الضربات على آرامكو أحمد مصطفى
تعد شركة أرامكو المملوكة للدولة في المملكة العربية السعودية أكبر منتج للنفط في العالم، حيث تنتج 10٪ من النفط العالمي ، لكنها أيضًا واحدة من أكثر الشركات ربحية في العالم.ولكون أي هجوم بطائرة بدون طيار قد تسبب في توقف نصف إنتاجها – يعني أن 5٪ من إمدادات النفط في العالم خارج الخدمة – فإن هذا يدل على مدى ضعف مصانعها، وبالتالي ضعف جزء حيوي من البنية التحتية للطاقة العالمية.وينتج حقل خريص النفطي حوالي 1٪ من النفط العالمي ، وتعد بقيق أكبر منشأة للشركة – مع القدرة على معالجة 7٪ من المعروض العالمي.
تركز الأسئلة التي يتم طرحها على الآتي: “لماذا لم يتم منع هذا الهجوم من قبل شركة لديها مثل هذه الجيوب العميقة، وما مدى إمكانية تكرار هذا الحادث مرة اخرى؟
رد فعل السوق
كلف برميل النفط الخام 60 دولارًا (48 جنيهًا إسترلينيًا) يوم الجمعة ويعتقد بعض المحللين أن ذلك قد يرتفع إلى 80 دولارًا (64 جنيهًا إسترلينيًا) أو أكثر – استجابة سريعة من التجار للهجمات الصادمة، وللكثير من الأشياء المجهولة التي لا زالت تحيط مقياس الضرر.فحتى لو حدث هذا ، فإن الأسعار في محطات البنزين لن تكون مضمونة الارتفاع بنفس المعدل.ما يقرب من ثلاثة أرباع نفط أرامكو يذهب إلى آسيا.ومع ذلك لم يكن للأحداث السابقة ذات الطبيعة المماثلة في الآونة الأخيرة تأثير طويل الأجل على سعر النفط.
وكما يوضح الخبير الدولي في سياسة الطاقة، البروفيسور/ نيك باتلر: “فإن التأثير المباشر للهجمات قد يكون قصير الأجل، لقد تكيف السوق دون أن يتحول خلال العامين الأخيرين إلى خسارة لأسباب سياسية تتمثل في إنتاج أكثر من مليوني برميل يوميًا من قبل فنزويلا وإيران “.
المخاطر الإقليمية
مما يبعث على القلق، إذا تسببت الهجمات بتوترات أوسع في المنطقة، فإن ارتفاع الأسعار هذا قد يكون طويل الأجل.يعتقد البروفيسور بتلر: “إذا أصبح الانتقام حقيقة واقعة، فإن أي زيادة يمكن أن تستمر لتغذي خطر حدوث ركود اقتصادي“.بالنسبة لهيليما كروفت، الرئيسة العالمية لاستراتيجية السلع في رويال بنك أوف كندا، فإن هجمات الطائرات بدون طيار هي “لعبة تغيير في المواجهة الإقليمية الإيرانية المتصاعدة“.
من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان المستهلكون سيعانون أي تأثير مالي من خلال ارتفاع أسعار النفط.على المدى القصير، يعتمد الكثير على المدة التي ستستمر فيها الزيادة – وأي ارتفاع سيستغرق أسابيع لكي ينعكس في أسعار البنزين.
في الوقت الحالي، يراقب المستثمرون عن كثب المزيد من البيانات من أرامكو، وكذلك أي رد فعل سياسي على الأحداث.في المملكة المتحدة، مثلا يتكون 40٪ من سعر لتر البنزين من النفط وإنتاج الوقود والربح، أما الباقي فيشكل الضريبة، وبعض المحللين لا يتوقعون تسجيل ارتفاع كبير في الأسعار عند محطات البيع للسائقين. وحيث يقول سيمون ويليامز، الخبير في شركة آر إيه سي ليميتد لخدمات السيارات: “هناك حاليًا وفورات في أسعار الجملة لم تبدأ لتوها لتوصيلها إلى السائقين من قبل تجار التجزئة وقد قام العديد من تجار التجزئة بخفض أسعارهم بثلاثة بنسات يوم الجمعة، ونعتقد أن متوسط الأسعار كان ستة بنسات أعلى من اللازم قبل ذلك، وبالتالي فإن تأثير هذه الحرائق قد لا يكون كبيرًا جدًا.”
ولكن بعد هذا العرض والتحليل الشيق الذي قدمته بي بي سي عن الحادث وتأثراته – لدينا بعض الأسئلة المهمة:-لماذا لا يتم تأمين مواقع مهمة مثل ارامكو، ولا حتى من قبل الحليف والجيش الأمريكي، والذي تملأ قواعده الخليج؟ ولماذا حدث تواني من قبل الولايات المتحدة في حماية مؤسسة استراتيجية مثل أرامكو؟ أليس هذا الأمر مثيرا للشك؟ هل باعت امريكا ال سعود بعد كل الإنفاق السعودي والإماراتي على اسلحة ولوجيستيات وتعاون استخباراتي مع امريكا وبريطانيا؟
هناك أيضا جدل، وخصوصا بعد تقارير خاصة ان سعر النفط عن (٦٠ دولار) كان غير مناسب للسعودية، وخصوصا بعد انفاقها وتورطها في تخريب الثورات السلمية العربية، ودعم الإرهاب ثم الحرب على الإرهاب، ثم الدخول في المستنقعين السوري ثم اليمني، والذين أتوا عليه بالخراب هو والإمارات – فهل تم ترك هذه المسيرات تضرب هذه المواقع ليرتفع سعر النفط إلى مستوى (٨٠ دولار) المناسب للميزانية السعودية – كما حدث في حاملات النفط التي تم التعرض لها في الخليج في مايو ثم يوليو الماضي لرفع سعر النفط – ثم انتهى الموضوع على لا شيء.
وارتباطا بالنقطة السابقة، وبعد اكاذيب بومبيو وزير الخارجية الأمريكي، ان ايران هي السبب وانها استخدمت مسيرات مرورا من الأراضي العراقية لضرب هذه المواقع النفطية لآرامكو – وقد نفت العراق استخدام اراضيها لمرور اي مسيرات – فهل السياسة الخارجية الأمريكية تدنت لهذا المستوى – وهل لا يمكن للحوثيين الحصول على مسيرات دقيقة من دول عدة، ومن السوق السوداء حتى من الولايات المتحدة، وبشكل غير مباشر لأننا لا نعرف جنسية هذه المسيرات الى الآن – هل هي محلية الصنع ام تم استيرادها من بلد ما؟
أليس من حق الشعب اليمني أن يقرر مصيره وان يدافع عن نفسه بعد التعرض للكثير من الإنتهاكات من قبل النظامين السعودي والإماراتي بموجب تقارير أممية وحقوقية عالمية، بموجب إنتهاكات طالت أماكن آثرية تاريخية ثقافية وحضارية مسجلة باليونسكو – وايضا إنتهاكات طالت مدارس أطفال ومستشفيات ونساء وكبار السن، لدعم نظام غير شرعي رئيسه مستقيل ينتمي للإخوان، وبشهادة “على عبد الله صالح” الرئيس اليمني السابق على شاشة روسيا اليوم لمدة ساعة كاملة من موسكو في عام ٢٠١٥ – لماذا الكيل بمكيالين في حق الشعب اليمني.
كل ما نريده الآن الا يشغلنا هذا الموضوع عن خطة نتنياهو للإستيلاء على اراضي فلسطينية إذا فاز بالإنتخابات التشريعية داخل الكيان الصهويني – وان نتوحد كي نحمي حقوق اخواننا في فلسطين المحتلة – وان نضع حدا لهذه الإنتهاكات الإسرائيلية التي دائما ما تسبب صداع في المنطقة.
بكل تاكيد أن القمة الثلاثية التي عقدت أمس في انقرة العاصمة السياسية التركية ما بين الرؤساء (أردوغان – بوتين – روحاني) كانت لحل أخر مشاكل الأزمة السورية، والموافقة على إنشاء اللجنة الخاصة بوضع الدستور السوري، وكذلك التأكيد على وحدة الأراضي السورية، وان يكون هناك حل عملي خاص باللاجئين السوريين، وكذلك عدم الموافقة على أي وجود اجنبي داخل سوريا، وخصوصا الوجود الأمريكي الغير شرعي بما يخرب كل محاولات الإصلاح في سوريا.
طبعا الأحداث الجارية، وخصوصا الهجمات على آرامكو، فرضت نفسها على المؤتمر الصحفي – مع وجود توافق في وجهات النظر ما بين الرؤساء الثلاثة وأيضا حالة من الثقة والثبات في الموقف “إيقاف الحرب على اليمن واللجوء الى التفاوض والحل بوسائل سلمية – لأن هذا للاسف يستنزف ثروات العالم الإسلامي – فالقاتل والمقتول مسلمين، أو من نفس الدولة، أو المنطقة كما قال أردوغان.
كان بوتين من الذكاء ان يستشهد بالآية ١٠٣ من سورة ال عمران في موضوع ترك السلاح والجلوس إلى المفاوضات “وكنتم أعداء فقارب بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوان” وهذه رسالة إلى الإدارة السعودية ان ما قمتم به على مدار ٤ سنوات سابقة اضر بكم، ولو كانت حرب بقرار أممي وراءه رشوة لـ بان جي مون، وكأنه يصفع النظام الأمريكي ويسخر منها عندما قال – أن على السعودية ان تختار ما بين منظومتي إس ٣٠٠ التي اشترتها ايران من روسيا، او منظومة إس ٤٠٠ التي اشترتها تركيا لكي تحمي مؤسساتها الإستراتيجية.
أيضا كان الروس والصينيون من الثبات الإنفعالي في مواقفهم خاصة بعد وجود اتهام دون دليل موجه الى ايران – في حادث يتشابه مع حادث تانكات النفط الإماراتية في الخليج في مايو ويوليو الماضي وما صاحبهما من بروباجاندا امريكية وبريطانية فارغة وفاشلة انتهت على لا شيء – لأن لا أمريكا ولا بريطانيا، ولا السعودية، ولا الإمارات مجتمعين لديهم ٤ تريلليون دولار لمواجهة ايران – كما ان ايران لن تكن منفردة إقليميا أو دوليا كما شرحنا سابقا – كذلك اسرائيل سيتم تدميرها لأنها محاطة بحزب الله وكتائب القسام وحماس – السطحيين يمتنعون.هذا النقص الكبير في إنتاج النفط عالميا سيفتح بوابة ابليس على امريكا، وسيجبرها سواء بارادتها ام رغبة عنها بكسر العقوبات الإقتصادية على كل من “إيران وفنزويلا” لتعويض هذا النقص حتى لا يزداد السعر بشكل غير عادي – وهذا لأن غالبية السيارات الأمريكية مستهلكة للوقود المرتفع ثمنه اصلا ويشتكي المواطن الأمريكي والأوروبي من ارتفاع ثمنه، وفي بلد مشرف على ركود اقتصادي، وفي حرب تجارية مع أكبر قوة اقتصادية في العالم الصين تهدد الكثير من قطاعاتها الصناعية والزراعية والخدمية بالتوقف.
بالنسبة للمستقبل – فالمستقبل ليس أمريكيا على الإطلاق – امريكا تهزم في المنطقة هي وحلفائها شر هزيمة، ولم يفلح استخدام الإرهاب ولا المرتزقة التي زرعتهم ومولتهم كجيوش بديلة لعشرات السنين، وذلك بموجب تسريبات البريد الإلكتروني لـ هيلاري كلينتون، والسفير الإماراتي العتيبة، وأخيرا “آرمز ووتش/مراقبة التسلح” أمس التي فضحت تورط أنظمة امريكا وال سعود وال نهيان في توريد الاف الأطنان من السلاح لداعش في سوريا وكذلك في اليمن لدعم الفوضى والخراب في المنطقة ليبقى نفوذها موجودا.
يرجي العلم ان تأثيرات هذه الضربات على ارامكو ستكبد السعودية كما هو متوقع ١٠٠ مليار دولار هذا العام حتى تعود الشركة لكامل انتاجها من قبل خبراء عالميين في مجال الطاقة.
هل ستحول هذه الأزمة العالم للغاز الطبيعي المسال وهى من اقل مصادر الطاقة تلويثا للبيئة عكس النفط ومشتقاته؟ولكن مع هذا الوضع ستبرز ثلاث دول مستقبلا كأكبر منتجين للغاز في العالم “إيران وروسيا وقطر” وإذا حدث هذا التحول، وهي حاليا تتعامل مع الصين اكبر مستورد للنفط والغاز باليوان، وكذلك مع أوروبا باليورو، فلن يصبح للدولار في غضون العشر سنوات القادمة قوة مثل قوته الحالية لإرتباط تجارته بالدولار منذ مؤتمر جاميكا في ١٩٧٥.
أيضا سيكون هناك تحول نوعي تجاه الطاقة النووية، وكذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع الإفصاح قريبا عن أبحاث لـ “طاقة الجاذبية” الغير مفصح عنها الى الآن، كبدائل نظيفة لطاقة النفط، بالرغم من أن اقلها كلفة هي الطاقة النووية وأكثرها إنتاجا للطاقة.
أذكر مرة اخرى – إذا فكرت امريكا في الحرب سيغلق مضيق هرمز – وسيصل سعر برميل النفط لـ ٣٠٠ دولار في غضون يومين، وستحدث ثورات عارمة مضادة للعولمة والليبرالية في كل من أمريكا وأوروبا تقلب الليبرالية رأسا على عقب وستنهار أمريكا.