بقلم غالب قنديل

تلاوين الحراك والحكومة الجديدة

غالب قنديل

بعد الشهر الأول من الانتفاضة الشعبية بدأت تتبلور صورة القوى المحركة والمشاركة التي يساعدها في إخفاء تبايناتها واختلافاتها تواجدها معا في جلباب “الثورة” او “الحراك ” بعموميته وهو ما يسمح لها  بطمس تبايناتها  وتناقضاتها وإخفاء افتراقها واختلافها لتحتفظ بقدرتها على العمل المشترك في مساحة الاعتراض والتعطيل ضد السلطة السياسية القائمة وتوازناتها المستهدفة.

 

أولا بات واضحا دور أطراف النظام القائم أي المستقبل والقوات والتقدمي التي شاركت في الانتفاضة بمجموعات منظمة ووجوه شبابية وطلابية غير نافرة تسعى بتوجيه غربي إلى استخدام زخم الانتفاضة في ترويض السلطة السياسية لصالح الشروط الأميركية وإلحاق لبنان بمحور الهيمنة في المنطقة انطلاقا من إبعاد المقاومة عن الحكومة ولتحقيق هذه الغاية روجت لحكومة اختصاص محايدة وغير سياسية وسواها من الشعارات التي ترددت في الساحات وتلتقي مع هذه الأطراف في الإيقاع السياسي جهات اخرى حزبية جديدة وقديمة تطمح لتوسيع حضورها عبر الساحات والشوارع ولتفرض إشتراكها في الحكومة المقبلة.

ثانيا تمثل الحكومة الجديدة التي تلتقي مختلف اطراف الحراك على اعتبارها الأولوية وتلح في استعجال تسمية من يتولى تشكيلها العتبة السياسية المنشودة لفرض تكييف المعادلات التي نتجت عن الانتخابات النيابية الأخيرة بما يناسب الشروط الأميركية وهي مقدمة في حال اجتيازها ستمهد  للانتقال إلى المناداة بإخضاع المقاومة وسلاحها كشرط تفرضه دول الغرب “المانحة ” مقابل ضخ اموال سيدر وهذا ما يرجح ان يتكشف في المرحلة التالية التي تعقب حكومة تكنوقراط او حكومة الاختصاصيين إذا تمكن المطالبون بها من فرضها.

ثالثا مجموعات الإنجيؤوز او ما يسمى بالحراك المدني التي تلتقي على مواصفات الحكومة غير السياسية أي حكومة بدون المقاومة وتصر مع حلفائها من قوى النظام على أولوية التكليف بينما تتبنى شعارات تتنوع في طبيعة اولوياتها السياسية والاجتماعية وتستقطب مجموعات من الفئات الاجتماعية الوسطى التي تعبر عن موجة عارمة من السخط والغضب بسبب تدهور احوالها الاجتماعية والاقتصادية التي طحنتها ازمة النموذج الريعي الاستهلاكي التابع للهيمنة وتراوح طروحات هذه القوى ومشاريعها البعيدة في إطار نسخ متخيلة لدولة حديثة.

رابعا القوى والأحزاب الوطنية اليسارية التي باشرت السعي لبلورة أوراق وبرامج بالشراكة مع بعض المجموعات وهي في الواقع تتخطى المسألة المركزية المتمثلة بالموقف من الشروط الأميركية الهادفة لضرب مكانة المقاومة وموقعها في المعادلة السياسية من خلال تركيبة الحكومة العتيدة واللافت للانتباه ان الأفكار والمقترحات المجمعة خلت كليا من هذا البعد الوطني السيادي وراوحت في تناولها للأزمة الاقتصادية عند هوامش التدابير المالية والحسابية والرقابية المتداولة بعيدا عن الحاجة لصياغة توجه جديد إقليميا ودوليا للإقتصاد اللبناني وتخطي أسر الحلقة الخانقة التي فتحت أبواب الكارثة.

خامسا الجمهور العفوي العريض الذي تدفق في الساحات والشوارع خلال الأيام الأولى للانتفاضة تفاوتت درجات استجابته للنداءات خلال الأسابيع الاخيرة نتيجة الذعر من مظاهر العنف التي رافقت موجة قطع الطرقات وبعد ظهور مزاج شعبي مقابل من النقمة والغضب ضد قاطعي الطرقات وتجاوزاتهم مما حمل ملامح صدامات على الأرض حاول بعض الحراكيين احتواءها بخطب متعالية لم تخل من عنجهية واستفزاز نافرين وبتجاهل كلي للأذى الاقتصادي الاجتماعي والإنساني الذي خلفه الشلل الاقتصادي والتعطيل الكامل لدورة الحياة ونقمة غالبية شعبية لايمكن لاي مطالب بالتغيير السياسي حذفها من حساباته.

سادسا لايفيد في مجابهة المأزق السياسي الذي تسببت به استقالة الحكومة كل التحايل والالتفاف على وجود شروط اميركية غربية تعرقل سير العملية الدستورية للتكليف والتأليف وهي تعبير عن وصاية أجنبية تستثمر شبح انهيارالاقتصاد اللبناني لتحول دون انبثاق حكومة سيادية مؤهلة لشق طريق الخلاص وإعادة بناء اقتصاد وطني محرر من الهيمنة ولا قيمة فعلية لجميع إعلانات النوايا الوطنية الطيبة التي لايجسدها موقف سياسي واضح من هذه القضية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى