مقالات مختارة

في سبيل إنقاذ لبنان.. حيّان سليم حيدر

 

 

                                                              (مقترح لإجراءات طوارىء إستثنائية إنقاذية

).

لأن “كلّن يعني كلّن” تعني بالنتيجة لا أحد، ولأنّ “كلّ شيء يعني كلّ شيء” تعني في آخر المطاف لا شيء ، ولكي لا نخسر هذه الصحوة الشعبية الفريدة الكبيرة والمعبّرة والعابرة والمحقّة والمتأخرة ولكي نحميها ونحقّق جُلّ أهدافها، رأيت أن أقترح حلًّا إنقلابيًّا دستوريًّا ذات المرامي القصوى.

(يمكن قراءة الأسباب الموجبة في الهوامش في آخر الورقة)

ولأن رئيس الحكومة يرى أنه لو كان مكان المتظاهرين لما ترك الساحات لعدم ثقته بالحكام، ولأن سائر الأحزاب، الصادقون منها كما المنافقين، يعترفون بأحقية مطالب الشارع، فالدعوة موجّهة هنا، باسم المظلومين دهرًا والمفجوعين والمحرومين والمأزومين والمألومين والغاضبين، الى القيادات السياسية والطائفية والحزبية والجهوية والنيابية والحكومية وكلّ من له سلطة دستورية وقانونية وشرعية وشعبية لإجراء الإنقاذ المطلوب والممكن.  ولأن رفض الحوار ليس حلًا، وتمسّكًا بما يمكن تحقيقه من إصلاح، ومن باب الحرص على السلم الأهلي، ولأني مواطن مسؤول، ولأن الذين بدأوا الحراك لا يبدو أنهم يعلمون كيف ينهوه.  هذه الدعوة تنبع من المصلحة الوطنية العامة، العليا، الأَوْلى، ومعها من مصلحة ما تبقى للطبقة المناشَدَة هنا من مجال للمناورة عساها أن “تشكرها” أجيال لبنان الحالية و”الواعدة” على عمل مفيد أخير وغير قليل.  هي أيضًا، أعلم، بمثابة إنتحار سياسي جماعي للسياسيّين، وقد يكون مادي ومالي للبعض منهم.(1) وفي المقترح:

أ‌-          التوافق على تشكيل حكومة (على عدد الوزارات الضرورية واللّابد منها، 18 وزيرًا تقريبًا) من وزراء لا علاقة لهم بجميع الأحزاب والمرجعيات والخلفيات وحتى الذهنيات والأدبيات التي تحكّمت، أكرّر منعًا للإلتباس والتقويل: تحَكَّمَت، بالحقبة المشكو منها (آخر 30 سنة تقريبًا) والمشهود لهم بصدقية عالية.  والشخصيات متوفرة بوفرة، والحمد لله، علمًا أنها ستكون موضوع خلافات لكن يمكن تحديد آلية ما للإتفاق على مواصفاتها وبالتالي أسمائها.

بموازاة ذلك يتم الموافقة على “عدّة الشغل” كاملة وغير منقوصة للمباشرة بالعمل والإصلاح والتصحيح والمساءلة والمحاسبة وما إليها وفيها:

ب‌-       بيان وزاري تنال الحكومة الثقة على أساسه وفيه:

1-        دولة “إسرائيل” دولة عدوة وعلى لبنان واجب مقاومة العدو بكلّ الوسائل وفي جميع الأوقات حتى إسترداد أراضيه وسيادته، ولا تعامل مع العدو إلّا وفقًا لإتفاقية الهدنة كما على لبنان التشدّد بتطبيق قوانين المقاطعة ومنع كلّ أشكال ما بات يسمى تطبيعًا مع العدو، سياسيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا وثقافيًّا،

2-        الحرص (فرض) على إحترام الدستور وتطبيقه بكامله على جميع اللبنانيّين خلال 3 أشهر وبخاصة لجهة المادة ح من مقدمته والمواد 22 و27 و95 فيما يخصّ قانون الإنتخاب، وإلغاء الطائفية السياسية بواسطة إصدار قانون ما يمكن تسميته “قانون إجتثاث الطائفية السياسية” إبتداءً من مواد الدستور وصولًا الى سائر النصوص والنفوس (وأكاد أقول اللصوص، والسجع هنا سببه الوجع)،

3-        الحرص (فرض) على إحترام المادة ج من مقدمة الدستور والمادتين 7 و12 منه وسائر المواد التي تلتزم وتُلزِمْ بالمساواة وتوازن حقوق وواجبات المواطن إلخ…في كلّ المجالات،

4-        تنفيذ كلّ ما يتطلبه جعل القضاء سلطة مستقلة،

5-        إصدار جميع القوانين المطلوبة بغية إعادة تنظيم الهيئات الرقابية بما يتناسب مع المطلوب ولمحاكمة المسؤولين كلّ حسب جريمته وفيها (دون حصر) إصدار قوانين الإثراء غير المشروع، محدّثًا، إسترداد المال والأملاك العامة المنهوبين، رفع السرية المصرفية للجميع وعن كلّ أنواع القيم المالية والمادية في لبنان وفي الخارج ومن دون إعتبار لمرور الزمن عليها، رفع الحصانات من كلّ نوع وعن الجميع من دون الرجوع الى أي مرجعية وبشكل دائم، مع إعادة النظر بموضوع محاكمة الرؤساء والوزراء بما يضمن حسن التنفيذ.

ج- يمنح المجلس النيابي الحالي الثقة لهذه الحكومة بناءً على بيانها الوزاري ويمنحها مع ذلك صلاحيات إستثنائية في جميع المجالات المطلوبة لتنفيذ خططها وبرامجها وتصدر القوانين بمراسيم إشتراعية ومنها (وليس حصرًا):

1-        قانون الإنتخاب على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة مع تطبيق النسبية ومن دون حصر الإنتخاب بكامل اللائحة مع تحديد حجم للكتلة النيابية وللتكتل النيابي بإلزامه أن يكون عابرًا للطوائف والمناطق.  ويأتي هذا بالتزامن مع قانون تخفيض سنّ الإقتراع الى 18 سنة والقوانين الناظمة للإصلاحات الإنتخابية من الإنفاق الإنتخابي والإعلام والإعلان الإنتخابيين والبطاقة الإنتخابية والمكننة وسائر المستلزمات الحديثة للعملية الإنتخابية،

2-        ترسيخ مبدأ الإستفتاء الشعبي العام في الأمور المصيرية ووضع آلية لذلك تمنع تهميش أيّ من فئات الشعب.

3-        دمج أو إلغاء الوزارات والمؤسّسات والهيئات العامة بناء على دراسات تُجرى لهذه الغاية،

4-        وضع الأسس والحدود وإجراء الإحصاءات ووضع الآليات المطلوبة لتفعيل الرقابة والمساءلة والمحاسبة وتحديد الوصف الوظيفي وحدود الرواتب والأجور والتعويضات والمكافآت وما إليها، والأهم قوننة مبدأ المداورة (كلّ 4 أو5 سنوات) في كلّ وجميع المناصب من الوزير وعضو اللجنة البرلمانية وحتى حرّاس الأحراج،(3)

5-        إلغاء جميع الإمتيازات المادية والخدمية والمعنوية من أيّ نوع لأيّ كان أو لأيّ غاية كانت والتي تتعارض ومبدأ المساواة وللجميع، مسؤولين وموظفين و”شخصيات” وأفراد، (4)

6-        تعديل وإعادة صياغة النموذج الإقتصادي تعزيزًا للإنتاج الوطني الفعلي والعقد الإجتماعي بإشراك جميع شرائح المجتمع في العملية ويشمل ذلك مفهوم الإنماء وما قد يفرضه من إعادة إنشاء وزارة التصميم بصلاحيات مكتملة،

7-        واستكمالًا لما سبق، يجب عدم حصر خيارات البلد والإنفتاح على الشرق خاصة، إنطلاقًا من سوريا وحتى الهند والصين وروسيا الإتحادية وغيرها من الدول بما تمليه مصلحة البلد، وإلغاء كلّ وجميع الإحتكارات والوكالات الحصرية في جميع المواد والخدمات والسماح للدولة بمشاركة القطاع الخاص في هذه الأمور من طريق إستيراد المواد الإستراتيجية في موازاة السماح للقطاع الخاص بالمشاركة بإدارة قطاعات عامة محدّدة،

من البديهي أن كلّ ما ورد أعلاه هو الكثير الكثير، ويبقى الكثير أيضًا في مجالات شتى، ومن الصعب أن تُعطى الصلاحيات المطلوبة  لحكومة واحدة تتصرف بها “دكتاتوريًّا” بزمن قصير جدًّا.  لذلك يمكن تجزئة هذه المسؤوليات لينفذ ما سبق عرضه على مراحل كأن تقوم الحكومة المطلوبة الآن بإجراء اللازم لتأمين الإصلاحات المطلوبة للمساءلة والمحاسبة ومن ثمّ إنتخابات نيابية خلال ستة أشهر على أساس قانون الإنتخاب المقترح ولكن بمجلس فيه المناصفة الطائفية الدستورية ومن ثم يُعتبر المجلس المنتخب مجلسًا تأسيسيًّا يعالج خلال سنة مع حكومة جديدة، من نفس المواصفات، باقي الأمور المصيرية المذكورة هنا ويطرح الأساسي منها في إستفتاءات شعبية ومن ثمّ يدعو مجدّدًا الى إنتخابات مجلس نيابي خارج القيد الطائفي بالتزامن مع إنتخاب مجلس شيوخ.

أعرف أن ما جاء أعلاه هو الكثير وينطوي على طلب كبير ولا شك أنه تعتريه ثغرات.  على أنه يمكن المباشرة بجُلّه منعًا من الغرق بالمطالبة بكُلّه.

قد يكون بعض ما اقترحت دستوريًّا وبقي الآخر منه بانتظار فتاوى بإمكانية ولوجه الى مضمون الدستور ولكن …فليكن… مع هذه الطواقم السياسية المتعاقبة منذ دستور العام 1926 وتعديلاته ومنذ البيان الوزاري لحكومة الإستقلال وتوصيفاته وحتى بعد مرور ربع قرن على دستور الطائف كلّهم تغاضوا عن “بعض” الدستور جهارًا أو مواربة، فلنفسّره نحن الآن بما يخدم إنقاذ البلد !

أما كلمتي لأهل السلطة وأهل الحراك ؟ فتأتي لاحقًا لأن الأهم هو العمل على اعتماد الحلول الآن.

 

(1)- لأن مكافحة الفاسدين هي معركة من أجل السيادة بمعنى أن الشعب هو سيّد نفسه، فبالأوْلَى أن تبدأ سيادة الشعب على أرضه وقراره في مواجهة عدوّه المعروف والمذكور والموصوف في الدستور والقوانين وانسجامًا مع نبض الشعب.

(2)- لأن إسقاط النظام يبقى شعارًا من دون إمكانية التنفيذ كون نظام لبنان هو سياسي توافقي وإقتصادي تحاصصي واجتماعي تعدّدي وبالتالي متعدّد التفسير.

(3)- إعتماد مبدأ المداورة يُنهي كلّ التشادد الذي يحصل في التعيينات بحيث لا يحتكر أحدٌ، لا طائفة ولا حزب ولا منطقة، أي من الوظائف.

(4)- هذا الإجراء يأتي تطبيقًا لمبدأ المساواة ويساهم في خمد غضب الناس من الأحساس بالغبن والحرمان ويجب أن يتناول كلّ وجميع الإمتيازات منها المالية والسياسية والإدارية حتى أصغر التفاصيل كالحصول على رخص سلاح أو أرقام مميزة أو زجاج داكن أو مرافقين ورخص وتسهيلات خاصة ومواقف وقطع طرقات ومجالات ووضع دشم الخ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى