إنجاز المقاومة تخطى تثبيت الردع
غالب قنديل
لجأ الدجال الخائب نتنياهو إلى فبركة الأكاذيب لستر عجزه امام المقاومة التي تحركت بكل دقة وحزم للرد على اغتيال اثنين من مجاهديها في سورية ولردع العدوان على لبنان والتصدي لفلتان الطيران الصهيوني المسير في اجواء لبنان منذ اعلان وقف النار بعد حرب تموز 2006.
جاءت الضربة بعد أسبوع من تثبيت قائد المقاومة للكيان الصهيوني برمته على “رجل ونصف ” في رهبة انتظار وترقب للرد الأكيد وبعد أسبوع من الهروب وهجر المواقع العسكرية الصهيونية وإخلاء المستعمرات مقابل الحدود اللبنانية مع فلسطين.
غرق الصهاينة بأسرهم في دوامة الانتظار والاستنفار والتوتر الشامل وهو عقاب مستحق على التطاول الصهيوني فقد فرض قائد المقاومة السيد حسن نصرالله بوعده حبس انفاس طويل وقلقا لاحد له على امتداد الكيان الصهيوني وقد فشلت منذ البداية محاولات تحويل المواجهة إلى قوة استيلاد وتحريك لضغوط لبنانية داخلية ضد حزب الله وانحصر رجع الصدى في جحور صغيرة وضيقة محدودة التأثير اجترت التهديدات ولم تفلح في إقناع احد ولم تضعف متانة الاحتضان الرسمي والشعبي لحق الرد الذي حظي بتغطية مؤسساتية شاملة على صعيد السلطات اللبنانية.
وبعد ذلك العقاب جاءت عملية المقاومة وللمرة الأولى منذ التحرير عام ألفين تسدد المقاومة ردا على العدوان الذي يستهدف لبنان ضربة داخل فلسطين المحتلة وخرج قائد المقاومة السيد نصرالله بمعادلة جديدة يوم امس معلنا ان الرد على أي عدوان صهيوني ضد لبنان سيكون بلا حدود وبدون خطوط حمراء وفي عمق فلسطين المحتلة.
تخطى هذا الإعلان حدود تثبيت قواعد الردع التي كانت سارية منذ حرب تموز التي شهدنا بعدها اختبارات قوة مشابهة بين المقاومة وكيان العدو وكانت ضربات المقاومة الرادعة داخل أرض لبنانية تحت الاحتلال هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ولم يجر الرد عبر الخط الأزرق أي داخل فلسطين المحتلة ولو حتى في القرى اللبنانية السبع المحتلة التي اعترف لبنان الرسمي منذ اتفاق الهدنة بضمها للكيان الصهيوني بينما المقاومة التزمت باعتبار ما تعتمده السلطات الرسمية تحديدا موجبا للبنانية المواقع المحتلة حتى لو كان ذلك مخالفا للتاريخ وللوقائع في حين ان وحدة الانتماء القومي والتاريخ المشترك السابق لتقسيمات سايكس بيكو الاستعمارية تجمع كل أرض لبنانية بفلسطين وسورية وليس فقط قدر الجغرافية.
مسار عملية المقاومة والتعامل معها حمل معه مؤشرات لافتة تؤكد مجددا اقتدار المقاومة وصلابة إرادتها وتمكنها من ادوات القتال الحديثة والمتطورة وكذلك إمكاناتها الاستخباراتية الهائلة والثرثرة الصهيونية كانت بمثابة محاولة يائسة للتستر على الخيبة والفشل باستثارة نقاش عن الخسائر حتى أفرجت المقاومة عن تسجيلات للعملية تبين اشتعال المركبة المدرعة الصهيونية بصاروخين أصاباها مباشرة.
انصب الجهد السياسي والدبلوماسي الصهيوني على تخريج الرضوخ لقواعد الردع بانكفاء عسكري واضح استكمل الهروب المتواصل من خط النار والابتعاد كيلومترات في عمق فلسطين المحتلة لدرجة ان الوقائع كانت محفزة في نظر البعض لافتراض ورود التفكير الجدي بتنفيذ وثبة الجليل الموعودة إلى المواقع العسكرية والمستعمرات الفارغة لكن لكل وعد اوان.
رسم سيد المقاومة قاعدة جديدة اولى إذن هي تحرير الرد على أي عدوان صهيوني من اعتبارات الحدود والخطوط الحمراء في حالة العدوان على لبنان وكذلك إذا استهدف الصهاينة المقاومين خارج لبنان.
اما القاعدة الثانية فهي فتح مرحلة التصدي للطيران الصهيوني الذي ينتهك السيادة اللبنانية ويطال ذلك راهنا عربدات الطيران الصهيوني المسير وقد لا يبقى محصورا به مستقبلا بعدما صبرت المقاومة طويلا وتركت للسلطة اللبنانية ملاحقة الأمر ووضع حد له من خلال اتصالاتها بالحكومات الغربية وبالأمم المتحدة منذ صدور القرار 1701 دون جدوى.
طيلة السنوات الماضية لم تحصل السلطات اللبنانية على التزامات حازمة ومجدية تضع حدا للعربدة الصهيونية الجوية ولا هي جهزت الجيش اللبناني ليستطيع القيام بالتصدي لطيران العدو الحربي والمسير على السواء وظل قرارها بهذا الشأن حبيس القيود التي تفرضها على لبنان حكومة الولايات المتحدة راعية العدوان الصهيوني.
استطاعت المقاومة بنتيجة عمليتها وبموقف قائدها ان تملي قواعد جديدة للصراع وليس من فراغ كلام السيد عن اعتبار الأول من أيلول تاريخا لانطلاق مرحلة جديدة من الصراع الذي تخوضه المقاومة ضد العدوان الصهيوني ما بعده سيكون غير ما قبله والحرب سجال.