معاريف: إسرائيل تتوقع تغيرات إستراتيجية بعد اغتيال سليماني
قال محلّل الشؤون العسكرية في صحيفة “معاريف” طل لف رام في مقاله انها ليلة دراماتيكية على وجه الخصوص مرّت على قيادة المنطقة الشمالية الأسبوع الماضي. اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، أدّى إلى اتخاذ قرار برفع الجهوزية إلى المستوى الأعلى والاستعداد للسيناريوهات الأكثر “تطرفًا”. ليس فقط على جبهة هضبة الجولان، بل بوجه حزب الله في لبنان أيضًا.
إضافة إلى إغلاق موقع حرمون أمام المتنزّهين، نفّذ الجيش الإسرائيلي نشاطات ميدانية أخرى كثيرة، وكافة الاحتمالات كانت على الطاولة، لكن صورة الوضع لم تكن واضحة. التقديرات لم تكن تستند إلى معلومات استخبارية محددة. والمسؤولون في الجيش قرّروا أنه من غير المسموح المخاطرة في وضع ليس واضحًا إلى هذه الدرجة.
الصورة الاستخبارية التي بدأت تتوضح بسرعة تُشير إلى أنه في المرحلة الأولى، “إسرائيل” ليست جزءًا من الحدث. التقدير الذي قُدم إلى المستوى السياسي كان أنه في هذه المرحلة أرجحية الرد ضدّ “تل أبيب” منخفضة جدًا، ومستوى الاستعداد انخفض وفقًا لذلك، بيد أن الصورة على المدى المتوسط تتغيّر: في الأشهر القريبة قد نشعر بتأثير الحادث سواء من ناحية التهديدات والتصعيد العملي، أو من جهة الاعتبارات الإسرائيلية بخصوص استمرار التمركز الإيراني في سوريا.
بالنسبة لـ”تل أبيب”، في اغتيال سليماني، ثمّة احتمال تفجير إستراتيجي كبير، لكن المعنيين يعتقدون في المؤسسة الأمنية بأنه من السابق لأوانه تحديد اتجاهاته وميوله. علاماتُ استفهامٍ كبيرة خاصّة على ضوء حقيقة أن الأميركيين، وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب، أثبتوا أن ردّهم يمكن أن يكون غير متوقّعٍ.
الخبر المهمّ هو أنه بعد فترة انكفاء طويلة ضد النشاطات الإيرانية، استعاد الأميركيون قوة الردع، لكن المسؤولين في المؤسّسة الأمنية حذرون في تقدير أن هذه الحادثة ستُغيّر سياسات ترامب في الشرق الأوسط، التي تتأثر حاليًا من مصالح أميركية فقط.
وفق هذه الرؤية، “إسرائيل” تُدرك أنها ستضطرّ إلى مواجهة التمركز الإيراني في المنطقة بنفسها. التطوّرات الأخيرة قد تزيد معضلات “إسرائيل”: كيف ستواصل العمل ضد مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله. مبدأ “المعركة بين الحروب” الذي على ضوئه عملت “إسرائيل” في السنوات الأخيرة يستند إلى عنصريْن أساسييْن: عمل هجومي وإدارة المعركة بضبابية وبسرية قدر الإمكان، من دون دحرجة المنطقة إلى حرب.
المسؤولون في المستوييْن السياسي والأمني يدّعون أن الخطوط الحمراء ستبقى على حالها حتى بثمن المخاطرة بحرب في الساحة الشمالية. في غضون ذلك، يبدو أنه في الآونة الأخيرة، وعلى ضوء الواقع المعقّد في “إسرائيل”، رفعوا القدم قليلًا عن “دواسة الوقود”. قرارات جوهرية بخصوص السياسات في الساحة الشمالية ستُتّخذ فقط بعد تشكيل حكومة جديدة. لكن حتى الآن المنطقة لن تنتظر نتائج الانتخابات، والأشهر القريبة قد تشكل تحديًا خاصّة للمؤسسة الأمنية والمستوى السياسي.
هذا الأسبوع استمع الجيش الإسرائيلي بعمقٍ وباهتمامٍ كبير إلى خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. في الخطاب الذي ألقاه بعد اغتيال سليماني وقبل يومين من إطلاق الصواريخ من إيران على القواعد الأميركية في العراق، رسم السيد نصر الله بدقة أسلوب عمل طهران، من خلال نقل رسائل لكلّ اللاعبين في المنطقة.
السيد نصر الله أكّد في خطابه مكانة سليماني وأنه شخصية ليست تابعة لإيران إنما لمحور المقاومة كلّه، من خلال ربط في خط واحد فلسطين، لبنان، سوريا، العراق، اليمن وأفغانستان.
تُدرك “اسرائيل” أن الحساب على عملية الاغتيال لا يزال مفتوحًا ولم يُغلق بعد على الرغم من إطلاق الصواريخ الإيرانية. نشاطات إضافية قد تحصل أيضًا بدون دمغة أو تحمل مسؤولية من جانب إيران. طالما أن عدم الاستقرار في المنطقة سيتواصل، فإنه قد ينعكس أيضًا على “إسرائيل”.