الشيخ قاسم: الحكومة على الأبواب
قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إن الحكومات اللبنانية المتعاقبة والسياسات المعتمدة والهدر والفساد وحماية المرتكبين كلها عوامل وضعت لبنان على طريق الأزمة الكبرى ماليًا واقتصاديًا واجتماعيًا، مشيرًا الى أن أمريكا استغلت هذا الواقع للمزيد من الضغط على لبنان.
وفي الكلمة التي ألقاها خلال لقاء خاص مع الأساتذة الجامعيين والذي نظمته هيئة التعليم العالي في حزب الله، أضاف الشيخ قاسم: “عندما طرحوا فكرة حكومة التكنوقراط وصلاحيات استثنائية وقانون انتخابٍ جديد وانتخابات نيابية جديدة، وتغيير المجلس النِّيابي وتغيير رئيس الجمهورية، كانوا يريدون الانقلاب على التركيبة السياسيَّة التي أنتجتها الانتخابات النيابية الأخيرة”، وتابع: “هم مع القوانين عندما تلائمهم، لكنهم يخترعون قوانين جديدة عندما لا تلائمهم“.
وأردف: “إضافةً إلى ذلك استغلت أمريكا هذا الواقع وضغطت على رئيس الحكومة سعد الحريري وطلبت إسقاط هذه الحكومة من أجل فتح المجال أمام احتمالات تغيير كبيرة على مستوى الواقع اللبناني، مع العلم أنَّ الخطة الإصلاحيَّة التي سارعت الحكومة المستقيلة إلى وضعها بتأثيرٍ من الحراك الشعبي كانت صالحة لمرحلة مؤقتة، وكان يمكن أن تُعطى فرصة معينة تُحاكَم على أساسها بعد هذه الفرصة، لكن لم يكن هذا هو المطلوب“.
وأشار الى أننا نسجّل للحراك الشَّعبي عند انطلاقته أنه أحدث تغييرًا في مقاربة الوضع الحكومي وكيفية اختيار الحكومة وفتح باب المحاسبة، معتبرًا أن الحل بعد استقالة الحكومة هو تشكيل حكومة جديدة ليبدأ العمل، ولا نرى أي امكانية لأي حل خارج هذا المسار.
وأكد أن” الحل هو تشكيل حكومة تكون مسؤولة، وتقوم بإدارة مختلفة من أجل أن توقف التدهور الموجود في البلد، فالمطلوب أن تكون الحكومة إنقاذية وإصلاحية وصاحبة اختصاص، وتضع سياسات وبرامج اقتصادية ومالية واجتماعية”، مضيفًا: “بكلِّ وضوح حاكم مصرف لبنان يتحمَّل مسؤولية الإدارة المالية، والمصارف تتحمل المسؤولية أيضًا، والحكومات المتعاقبة تتحمل المسؤولية أيضًا، لكن الآن يجب أن تبدأ الحكومة القادمة عملها بأن تحاسب وتراقب وتتخذ القرارات التي توقف فلتان سعر الدولار، وحرمان المودعين من أموالهم، وتعمل على استعادة الأموال المنهوبة، وتضع حدًّا للفوائد المرتفعة للبنوك وأصحاب الرساميل، وتقوم بإجراءات عملية في مكافحة الفساد والهدر، وفي إطلاق عجلة الاقتصاد“.
ولفت الى أنه “لقد أصبح تشكيل الحكومة على الأبواب، وقد راعى الرئيس المكلَّف والقوى التي وافقت على الاصلاح إعطاء هذه التجربة فرصتها، وبالتعاون مع رئيس الجمهورية بما يمكن أن تشكل إدارة إنقاذية إصلاحية، ويجب إعطاء الفرصة لهذه الحكومة كي تعمل، قبل أن تصدر الأحكام المسبقة عليها“.
وتوجه الشيخ قاسم لكل المعترضين، قائلًا: “مهما كانت الأهداف ومهما كانت الأسباب، من حقِّ أيِّ فريقٍ لبناني أن يتظاهر وأن يصدر المواقف وأن يعبّر عن وجهة نظره، ولكن قطع الطرقات ليس حقَّه، وتعطيل مصالح الناس ليس حقًا لأحد، والاعتداء على الأفراد والممتلكات ليس حقًا لأحد، ونحن لا نوافق على الفتنة ولا على الفوضى، فالفوضى تولّد الفتنة، والفتنة تزيد الأمور سوءًا، ووضع المواطنين في مواجهة بعضهم يخرِّب ما تبقَّى“.
وشدد على أن الأولوية اليوم لاحترام ارادة الشعب من خلال ثقة المجلس النيابي بالحكومة المقترحة، ويجب أن نعطي الفرصة لنرى خطتها وسياستها الجديدة.
واعتبر أن الحكومة القادمة هي حكومة لبنان وليست حكومة فريق دون آخر، لأنَّ اختيارها تمَّ وفق الآليات الدستورية وبالتالي لم يكن لفريق ميزة الاختيار على فريقٍ آخر، إنما هي القناعات التي عبَّر عنها نواب الشعب في إعطاء الثقة للتكليف أو عدم إعطاء الثقة، لافتًا الى أن هذه الحكومة القادمة تتحمل المسؤولية مجتمعةً، ولا يتحمل فيها فريقٌ دون آخر، وستُحاسب على ما تقوم به بعد مضيِّ فترةٍ من الزمن على انطلاقتها كحكومة وكقوى شاركت فيها.
ودعا الشيخ قاسم الحكومة ورئيسها الى أن يُعلنوا بوضوحٍ للناس ما الذي سيعالجونه، وأن يسرِّعوا آليات العمل، معتبرًا أن المطلوب إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي ووضع الحلول للمشكلة الاجتماعية المتفاقمة، قائلًا إننا نعلم أنَّ هذه الأمور تتطلب بعضَ الوقت لكن لا تُسرفوا باستخدام الوقت المتاح كي يشعر الناس أنهم حصلوا على قطرات الماء التي تبشِّر بماءٍ منهمر.