من الصحف الاسرائيلية
يأمل الإسرائيليون بحدوث أمرين في أعقاب اغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بغارة أميركية، الأمر الأول هو عودة أميركا إلى الشرق الأوسط، والأمر الثاني هو زعمهم أنه لن يكون خلف قائد “فيلق القدس” بحجم سليماني وقدراته، وذلك وفقا لتحليلات في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم.
وحسب صحيفة هآرتس فإن “اغتيال سليماني أعاد العجلة إلى الوراء، وقد أوضح ترامب أن أميركا باقية في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن مصالحها هنا… وقد أدرك الرئيس، على ما يبدو، أن الثمن السياسي بالامتناع عن القيام بعمل ما سيكون أكبر من الانتقادات حول خطر الحرب والتورط”.
وأشار رئيس القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، في مؤتمر نظمته صحيفة “يديعوت أحرونوت“، إلى أن اسرائيل “تتابع تطورات الوضع في العراق من الهامش”، لافتاً إلى أنه “علينا النظر إلى عملية اغتيال قاسم سليماني هذه كجزء من معركة تدور بين إيران وللولايات المتحدة من أجل طبيعة العراق“.
وأكد أن اغتيال سليماني سيجلب على الأرجح عواقب على إسرائيل أيضا، لافتا إلى أن الإسرائيليين لا دور لهم في القضية، وتابع: “من الجيد أن ذلك حدث بعيدا عنا“.
وأعلن هليفي أن الجيش الإسرائيلي لم يرصد بعد أي محاولات من قبل “حركة الجهاد الإسلامي” الفلسطينية لمهاجمة إسرائيل انتقاما على اغتيال سليماني، مشيراً إلى أن “الوضع في قطاع غزة غير مستقر إلا أن الظروف تحسنت للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد مع حركة حماس”، مؤكداً أننا “سنكون مستعدين لأي سيناريو في عام 2020”.
ذكر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو انه لم تكن لإسرائيل علاقة باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني فيما تقلل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من احتمالية أن تتعرض إسرائيل لهجوم إيراني ردًا على اغتيال سليماني.
وذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن نتنياهو قال خلال اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، إن لا علاقة لإسرائيل باغتيال سليماني وإنه “حدث أميركي”، وأضاف “لم تكن لنا علاقة (باغتيال سليماني) ويجب ألا ننجر إلى ذلك” أي التوتر الأميركي – الإيراني.
وقال وزيران شاركا في الاجتماع للقناة إن نتنياهو سمح للوزراء بالتحدث لوسائل الإعلام بشأن اغتيال سليماني، وأنه طالب الوزراء بأن تقتصر التصريحات للإعلام على إظهار الدعم للولايات المتحدة و”حقها بالدفاع عن نفسها“.
ونقلت القناة أن تقديرات قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تفيد بأن احتمالية أن تتعرض إسرائيل لهجوم إيراني تبدو ضئيلة، ورجحوا أن تبدأ إيران بالتحضير للرد على اغتيال سليماني بعد انتهاء أيام الحداد في إيران.
تحدثت هآرتس في مقال نشرته للكاتب الوف بن عن بعض الاستنتاجات من عملية اغتيال قائد “فيلق القدس” الإيراني الجنرال قاسم سليماني في غارة أمريكية قرب مطار بغداد فجر الجمعة الماضي، مؤكدة أن “الرابح الأكبر” من العملية هو رئيس الحكومة الإسرائيلية الانتقالية بنيامين نتنياهو.
وأوضحت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “أراد الامتناع عن التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط بعد فشل أمريكا في العراق وأفغانستان، لقد أدرك أن الرأي العام الأمريكي مستاء من مغامرات عسكرية بعيدة، لذلك كان يأمل الاكتفاء بخطاب عدائي وفرض عقوبات على إيران، إضافة لرمي بعض عظام الدعم للسعودية وإسرائيل“.
وأضافت: “لكنه مثل أسلافه اكتشف أن المنطقة تفرض نفسها على سياسة الولايات المتحدة الخارجية، حتى عندما تكون الدولة العظمى غير معتمدة على نفط المنطقة، رغم الميل المبرر للتركيز على التحدي الصيني في آسيا”، منوهة أن “امتناع ترامب عن الرد العسكري على تدمير منشآت النفط في السعودية، تسبب بقلق كبير في أوساط أصدقاء أمريكا في المنطقة“.
أما المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فقد “خشيت أن تبقى مكشوفة أمام سليماني، وقامت بعد الصواريخ التي يمكن لإيران أن تطلقها مباشرة نحو إسرائيل، وحذرت من أن الحرب القادمة تقترب، وتم تفسير الضعف الأمريكي كإغراء لإيران على رفع المقامرة وزيادة الجرأة“.
ونوهت أن “المواجهة لم تتأخر في الاندلاع حول السيطرة في العراق، الذي اعتبر في إيران كدولة تحت الجناح، وفي واشنطن موقع خارجي حيوي”، مشيرة إلى أن ترامب استشعر “الضرر الشديد” الذي يمكن أن يتسبب به حادثة السفارة الأمريكية في بغداد على إعادة انتخابه، حيث تذكر الضرر الذي أصاب منافسته هيلاري كلينتون، بعد الهجوم على السفارة الأمريكية في بنغازي عام 2012.
وأشارت إلى أن “ترامب اختار الهدف، في حين كان التنفيذ كان رائعا”، منوهة أن “ترامب فهم أن الثمن السياسي للامتناع عن تنفيذ العملية، سيكون أعلى من الانتقاد لخطر الحرب“.
وبينت الصحيفة أن “سليماني قائد شجاع، وزياراته المتواترة للجبهات، عززت مكانته في أوساط جنوده، كما أن حركته المكشوفة في مطار بغداد مع قادة المليشيا الخاضعة له، أظهرت ثقة زائدة بالنفس واستخفاف بقواعد الأمان الأساسية”، معتبرة أن “الخطأ الأعمق له كان استراتيجيا وليس تكتيكيا“.
وذكرت أن “القوات التي ترأسها سليماني حظيت بحرية العمل، طالما أنها كانت تخدم مصالح الولايات المتحدة أو على الأقل لم تزعجها، حيث تعاون مع واشنطن لتحطيم العدو المشترك داعش، وسلمت أمريكيا بعملياته لإنقاذ نظام بشار الأسد، وفي اللحظة التي توجه فيها مباشرة ضدهم، تمت تصفيته، مثل سياسة إسرائيل تجاه الشخصيات الكبيرة لحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة“.
وعن تهديدات إيران بالانتقام، قالت هآرتس: “يجب علينا أن لا ننسى، أنه لا يوجد لإيران أي سبيل للمس بالولايات المتحدة، فهي مكشوفة تماما أمام كل القدرات العسكرية التي يمكنها تخريب منشآتها النووية وصناعة نفطها والمس برؤوس النظام“.
وأضافت: “في حال أصيبت إيران بالجنون وقامت بمهاجمة واشنطن فهي ستكتشف أن هذا لن ينتهي في أي يوم بصورة جيدة” بحسب الصحفية.
وأكدت أن “الرابح الأكبر من تصفية سليماني هو بنيامين نتنياهو”، مضيفة: “لقد كان هذا الأسبوع ناجحا بالنسبة لنتنياهو فمن قمع تمرد جدعون ساعر، وخوفه من المحكمة العليا بشأن مناقشة أهلية متهم جنائي لتشكيل حكومة حتى طلب الحصانة التي ستضع جانبا لوائح الاتهام ضده لفترة طويلة في الكنيست، حتى انتهى الأمر بعملية أمريكية أعادت للعناوين “الوضع الأمني” وأزالت منها ملفات الفساد.