امتلاك القنبلة الأولى تقنياً، كي تكون قد امتلكتها، وتلك ستكون الضربة القاضية التي تنقل إيران إلى مكان مختلف، على الأوروبيين والخليجيين أن يطرحوا على أنفسهم كيفية التعامل معها فيما الأميركي الغارق في الانتخابات وحساباتها، قد يفاجئهم بقرار انسحاب مموّه تحت عنوان هو إعلان النصر على الإرهاب ونهاية الحرب على داعش.