الافتراء على حزب الله وضرورة العودة إلى كلام سماحة السيد: عمر عبد القادر غندور
الهمّ الذي ينام هذه الأيام مع اللبنانيين ويصحو معهم هو «ماذا بعد»؟
وللإضاءة على هذا السؤال لنراقب التوجيه الإعلامي الذي تسلكه محطات التلفزة وسائر وسائل الاتصالات. فهي في معظمها تريد استغلال الحراك الشعبي المحق وحرفه عن أهدافه المطلبية التي لا غبار عليها، لتنفيذ تعليمات هي محض سياسية لا علاقة لها بالحراك الشعبي العفوي الذي أطاح بالموروث الطائفي الذي دمّر الأخلاق والقيم والتواصل بين اللبنانيين على مدى مئة عام حتى وصلنا الى ما نحن عليه الآن.
من مظاهر هذا الكيد الإعلامي الخبيث تصوير الأمور على غير حقيقتها كالادّعاء مثلاً انّ حزب الله وحركة أمل قمعا المتظاهرين في صور والنبطية وساحة رياض الصلح! إضافة الى غزوة الدراجات النارية الفاشلة.
ما نريد قوله على الأقلّ أنّ حزب الله لم يقمع أحداً ولم يتعرّض لأيّ متظاهر لا في صور ولا النبطية ولا بيروت ولا في أي مكان، ولو أراد ذلك لفعله علناً ولا يخشى أحداً. إلا أنّ مذيعات النقل التلفزيوني يؤكدن حصول هذا القمع على لسان سماحة السيد حين قال بعد أقل من 24 ساعة على انطلاق الحراك الشعبي انّ الحكومة والعهد لا يسقطان…
ما قاله سماحة السيد انه لا ينصح بسقوط الحكومة والعهد، معلناً تفهّمه لأوجاع الناس وتأييده لمطالبهم واستعادة المال المنهوب، ويفضل اعتماد الآليات الدستورية حتى لا يُستغلّ الحراك ودفع البلاد الى المجهول. أما رفضه للمشاركة الميدانية في الحراك فيعود إلى حرصه على إبقاء الحراك مطلبياً بحتاً وتجنيبه عقوبات ظالمة كالتي تفرضها الولايات المتحدة على كلّ ما له علاقة بحزب الله حتى الأفراد.
وسبق لنواب حزب الله أن فتحوا ملف الفساد في البرلمان وطالبوا بما يطلبه الناس في الساحات اليوم.
والاستهداف لحزب الله ليس استهدافاً محلياً بل استهداف استراتيجي لضرب التجربة النموذجية الرائدة التي هزمت «إسرائيل» والتي يمثلها حزب الله الداعم الفعلي لقضية فلسطين وضرورة مسح هذه التجربة من ذاكرة العرب والمسلمين وكلّ القوى المناهضة للاستعمار، ولو قال سماحة السيد لا إله الا الله لاعترضوا عليه.
ونرى كيف تجري الإضاءة على الجهات المزعومة المعادية للحراك والتستّر على من يحاول استغلال الحراك وإدارته في أمكنة معينة من قبل «محاربين» يجري التذكير بهم في مثل هذا الوقت.
ومع ذلك قلنا في وقتها وبعد إنجاز الانتخابات النيابية الأخيرة ببيان موثق… كنا نتمنى أنّ لا يتعهّد سماحة السيد برفع شعار محاسبة الفساد لإدراكنا أنّ الفساد في لبنان متأصّل وعائلته كبيرة ومتمكّنة، ومقاربته أشبه بالدخول الى دهليز سحيق لا نهاية له، ولإيماننا أنّ الطغمة السياسية الحاكمة منذ ثلاثة عقود على الأقل، لا أمل ولا رجاء منها، وهي حسب المثل العامي القائل» الحطب اليابس ليس له إلا النار».
مع ذلك نقول انّ سماحة السيد لا ينادي الا بالحق ويعمل له في حدود إمكاناته والمستطاع وهو على ذلك حريص وأمين.
وحان للمشتغلين في السياسة والإعلام أن يتأكدوا أنّ المقاومة لا تعتمد على الأشباح ولا «المصادر» ولا «الجهات العليمة « ولا «المتحدث الرسمي» ولا «الناطق المأذون» للتحدث او التعبير عن موقف المقاومة، بل تُكلّف جهات معلومة بالصوت والصورة.
(البناء)