قطع الطرقات والاستشارات والضغوط
غالب قنديل
تستمر حركة الاتصالات ويتوقع أن تتظهر التفاهمات المحتملة بين الأطراف السياسية مساء الاثنين في حصيلة يوم طويل من الاستشارات الملزمة حول تسمية رئيس مكلف ستجري في قصر بعبدا.
كسر رئيس الجمهورية حلقة الانتظار ببيان الدعوة الى استشارات التكليف وكان يفترض نظريا بهذه الخطوة توليد ارتياح في الشارع وقد كانت المطالبة بها محور نداءات وتحركات صاخبة خلال الاسابيع الماضية ومنذ استقالة الرئيس سعد الحريري.
ضمن منطق الثورات الملونة وتكتيك ” لا يكفي” قوبلت خطوة الرئيس ميشال عون بالعودة الى قطع الطرقات وبتصعيد كلامي عدائي من سائر الجماعات الحراكية بينما تولى رؤساء الحكومات السابقون شن حملة التصعيد والاتهامات التحريضية المذهبية ضد الرئاسة الأولى التي اتهموها بمخالفة الدستور في حين مارس الرئيس حقا دستوريا غير مقيد زمنيا بأي نص صريح كما هو حال رئيس الحكومة مع عملية التأليف.
بالتزامن مع هذا المشهد الداخلي المتوتر خرج بنيامين نتنياهو يعلن عن اتفاق بينه وبين الرئيس الاميركي دونالد ترامب على استغلال الاضطرابات في لبنان والعراق وايران لمحاصرة محور المقاومة وهو مؤشر فعلي على البعد الاقليمي والدولي الخطير للاحداث الجارية.
أولا تجري الاستشارات تحت ضغط مستمر للحراكات التي تعددت وسائلها ومنصاتها ومناوراتها وتراجع زخمها الشعبي حيث تسعى وسائل الاعلام الموجهة لتعويض تراجع معدلات الاستجابة الشعبية بتكثيف حملات التحريض والترويج وعبر استدعاء الطامحين الى الظهور للتجمع في نقاط قطع الطرق بينما خلت الساحات خارج اوقات الحفلات المنقولة على الهواء مباشرة.
باتت نافرة في بعض التجمعات وقد ارتسمت على الخارطة بصمات جناح النظام المكون من ثلاثي المستقبل والقوات والتقدمي خصوصا في عمليات قطع الطرق المتجدد بنقاط مختارة يحتشد فيها “محتجون” و”ثوار” وفق الوصف الاعلامي المبرمج بينما هم يخفون فعليا هوياتهم الحزبية وينكرونها ويستظلون تواجد مئات المجموعات والجمعيات المربوطة والمشبوكة.
ثانيا تتواصل حالة الانهيار الاقتصادي والمالي التي تستخدم تداعياتها لفرض حكومة خبراء مختارين يناسبون معايير الهيمنة الأميركية والغربية وشروطها.
ثالثا استمر التنسيق الأميركي البريطاني الفرنسي وغايته استثمار الأزمة الإقتصادية والسياسية والتدخل لاحكام قبضة الهيمنة والوصاية على لبنان لتطويق المقاومة بمحاصرة حلفها داخل السلطة السياسية.
رابعا يتركز جانب من التطورات والاحتمالات على موقف قيادة الجيش ومدى تنفيذها لموجب حماية حق الانتقال كما سبق وتعهد العماد جوزيف عون سابقا.
خامسا تتسارع الأحداث، وسط السباق المحموم بين الانهيار المالي والاقتصادي والتأزم السياسي ومحاولات فرض الشروط الأجنبية.
سادسا تغيب عن الساحة اي صيغة وطنية شاملة متماسكة لادارة الصراع ببرنامج انقاذ وخطة عمل وبقوة شعبية منظمة عابرة للمناطق والطوائف ويبدو الجمهور المناصر لخيار المقاومة في حالة ترقب وانتظار وحرص شديد الصعوبة على عدم الانجرار الى الاستفزاز. يتركز التساؤل حول الحكومة الجديدة والمدة التي سيستغرقها التشكيل والتدابير العاجلة الممكنة بعد الإنهيار في ظل الشروط السياسة والاقتصادية الغربية المرفقة بالانعاش المالي المحتمل من سلة سيدر بينما لم يعلن الفريق الوطني بالمقابل جدول شروطه لتجديد المساكنة في الحكومة الجديدة وفي غياب مؤشرات السير في خيار حكومة اكثرية نيابية قد يقابله تصعيد هستيري للضغوط الاستعمارية ولمحاولات التخريب في الداخل.