المجلس الشرعي: ملتزمون بالعيش المشترك والفتنة لن تقع
عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته الأولى بعد انتخابه ديمقراطيا، من قبل هيئته الانتخابية، الممثلة للمسلمين، من كل المناطق اللبنانية، بدعوة من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وذلك بحضور الأعضاء الحكميين الرؤساء: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام.
وعلى الاثر، تلا عضو المجلس رئيس المحاكم الشرعية السنية الدكتور الشيخ محمد عساف بيانا أشار الى أن “المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بهيئته الجديدة، أكد أنه سيولي مزيد اهتمام لأجهزته الإدارية والدينية، لجهتي التنظيم والفاعلية، ولجهة العناية بالأوقاف الخيرية والاجتماعية، وإيجاد السبل المناسبة لاستثمارها، بما يعزز إمكانات المؤسسات وقدراتها وتطويرها، لكي تنهض بمسؤولياتها ورسالتها الدينية والاجتماعية والإنسانية والوطنية. كذلك أيضا الاهتمام بالتعليم الديني، بما يؤكد قيم الإسلام السمحة، ويكرس في نفوس شباب المسلمين قيم الأخلاق والتسامح والاعتدال والحوار والعيش المشترك، ومناهضة التطرف والعنف، بما يسهم في بناء مجتمع وطني سوي ومنتج ومسؤول“.
ولفت إلى أن “المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وبعد التداول في ما يجري من أحداث على الساحة اللبنانية، وجد أنه من الضروري، وبدواعي الوعي والمسؤولية الوطنية، أن يعلن للبنانيين عن الأمور الآتية:
أولا: إن دار الفتوى كانت عبر الزمن، وستبقى دارا للبنانيين جميعا، وبيئة للاجتماع والتضامن والمصارحة، الدار الوطنية، وصاحبة المبادرات الوطنية الجامعة، والحريصة على وحدة اللبنانيين، والعاملة على جمع الصف الوطني، تحت علم لبنان، وللوقوف في وجه كل من يعمل على تمزيق وحدة لبنان، وبما يعزز توافق اللبنانيين وتضامنهم.
وأن الدار في هذه الظروف العصيبة، التي تمر بها البلاد، لن تكون إلا إلى جانب تعزيز وحدة اللبنانيين، وترسيخ عيشهم المشترك، وتوحيد صفوفهم، وضمان أمنهم وأمانهم وسلمهم الأهلي. وهي تدعو الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية تجاه وطنهم وشعبهم، والعمل من أجل إخراج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية والمالية، والاجتماعية والحياتية.
ثانيا: إن ما يشهده لبنان اليوم من حراك شعبي ووطني جامع ومؤثر، نأمل أن يشكل حالة يقظة ونهضة وطنية مباركة، عسى أن تفتح آفاق التغيير، وتبشر بانبعاث فجر جديد في تاريخ لبنان الحديث، يحمل في ثناياه الأمل ببناء دولة المواطنة، دولة القانون، دولة الحرية والاستقلال والسيادة.
ثالثا: لقد بينت التحولات والأحداث، أن البلاد أصبحت تحتاج إلى صحوة ضمير، لدى من يتولى مسؤولية قيادة البلاد. وهي تحتاج إلى أن ينصرف الجميع إلى العمل الجاد، وبأمانة ومسؤولية، من أجل معالجة مشكلات لبنان، التي تهدد وجوده ومصيره. إن هذا يقتضي من جهة أولى التعالي على المصالح الشخصية والفئوية، والمسارعة إلى اعتماد السياسات والإجراءات الإصلاحية، التي تؤمن وضع البلاد على مسارات النهوض.
رابعا: إن الطريق السوي إلى ذلك، هو في العودة إلى احترام الدستور، وتطبيق أحكامه نصا وروحا، لا الخروج عنه. إن التلكؤ في سلوك هذا الدرب، يؤدي إلى الخلافات والمنازعات، وإلى مزيد من التفاقم للأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية والحياتية، ويضرب الاستقرار في البلاد، ويثير الناس على بعضهم بعضا.
المطلوب الاحتكام إلى الدستور، والاستجابة لمطالب الشعب المشروعة، ويكون ذلك بداية وفورا بالدعوة لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها بحسب نص الدستور.
خامسا: يرى المجلس أن لبنان بحاجة اليوم لحكومة إنقاذية من الموثوقين، النزهاء، الأكفاء، حكومة تضع نصب عينيها، تصويب المعادلتين الداخلية والخارجية، واستعادة التوازن لدور لبنان ودولته.
إن حكومة تتألف على هذه القواعد، تكتسب ثقة الناس بالممارسة والأداء، كما تكتسب ثقة المجلس النيابي، الذي من مصلحته أن يؤازرها، فيسترد بذلك ثقة الشعب به.
لقد آن الأوان لإعادة الثقة بالدولة وبمؤسساتها، وآن الأوان لاستعادة الاعتبار للدولة وسلطتها، ودورها وهيبتها وعدالتها، والتأكيد على استقلالية القضاء، وترفعه ونزاهته. آن الأوان لإعادة الاعتبار للكفاءة والجدارة، وآن الأوان لإعادة الاعتبار للانسان في لبنان.
سادسا: لقد صار واضحا أن الطابع السلمي والمستمر لانتفاضة الشعب اللبناني، قد تخطى الانتماءات الطائفية، وأعلن انتماءه الصارم إلى لبنان الواحد الحديث المزدهر، المتحرر من الاعتبارات الطائفية، والتجاذبات الإقليمية الدولية.
إن صرخة الشباب اللبناني على مدى الوطن، هي دعوة حارة للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإنساني. إنه التحدي الذي يواجه الجميع، ويوجب الاستجابة من الجميع.
اننا ملتزمون بالعيش المشترك، والنظام الديمقراطي، والانتماء العربي، والحرية الدينية، والمواطنة المتساوية، وإننا لعلى اقتناع تام، مبعثه الإيمان بالله، والثقة بشباب لبنان وشاباته، وثقافته الوطنية ووعيه، أن الفتنة لن تقع، وأن المحنة ستنجلي، وأن حقوق الإنسان والمواطن في لبنان ستصان، وأن حقوق اللبنانيين وكرامة عيشهم لن تضيع.
إننا نعلن من دار الفتوى، الإصرار على استمرار العمل مع اللبنانيين جميعا على صون الوطن والدولة والمؤسسات، على قواعد العيش المشترك واتفاق الطائف، والدستور، ومبادىء المواطنة وحكم القانون“.