بقلم غالب قنديل

معركة التحرر من الهيمنة والوصاية

غالب قنديل

إنها اللحظة الفاصلة بين مرحلتين من تاريخ المنطقة قال السيد حسن نصرالله قائد المقاومة في توصيفه لجريمة القتل الأميركي المعلن والمكرس رسميا لقائدين بارزين من محور المقاومة قرب مطار بغداد الشهيد الفريق قاسم سليماني والشهيد أبومهدي المهندس.

 

إنها الحرب التي أعلنها النهابون الأميركيون وبدأوها باغتيال آثم دون اعتبار لجميع مصنفات الكذب العالمي الشائع عن سيادات الدول وأصول التعامل فيما بينها وهي ما داسه المستعمرون الذين اغتصبوا سيادة العراق التي يستبيحونها  من سنوات وجاء الإعلان صريحا بدون أي التباس بل بتصريح موثق صادرعن البنتاغون وبناء على أوامر الرئيس الأميركي.

فشلت ثوراتهم الملونة وبلغت طرقا مسدودة وأخفقت محاولات تعديل التوازنات السياسية التي أنتجتها انتخابات لبنان والعراق الأخيرة لمحاصرة محور المقاومة وتفكيكه من الداخل وجميع محاولات التهديد والضغط ضد إيران فشلت وزادتها وزادت شبكة تحالفاتها وشراكاتها العالمية والإقليمية قوة وثباتا بينما تنهض القوة السورية التحررية المقاومة وتستعد لانتزاع مكانتها المقررة في المنطقة وهي الدولة الصلبة التي هزمت العدوان الاستعماري وصمدت في وجه فصوله الأشرس.

محور المقاومة دحر داعش وغزوتها الأميركية الصهيونية وهو توسع نحو اليمن المقاوم العزيز العظيم وسورية تواصل صمودها وتتقدم إلى انتصارها الكبير والتاريخي وهي ما زالت بجيشها وشعبها تقاتل فلول العدوان وتتأهب لمعارك فاصلة قادمة لتستأصل بقايا الإرهاب وفلول الاحتلال والنهب الأميركي الصهيوني لثرواتها في الشرق والشمال بينما يعزز المحور منظومة القوة الدفاعية المتعاظمة ويفرض توازنات الردع من غزة حتى الجبهتين السورية واللبنانية ضد كيان العدو.

دماء الشهداء نهضت في إيران المقاومة المقاتلة بقيادة السيد الجليل البطل آية الله السيد الخامنئي بملايين الشباب الذين جددوا الثورة الخمينية التحررية المعادية للاستعمار في وداع بطلهم القومي الأممي الكبير الفريق سليماني الذي قاتل ضد الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية مع رفاقه المقاومين في ربوع سورية ولبنان وفلسطين والعراق واليمن فالفريق سليماني كان بطلا ميدانيا وقائدا شجاعا في معركة التحرر من الهيمنة الاستعمارية وفي التصدي للحروب العدوانية الصهيونية وفي سحق غزوة التكفير الداعشية والقاعدية.

دماءالشهداء فرضت قرارا عراقيا ينزع أي تغطية عن الاحتلال الأميركي صدر عن مجلس النواب وهي نهضت بوعي عراقي تحرري ظهرت تعبيراته في وداع الملايين للشهداء وكرس قبر الأوهام والفتن الأميركية التي فاضت بها ساحات وشوارع الثورة الملونة خلال الشهور الأخيرة وهكذا بدأت مرحلة عراقية جديدة أبرز ما فيها ان القضية المركزية الراهنة في العراق هي طرد الاحتلال الأميركي وفق ما تستعد له فصائل المقاومة العراقية وبحسم الخيار الوطني العراقي لتحقيق الاستقلال التام والتوجه نحو الشرق وتجسيد الوحدة المصيرية بين العراق وإيران وسورية وسائر اطراف محور المقاومة ورفض الهيمنة.

كلمات القائد نصرالله في وداع الشهداء كانت كالعادة فاصلة حاسمة في تحديد اولويات النضال التحرري في المنطقة وهي اليوم اقتلاع الوجود الأميركي وطرده من المنطقة وأعلن القائد لجميع المقاومين ان الواجب الراهن هو التصدي لجميع مواقع ومظاهر الاحتلال الأميركي والهيمنة الاستعمارية في الشرق.

كالعادة تحركت طوابير إعلامية وسياسية تابعة للحلف الاستعماري وأدواته في المنطقة تتحدث عن توريط لبنان في صراع بين إيران والولايات المتحدة وهي تطمس حقيقة ان لبنان يعاني من الوصاية الأميركية والهيمنة الأميركية في المنطقة وهو معني بالأصالة في تصفية الوجود الاستعماري الأميركي لتحقيق سيادته واستقلاله.

لبنان الغارق في اسوأ كارثة اقتصادية مالية هو ضحية البطش الاستعماري الأميركي الاقتصادي عبر العقوبات المالية القاتلة وبالوصاية السياسية التي منعت الحكومات اللبنانية المتعاقبة من تزويد الجيش الوطني بقدرات دفاعية كافية لردع العدوان الصهيوني وهي التي حالت دون أي خطوة طبيعية تستجيب للتحديات بشراكات لبنانية اقتصادية مع بلدان الجوار القومي بدءا من سورية والعراق ومع دول الشرق الصاعد والولايات المتحدة التي ضغطت  على لبنان طيلة عقود لمنعه من استخراج ثروته النفطية وتضغط مؤخرا لفرض التنازلات على لبنان لمصلحة الكيان الصهيوني وتطمع في نهب حصة من تلك الثروة.

معركة التحرر وطرد الوجود الأميركي من المنطقة هي معركة من اجل لبنان وليست معركة لبنانية من اجل إيران التي لم تبخل بأي مساعدة للبنان في نضاله التحرري لإنهاء الاحتلال الصهيوني  وشكلت السند الحقيقي للشعب والمقاومة في وجه الحروب العدوانية الصهيونية التي نشرت الخراب والموت.

الأخوة العربية الإيرانية التي تعمدت بالدماء في العراق وإيران بمسيرات التشييع المليونية كانت هي ذاتها الميثاق السوري الإيراني الذي احتضن المقاومة من أول أيام الاحتلال الصهيوني قبل أكثر من ثلاثين عاما وهي تعززت من العراق بفصائل المقاومة وبمواقف إيران الثابتة الداعمة للمقاومة الفلسطينية وبنصرة إيران لمقاومي اليمن الشجعان وهذه هي الوجوه المتعددة لقوة القدس في الحرس الثوري وللمصالح العليا الإيرانية العربية في التحرر من الهيمنة وفق ما عرفته ميادين المنطقة كلها من بأس الشجعان الذين قادهم الفريق سليماني في مؤازرة رفاق السلاح خلال العقود الثلاثة الماضية.

إن طرد القوات الأميركية واقتلاعها من الشرق هو الطريق الفعلي لنهوض جميع بلدانه ولتحقيق السيادة الفعلية على الثروات وبناء كتلة متماسكة متشابكة اقتصاديا وموحدة سياسيا تستطيع انتزاع مكانة مشرفة في شبكة العلاقات العالمية المتحولة وهو كمال قائد المقاومة أقرب الطرق لفتح مسار تحرير فلسطين واقتلاع القاعدة استعمارية الصهيونية التي زرعها  المستعمر في قلب الأمة فلسطين لتمزيق بلادنا وارتهان حياتها ومستقبلها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى