بقلم ناصر قنديل

شعب الله المختار… هل لا زال مختاراً؟: ناصر قنديل

– من سوء حظ كيان الاحتلال القائم على التلاعب بالعقيدة الدينية لتحويلها إلى عقيدة سياسية أنه يواجه قوة تقود المقاومة اليوم تؤمن بيقين بعقيدتها الدينية وتستخلص منها عزمها على قتال كيان الاحتلال، فتصير المفردات الدينية ورمزيتها ذات أبعاد ومعانٍ تتخطى حدودها التي وردت في النص الديني المجرد، لذلك ردّد الصهاينة دائما بعد كل إنجاز وانتصار حققوه منذ نشأة كيانهم وخلال امتلاكهم للقنبلة النووية الأولى في الخمسينيات وفوزهم في حرب حزيران عام 1967، أن معجزات تتحقق، هي رسائل إلهية لشعب الله المختار على أنه ما زال مختاراً، وان الهدايا الإلهية تتدفق عليه لزيادة إيمانه ويقينه بحجم الدعم الإلهي الذي يلقاه مشروعه.

 

– في معارك الاستيطان في القدس والضفة الغربية ورفض الدولة الفلسطينية يستند قادة الاحتلال على النص الديني وتأويلاته، وكذلك في التمسّك بالقدس عاصمة موحّدة لكيانهم الغاصب، ولكنهم باتوا يواجهون بالمقابل تمسكاً لا يقل قوة باسترداد القدس من موقع نص ديني أشد قدرة على الإلهام، كما هو الحال منذ إعلان الإمام الخميني عام 1980 لليوم العالمي للقدس، وانتشار الإحياء المنتظم والمتعاظم على مساحة عواصم العالم وشعوبه. وجاءت حروب المقاومة من إنجاز التحرير عام 2000 وما تضمنه من كسر للمألوف، وإلزام لجيش الاحتلال بالانسخاب الذليل دون قيد أو شرط أو تفاوض، ليفتح الباب للأسئلة الوجودية حول المقولات الدينية التي تتأسس عليها عقيدة معنويات الجيش والمستوطنين، وعنوانها، هل لا نزال شعب الله المختار؟ وهل لا نزال نخوض حروب الله؟ وهل انتقل الله من ضفتنا إلى ضفة أعدائنا؟

– بعد الفشل في حرب تموز 2006 وما رافقها من وقائع يرويها حزب الله ويروي مثلها قادة جيش الاحتلال، الكثير مما يجعل الصراع على تفسير الحرب ونتائجها، صراعاً على البعد الغيبي للدين، بين مفهوم النصر الإلهي الذي يتمسك به حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله، ويعتبرونه التفسير الأمثل للنصر الذي تحقق بقوة متواضعة يمتلكونها عدداً وعتاداً، مقارنة بحجم جيش الاحتلال ومقدراته، ومقابلهم كان سيل الأسئلة الوجودية يجتاح المؤسسة الدينية الصهيونية حول الخذلان الإلهي. وبالنسبة لحزب الله الذي يتحدث بيقين عن البعد الإلهي للمواجهة والنصر، لا يشكل حسن الاستخدام للبعد الغيبي في تعميق الشكوك بقدرة الكيان على البقاء ولا جدوى الرهان على خوض الحروب، استغلالا لنقطة ضعف، بل فعل إيمان حقيقي يلتزم عقائدياً بالتركيز عليه، كنوع من أنواع الشكر لله، صانع الانتصارات وصحاب الوعد بالمزيد منها، وإن شكرتم لأزيدنّكم، وإن تنصروا الله ينصركم.

– سقوط طائرتي الاستطلاع الإسرائيلية فوق الضاحية وما قيل عن هدف ثمين كانت آتيتين لاصطياده، وليس إسقاطهما، ومعجزة اصطياد المقاومة للآلية العسكرية في أفيفيم من نقطة ميتة، ومن ثم الهروب الذي عمّ القيادتين السياسية والعسكرية للكيان من خوض المواجهة، وقائع أضافت مادة نوعية جديدة ليقين حزب الله وخطابه المستند إلى العامل الغيبي للتدخل الإلهي، وما يشكله ذلك من رافعة معنوية للحزب ومقاتليه وبيئته الشعبية، ولكنها بالمقابل كارثة وقعت على رؤوس الصهاينة ونظرياتهم الدينية عن كونهم شعب الله المختار. الشعب الذي يخذله الله كل يوم، ويرسل له الرسائل بأنه لم يعد مختاراً، وبأن الحزب الذي يحمل اسم الله ليس مجرد حامل اسم، بل إن الله يقاتل مع حزبه ويسدّد له الرمي، وما رميت إذ رميت لكن الله رمى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى