نصرالله كشف التهديد ودعا لالتقاط الفرصة
غالب قنديل
كانت الكلمة الفاصلة لقائد المقاومة في حصيلة الأيام التسعة لانفجار الغضب الشعبي فأكد ما كان قد سجله لهذه الهبة الشعبية من إنجازاتها منذ أيامها الأولى حين فرضت على السلطة السياسية التراجع عن سن ضرائب ورسوم جديدة وقدم السيد عرضا لما بلغه السعي المثير للشبهة في استثمار الحراك وتجييره عبر رفع السقوف وإدارة الظهر لمبادرة رئيس الجمهورية فنبه إلى “أن الحراك دخل في دائرة الاستهداف السياسي والدولي، ولم يعد موضوعاً اجتماعياً واقتصادياً”. ودعا اللبنانيين إلى متابعة الإعلام العربي والأجنبي، وقال “لا تُصدّقوا ما تقوله السفارات عن عدم رغبتها بسقوط الحكومة، المهم ماذا يفعلون”. وسأل إن كان الشباب المعتصمون سيُكملون إن عرفوا بوجود حالة تقودها أحزاب معروفة، وتجمعات مختلفة، وإدارة وتنسيق وتمويل.سائلا هل تريد هذه السفارات مصلحة الشعب أم لا؟ سؤال بالحد الأدنى، المال للحراك من أين؟”ولفت قائد المقاومة الى أن “الأمر وصل الى حد مطالبة البعض بإخضاع لبنان للوصاية الدولية واتهام المقاومة بالإرهاب والتصويب على سلاحها”.
توجه قائد المقاومة إلى الشباب المشاركين في الاحتجاج وطالبهم بان يعرفوا خلف من هم يسيرون عارضا خريطة تكوين القوى الشريكة في قيادة ساحات الاعتصام وتحريك الجماهير المسحوقة الغاضبة وانطلاقا مما لدى المقاومة من معلومات دقيقة وموثقة بالأسماء والمعطيات فقال قائد المقاومة “إن بين هؤلاء وطنيين صادقين وأحزاب سياسية معروفة إضافة إلى تجمعات وتكتلات وكيانات سياسية جديدة تشكلت في الآونة الأخيرة وطامحين يبحثون عن شعبية بحسابات انتخابية”.
كما أكد وجود “تجمعات ترتبط بأجهزة مخابرات أجنبية. فئة وشخصيات تعتبر أنّها تدير الحراك، بعضهم هم من الفاسدين والأشدّ فساداً. يوجد من يبحث عن ثأر سياسي. وآخرون لتثبيت موقع شعبي. ما الضمانات أنّهم لن يستغلوا الحراك؟ اكشفوا عن وجوهكم الحقيقية” وهذه العبارة الأخيرة بالذات كانت مبنية على قاعدة تاريخية منهجية اكدها قائد المقاومة وهي ان الثورات لاتكون مكتومة القيادة بل تتصدرها قيادة معروفة ومعلنة موثوقة ومجربة وواضحة تحمل برنامجا معلنا داعيا قادة الحراك للكشف عن وجوههم وعدم الاختباء خلف الستار ونوه بأن المقاومة تعرفهم وتعرف دوافع بعضهم وكيفية عملهم لتوظيف الحراك ضمن خطة لإثارة الفوضى وإدخال البلد في نفق المخاطر التي تقف به على حافة الحرب الأهلية في نهاية المطاف.
حذر قائد المقاومة من جميع هذه المخاطر التي يشير إليها اتجاه الأحداث الذي اتخذ مسارا مشابها لما جرى خلال السنوات الماضية في الثورات الملونة التي قادها المخططون الأميركيون لتجديد السيطرة الاستعمارية وللنيل من قوى التحرر في العديد من بلدان العالم وبعض البلاد العربية محذرا من مؤشرات خطيرة مبنية على التمويل الغامض للساحات والمنصات والتوجيه الإعلامي المبرمج والواضح وقطع الطرقات وانتشار الحواجز التي تقطع أوصال المناطق اللبنانية وبروز تصرفات ووقائع تنتمي إلى عهود ميليشات الحرب وسلطات الأمر الواقع محذرا من تمادي هذه المظاهر ومن استمرار وتفاقم الشلل العام في البلاد ونتائجه المعيشية والأمنية ومن خطر الفوضى وهنا اكد قائد المقاومة على ضرورة فتح الطرقات وحماية الساحات وحق التعبير الشعبي وهي مهمة الجيش وقوى الامن الداخلي مطالبا الجموع الغاضبة بتبني هذا التوجه حرصا على مصالح الشعب الذي يفترض انها بوصلة انتفاضة الغضب.
بالمقابل رسم قائد المقاومة ملامح فرصة إحباط الخطط المشبوهة بانتقال حشود الساحات والمنصات إلى التنظيم وبلورة قيادات تمثلها وبرامج محددة تعكس مطالبها واختيا رممثليها إلى الحوار مع رئيس الجمهورية لبلورة المخارج الممكنة من الأزمة دون مغادرة الساحات بالضرورة وهو هنا ألقى المهمة على عاتق الجهات الوطنية المشاركة لتمييز موقفها وموقعها والمبادرة من قلب الحراك بصورة تسهل فضح الجهات المشبوهة وتفشل أجندات التدخل والتجيير.
الكلمة الأخيرة كانت لجمهور المقاومة، داعياً إياه الى “ترك الساحات للمقتنعين بها”. أما للحلفاء ومن يتلاقى معهم المقاومون استراتيجياً، “وصلنا إلى مكان إذا رُفض الدخول في تفاوض، معنى ذلك وجود استهداف سياسي كبير بالبلد” وهذه القاعدة شيبنى عليها الخيار التالي سياسيا وميدانيا خلال الأيام القليلة القادمة.
بعض المنساقين خلف الهبة العفوية من أصحاب النوايا الحسنة كانوا يأملون من المقاومة بثقلها الشعبي الانضمام إلى الجموع الغاضبة والعمل مع خليط القوى المعلنة والمكتومة في تجمع الناشطين والمحركين الذي مازالت الكفة الراجحة فيه مثارا للاشتباه السياسي بحقيقة الأهداف والدوافع وهذا يفترض بالوطنيين المشاركين اتخاذ مبادرات ومواقف حازمة ومعلنة وواضحة لفضح ومحاصرة الجهات المشبوهة التي تحاول دفع الحراك الشعبي نحو المجهول برفض الحوار تمهيدا لاستخدام الجموع وقودا في خطط خارجية جاهزة والتصدي لها من خلال بلورة قيادات معلنة لتمثيل الساحات والمنصات تلاقي مبادرة الرئيس ميشال عون وعبر مساندة مبدأ فتح الطرقات ومحاصرة الفلتان وهنا نتحدث حصرا عن الأحزاب والتجمعات والشخصيات الوطنية التي انخرطت في الحراك وما تنفك تقسم الأيمان عن انتمائها إلى خيار المقاومة التحرري وبراءتها من خطط الفوضى المصنعة في غرف التخطيط الأميركية.