وقائع وأسئلة حول العقوبات الأميركية
غالب قنديل
تبنى العقوبات المالية ضد لبنان على اتهامات تطبخ في الكواليس الاستخباراتية الأميركية الصهيونية وهي ترتكز إلى مبدأ “قانوني” مزعوم هو وسم المقاومة بالإرهاب وبالتالي اعتبار كل نشاط مالي يتصل بها وبمؤسساتها عملا غير مشروع يحمل شبهة تبييض للأموال الذي تتركز شبكاته العالمية الرئيسية في نيويورك حيث الودائع الضخمة لشبكات المخدرات والسلاح الأخطر في العالم.
اولا السؤال الذي يطرح نفسه بداهة لماذا يقبل لبنان الرسمي ما يبنى من اتهامات على التعريف الأميركي للإرهاب ويصمت على تلطيخ سمعة المقاومة بتهمة الإرهاب ولماذا لم نشهد أي تحرك اميركي لملاحقة المبالغ الكبيرة التي حولت إلى لبنان لتمويل نشاط القاعدة وداعش المصنفتين على لوائح الإرهاب في الأمم المتحدة وقد تورطت في ذلك مصارف لبنانية عديدة وساهم في نقل المبالغ النقدية إلى معاقل الإرهابيين سياسيون أصدقاء للولايات المتحدة وحلفائها.
ثانيا نذكر سائر المعنيين بالقاعدة القانونية القائلة بأن ما يبنى على باطل هو باطل مما يوجب على السلطات اللبنانية ان تعلن رفضها للعقوبات انطلاقا من مبدأ رفض اتهام المقاومة بالإرهاب وهي القوة التي حررت الأرض وحمت البلاد من العدوان الصهيوني ومن غزوة التكفير بينما الولايات المتحدة كانت على الدوام راعية للعدوان الصهيوني وشريكة في تخطيطه وتنفيذه كما كانت في السنوات الأخيرة القريبة راعية لداعش والقاعدة والسؤال هو لماذا لايتحرك اللبنانيون لاستصدار قانون يؤكد الفصل بين المقاومة والإرهاب فيرفض المسؤولون بناء عليه أخذ القوة الحامية والمحررة بجريرة عصابات إجرامية عميلة سعت لإغراق اللبنانيين في طواحين الدم بينما المقاومة والجيش تكفلا بردعها وسحقها.
ثالثا بعد تبرئة البنك اللبناني الكندي بقرار قضائي فدرالي اميركي وإثر ثماني سنوات من شموله بالعقوبات بتهم تبين انها باطلة وتمت تصفيته على أساسها أليس أضعف الإيمان ان تحصر السلطات اللبنانية قبولها للاتهامات الأميركية ومبادرتها لفتح تحقيق لبناني فقط في حال صدور قرار قضائي مبرم في الخارج وليس بناء على إشارة باشتباه وزارة الخزانة الأميركية ؟
الحاصل في مناخ الخنوع الذليل للوصاية الأجنبية هو استعجال تصفية مصرف لبناني متهم وبيع أصوله بشروط مجحفة على أساس اشتباه اميركي هو مشبوه المصدر والغاية وثمة أسئلة كثيرة عن المشيئة الصهيونية ودورها في تصنيعه ؟ وماذا يفيد سحب الاتهامات بعد خراب البصرة كما حصل في ملف البنك اللبناني الكندي الذي يوجب التحقيق القضائي واخذ العبرة السياسية ومن يضمن عدم تكرار هذه المهزلة في ملف بنك الجمال أو سواه؟ مايفعله لبنان بمصارفه يشبه إعدام لبناني يتهمه الأميركي بجريمة قتل بناء على الظنون والشبهات دون تبين الأدلة والتحقيق الدقيق في التهمة.
رابعا الذي تقوم به الولايات المتحدة عبر استعمارها المالي هو تجفيف عروق الاقتصاد اللبناني وتقطيعها لمحاصرة الموارد والتحويلات والثروات التي يمكن الارتكاز إليها في أي خطة اقتصادية وطنية وبالذات مطاردة اموال الاغتراب اللبناني ومنعها من التدفق إلى السوق المحلي بمختلف قطاعاته ضمن خطة لخنق البلد واسترهانه بالديون والحؤول دون أي فرصة لتوفير طاقة استثمارية تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني المستنزف وهذا ما ليس بعيدا عن المحظورات السياسية والدفاعية المفروضة بقرار أميركي على السلطة اللبنانية على صعيد الشراكات التجارية والاستثمارية ومصادر تسليح الجيش الوطني الممنوع من امتلاك مقومات الدفاع ضد العدوان الصهيوني والأخطر هو تحويل كل تلك الضغوط العدائية إلى وسيلة لتحريض بعض اللبنانيين ضد المقاومة التي تجري شيطنتها باتهامات ساقطة بينما هي مطاردة بالتآمر الأميركي الصهيوني سياسيا وامنيا للانتقام من انتصاراتها.
خامسا تستدعي مجابهة العقوبات وقفة سياسية حقوقية واقتصادية تعدل قواعد التعاطي اللبناني بالانتقال إلى منطق الكرامة والسيادة بدلا من مذلة الخضوع لمشيئة أجنبية ترعى العدو الصهيوني الذي ما يزال طامعا بأرضنا وثرواتنا راغبا بتدمير مقاومتنا والتخلص منها وتلك المشيئة الاستعمارية تلحق في سبيل هذه الغاية مزيدا من الأذى والضرر المتعاظمين بجموع متزايدة من اللبنانيين وبمصالح لبنان العليا وباقتصاده الوطني الخاضع للهيمنة.
معركة التحرر من قبضة الاستعمار وبراثنه السامة هي ضرورة لاغنى عنها لأي تقدم حقيقي وهي كل لايتجزأ وتشترط توافر إرادة وطنية استقلالية صادقة وصلبة لايخجل أصحابها في تبني المقاومة والدفاع عنها ولايواربون في مجابهة الهيمنة مهما كانت الظروف .