بقلم ناصر قنديل

لبنان على مفترق طرق: ناصر قنديل

لا يستطيع أي متابع للتطورات اللبنانية تجاهل المخاطر التي تزداد مع بقاء الفراغ السياسي الناتج عن غياب التفاهم الذي يضمن إعادة تكوين السلطة من خلال حكومة جديدة، تلقى قبولاً شعبياً وسياسياً، كشرطين لتمكينها من الانطلاق في مواجهة التحديات، ويبدو بوضوح أن الانقسام حول طبيعة الحكومة بين فريق يستقوي بالحراك الشعبي يقوده رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، الذي تحرّر من عبء معادلة كلن يعني كلن وبات مقبولاً لدى الشارع أن يكون رئيس الحكومة المقبلة، خصوصاً مع توالي ضغط الشارع للإسراع بالاستشارات النيابية وبالتالي تحرير الحريري من التفاوض على شروط تشكيل حكومته الجديدة، وتقوية موقعه التفاوضي بوجه رئيس الجمهورية والقوى التي تشكل الأغلبية النيابية، وبالمقابل تمسُّك رئيس الجمهورية والأغلبية النيابية بربط إطلاق الاستشارات النيابية بتفاهم واضح سياسياً وحكومياً.

 

من جهة ثانية يدور الاشتباك على هوية الحكومة الجديدة وموقفها من المقاومة، في ظل كلام أميركي واضح عن الرهان على استعمال الحراك وتوظيف ولادة الحكومة الجديدة، ضمن حملة عنوانها كما قال وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، إنهاء نفوذ إيران، وهو التوصيف الأميركي المستخدم للإشارة لوجود حزب الله في الحكومة والحياة العامة، حيث يتقاطع الكلام الأميركي مع جوهر المطلب الرئيسي للحريري بمعزل عن الخلفيات والأسباب، ومدى تطابقها أو اختلافها، حيث جوهر دعوة الحريري لحكومة بلا سياسيين وحزبيين يعني بقاء حزب الله خارج الحكومة.

لا تبدو ظروف التسويات قريبة في هذا المناخ، رغم الكلام عن تحديد موعد قريب للاستشارات النيابية، وعن تراجع الحريري عن تهديده بالاعتذار، إذ يبدو أن الرهان على جولات تعدّل موازين القوى لا يزال قائماً، وقد أظهرت الحركة التي شهدها الشارع عشية الجلسة النيابية، تحضيراً لمواجهة كانت مقرّرة على أبواب المجلس النيابي كان صعباً أن تنتهي بلا تصعيد وربما دماء، لو لم يُجهضها رئيس المجلس النيابي بتأجيل الجلسة، فجاءت إطلالة رئيس الجمهورية وما بني على استخدام كلامه لاستعادة التصعيد، لتظهر حجم الخطر الذي يحيط بلبنان، وشكل سقوط شاب في مثلث خلدة عند قطع الطريق، أول حدث مأساوي لسقوط الدماء منذ بدء الحراك، عساه أن يكون سبباً لعودة العقلانية وروح المسؤولية عند كل المعنيين للعودة إلى الحوار، طريقاً لاستيلاد الحلول.

في هذا المناخ كانت كلمة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، تثبيتاً للنقاط على الحروف في رسم البدائل التي يمكن سلوكها في مواجهة السياسات الأميركية التي شكلت أساس بلوغ لبنان حافة الانهيار، فاتحاً باب الأمل نحو خلاص يبدأ بالانفتاح على سورية لتأمين شراكة لبنانية في إعادة إعمارها وعودة نازحيها، وتأمين عبور المنتجات اللبنانية نحو العراق، ويصل للانخراط في تفاهمات اقتصادية مع الصين وروسيا وإيران، في مجالات الاستثمار وتأمين الحلول والنهوض في قطاعات الكهرباء والنقل والنفط والغاز وسواها، وما يمنع لبنان من سلوكها هي الضغوط الأميركية.

– الخيارات في طريق التبلور في الأيام القليلة المقبلة، والتنبّه لمخاطر الانزلاق نحو الفوضى والفراغ، يستدعي الحذر والتروي والعقلانية، بين الساسة وفي الشارع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى