بقلم ناصر قنديل

ديفيد هيل:السقطة الأولى: ناصر قنديل

أن تستمر الاضطرابات وأن يستمرّ التجاذب السياسي أو في الشارع، ونحن في لحظة من لحظات الصراع العالي السقوف والوتيرة، ليس بالشيء المستغرب، ولا يمكن تقييم خطوة تسمية الرئيس المكلف حسان دياب، نجاحاً أو فشلاً، بقياس الجواب على سؤال: هل توقفت الاحتجاجات وانسحبت الناس من الشارع، وتجمّد كل شيء، وتحولت الساحات إلى أعراس احتفالية، بل بقياس المقارنة بالخيارات البديلة في اللحظة الحرجة من ذروة الصراع، القائم والمرشح للاستمرار والتصاعد، طالما أن العناوين الكبرى التي تطفو على سطح المواجهة التي افتتحتها انتفاضة الشعب اللبناني، ونجحت الجماعات المموّلة والمشغلة من الأميركي بتوجهيها، لصالح خطة تبدأ باستقالة الحكومة، وتنتهي بالمجيء بحكومة تحمل مشروع الرؤية المرحلية التي وجد الأميركي أنها ممكنة التحقق باستعمال الحراك الشعبي واستغلال حاجة لبنان للتمويل، وهو المشروع القائم على مقايضة تدويل التمويل بتدويل الحدود البرية والبحرية والجوية للبنان، الذي يحمله السفير نواف سلام تحت شعار، الحياد خيار استراتيجي للازدهار.

 

خلال شهرين قاومت الأغلبية النيابية إغراء التسرّع في تسمية رئيس مكلف من الغالبية النيابية، وسجل كثيرون عليها إعلان تمسكها بالرئيس سعد الحريري، وأغلب هؤلاء يسجل عليها اليوم ما يسمّونه بعدم ميثاقية تسمية الرئيس المكلف، وكان التمهّل والتروي حكمة في إدارة الصراع، لمنع تظهير التسمية كوضع يد على منصب رئاسة الحكومة بحساب مذهبي أو طائفي، وتوفير مناخ يتيح أن تتقدّم التسمية كبديل للفراغ، لكنها جاءت بتوقيت دقيق في اللحظة المفصلية من الصراع على الخيارات الكبرى، لتلاعب لاعباً خارجياً كبيراً هو الإدارة الأميركية التي وقّتت زيارة موفدها ديفيد هيل وتسمية المرشح نواف سلام، وإجراء الاتصالات التي تجعل من قضية الفوز بتسمية نواف سلام عنوان معركة كبرى، عبر عنها بالخيبة والمرارة النائب السابق وليد جنبلاط لفشل مشروع التسمية.

– بقياس تراكمي، كان الأميركي يسجل بالنقاط النجاح تلو النجاح منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية، حيث تمكن خلال أيام من تمرير شعار استقالة الحكومة ليصير شعار الانتفاضة، وتمكّن خلال أسبوع لاحق من جعل الشعار مشروع الرئيس الحريري، ونجح خلال شهر من إفهام الرئيس الحريري بأنه ليس المرشح المرغوب لرئاسة الحكومة، وبدأ بالضغط لجعل نواف سلام مرشحاً وحيداً، بعدما كان نجح بالتلويح بخطر الفوضى ومن ورائها الفتنة، وها هو ديفيد هيل يصل إلى بيروت، وثمّة رئيس مكلف بتشكيل الحكومة هو الدكتور حسان دياب وليس السفير نواف سلام، وعلى الأميركي الذي قد يعتقد البعض أنه ذاهب نحو المعركة المفتوحة، أن يختار بين التأقلم مع هذه الخسارة، عشية معركة إدلب المعلومة النتائج والتي ستعلن اقتراب حسم مستقبل الوجود الأميركي في شرق سورية، بين خياري التفاوض أو المعركة المفتوحة، والتاريخ يذكر معادلة الحرب المفتوحة أثناء عدوان تموز 2006 على لبنان ونتائجها. والمعركة المفتوحة لن تكون في لبنان وحده، وقد نضجت ظروف، يعرف الأميركي قراءتها جيداً. – الاضطرابات ستستمر. وهذا طبيعي، والتجاذب سيستمر، وهذا طبيعي أيضاً، لكن التفاوض سيستمر وخيار الفراغ والفوضى قد سُحب من التداول، والخيارات صارت بين التأقلم مع الوضع الجديد كإطار للتفاوض أو خوض مواجهات خاسرة، والإفلاس والانهيار ليسا ضمن الخيارات، وإلا فبدائل أخرى يعرفها الأميركي. والمواجهة لم تكن يوماً بين قوى المقاومة وبعض الداخل اللبناني، الذي يظن أنه الطرف المقابل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى