حملة استباقية على الحكومة: ناصر قنديل
– يتصدّر الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل واجهة الحملة التي يشاركه فيها آخرون على الحكومة المرتقبة التي يشكلها الرئيس المكلف حسان دياب. وفي مفارقة غريبة تثير الريبة يتلاقى الحريري مع بعض جماعات تولّت السيطرة على إدارة الحراك الشعبي منذ أكثر من شهرين، وأوصلت شعار الاستقالة إلى صحن الحريري جاهزاً ليتلقفه وليتبادلا أخذ البلد إلى الفراغ والفوضى ويتقاسما قطع الطرقات ومنع ولادة حكومة جديدة، هو بالتلاعب بالترشجيات وصولاً لابتزاز الميثاقية في الامتناع، وهم في العبثية السوداء في التعامل مع الدعوة للاستشارات النيابية يوم كانت تمنح الحريري وضعاً تفاوضياً أفضل، وبرفضها يوم جاءت بغيره بعدما سحب اسمه من الترشيح، وصولاً لتنظيم حملات احتجاج امام منزل الرئيس المكلف يتناوبون عليها بدقة التوقيت والتنظيم والشعارات، ويهاجمون معاً مَن يلتقيه ويُشيطنون معاً من يمكن لأن يترشّح لحكومته، كل تحت عنوان، ومن خلفهما معاً ما بقي من قوى الرابع عشر من آذار.
– الميثاقية ذريعة مردودة في حالتي التكليف والتأليف، لأن أحداً من الذين قاربوا التكليف ويقاربون اليوم التأليف لم يضع في حسابه أو يرغب باستبعاد المكوّن السياسي الأوسع تمثيلاً في طائفته، أو ينكر عليه هذه الصفة، أو يتنكّر لحق تيار المستقبل بأولويّة ملء مركز رئاسة الحكومة أو المقاعد الحكومية في الحكومة العتيدة، ولو كان الحاصل هو الاستبعاد لكان الحديث عن الميثاقية في مكانه، أما وأن الأمر هو اتخاذ هذه الصفة التمثيلية رهينة للإضراب، وإلغاء الحياة الدستورية، بمنع تسمية رئيس للحكومة ومنع تشكيل حكومة، فيصير الحال هو حال كل ما يصفه المشرّعون بالضرورات التي تبيح المحظورات، وما تقتضيه المصلحة العليا للدولة من منع وقوع الشغور في المرفق العام، فكيف عندما يكون المرفق العام هو الدولة نفسها.
– السؤال عما يريده الحريري اليوم، بعدما امتنع عن رئاسة الحكومة بضربة قواتية، ويمتنع عن المشاركة مباشرة أو غير مباشرة في الحكومة، فواضح وهو السعي بعدما فشلت مساعي منع تسمية رئيس مكلف، منع مواصلة الرئيس المكلف لمسؤوليته بمحاولة العزل الطائفي، وصولاً لمنع مشاركة وزراء في الحكومة بقوة هذا التهديد نفسه، والضغط سيتواصل بعد تشكيل الحكومة لكن لأهداف أخرى، وما يجري يؤسس لها استباقياً بعدما توضحت صورة الرئيس المكلف وثباته بوجه التهديدات والحملات، ونجاحه بإيجاد وزراء يشبهونه في المواصفات وفي الثبات. والحرب الاستباقية تهدف إلى التفاوض غير المباشر مع الرئيس المكلف حول أمرين، الأول مصير المواقع الحساسة في الدولة التي يحتلها مناصرو الرئيس الحريري، والثاني هو محاولة رسم خطوط حمراء في أي مساءلة حول الفساد تبدو أولوية الحكومة بضغط الشارع، كي لا تطال المساءلة رموزاً أساسية من تيار المستقبل.
– يعرف الرئيس الحريري أن الطلبين مخالفان للأصول الدستورية، فمن حق رئيس حكومة جديدة أن يأتي بطاقم عمل إداري يثق به في المواقع المفصلية المالية والإنمائية والأمنية، خصوصاً التي تتبع لرئاسة الحكومة دستورياً، أو تحسب عليها سياسياً، ومن واجب رئيس الحكومة الآتي في مرحلة انفجار شعبي قال الرئيس الحريري أنه يستجيب لمقتضياته في المساءلة، ألا يقبل أي حماية أو خطوط حمراء واستثناءات في أي مساءلة، وليس بالضرورة أن يتصرف الرئيس المكلف عندما يصير رئيساً لحكومة مكتملة دستورياً، كما تصرّف الرئيس السابق نجيب ميقاتي ووزير داخليته تجاه الوزير السابق أشرف ريفي يوم كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي. – السؤال الجانبي هو هل بعض الجماعات المحسوبة على الحراك الشعبي والتي تشارك بقيادة الحملة على الرئيس المكلف قلقة من ملفات المساءلة المالية لنفقات في وزارة الاتصالات والهيئة العليا للإغاثة وكشف التسهيلات والحمايات من بعض الأجهزة الأمنية، أو ماقد تظهره السجلات من رعاية مالية تلقتها هذه الجماعات بصورة مباشرة أوغير مباشرة كرعايات إعلانية لأنشطة بعض الجمعيات أوكحصرية توزيع بعضها للمساعدات الخاصة بالنازحين السوريين أوسواهم؟