تحالف «الحزب» مع التيار والحركة لا ينفكّ… ولكن؟: ناصر قنديل
– منذ العام 2005 وبعده العام 2006 ترسّخت قواعد ثابتة للعلاقة بين حزب الله وكل من التيار الوطني الحر وحركة أمل، رغم كون العلاقة التي تربط الحزب بالفريقين عرفت قبل هذا التاريخ مراحل اتسمت بالتجاذب والتصادم مع الحركة تلاهما غموض وسعي لوضع أسس للتمايز حتى عام 1996 عملياً، ليحل مكانها تنظيم خلاف فاتفاق فتفاهم فتحالف فتلاحم وضعت قواعده عام 2005 وترسخ وتعمد في حرب تموز 2006، أما بالنسبة لعلاقة الحزب بالتيار فقد كانت خلافاً سياسياً حول الوجود والدور السوريين في لبنان لكن مع وجود احترام متبادل، من قبل التيار لتضحيات الحزب في المقاومة وابتعاده عن لعبة المحاصصة في السلطة، ومن قبل الحزب لنظافة التيار وصدقيته رغم عمق الخلاف، ليبدأ الحوار ويصير تفاهماً في شباط 2006 ويتعمّد في حرب تموز ويتأسس عليه خطاب مشترك في المعارضة وصولاً لمؤتمر الدوحة ويترسخ بعدها في دعم التيار لمشاركة الحزب في الحرب على الإرهاب في سورية وصولاً للاستحقاق الرئاسي والموقف الثابت للحزب بدعم ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة.
– يستجيب التحالفان لمقتضيات الاتفاق والثقة والحاجة، من وجهة نظر وتقييم حزب الله لحليفيه رغم ما يباعد بينهما، وثقته بأن تفاهمها ضرورة لتسيير الدولة وتيسير المهام الإصلاحية، وعدم تبنيه لتقييم التيار والحركة بالتحفظات تجاه بعضهما البعض، مع احتفاظه بالحذر من الضغط لإنتاج تفاهم متكامل بينهما يلزمه بوساطة لا يعرف مدى حظوظها بالنجاح، بينما يشكل تنظيم الخلاف بينهما أفضل الشرور، مع بقائه جاهزاً في القضايا التي تصير عبئاً على التحالف لفض الاشتباك، لكن دخول الحزب غمار الحياة المحلية السياسية والاقتصادية والمالية بقوة صرّح بها تجاه نياته نحو ملفاتها ومقتضياتها رغم إدراكه لنوع وحجم همومها واهتماماتها وآمالها وآلامها، وضع الحزب أمام ضغوط شديدة وجديدة تجاه عدم كفاية التعامل بالمفرق مع قضايا الدولة، في ظل حضور سؤال وجودي ومنهجي يتصل بالخط الفاصل بين التنظيم المدني والتنظيم الطائفي للدولة، حيث لن يكون سهلاً في الجلسة النيابية المخصّصة لمناقشة المادة 95 من الدستور في تشرين الأول المقبل، أن يتفادى الحزب والتيار وقوف كل منهما على ضفة مع احتدام الاصطفاف الطائفي بصورة تعرّض تحالفهما للاهتزاز.
– الملف المالي الذي يتقدّم بسرعة إلى الواجهة لم يعد ممكناً اختصاره بعنوان مكافحة الفساد، خصوصاً بعدما لمس الحزب حجم التعقيد في هذا الملف وحجم الزمن اللازم لتؤتي أي جهود مهما كانت جادة وصادقة، ثماراً فعلية، وبالأخص بعدما تكشفت طبيعة الأزمة المالية وحجمها النوعي المرتبط بهوة تزداد اتساعاً بين حجم الدين وحجم الاقتصاد الوطني، بصورة لا تبدو في السياسات المالية القدرة على جعلها تحت السيطرة، ويشكل وجود رئاسة الجمهورية ووزارة المالية بين الحليفين التيار والحركة سيكون للبحث عن حلول جريئة ومبتكرة فرصة كبيرة للتقدم، وحزب الله الذي يمثل اليوم نموذج القوة التي تتباهى بها شعوب المنطقة يقف على عتبة التحدّي الأبرز والأخطر في مسيرته، والذي يبدأ من التجرؤ على فتح حوار مع الحلفاء حول ورقة أسئلة مفتاحية تتصل بمستقبل الدولة، يكون التيار والحركة ركنين رئيسيين فيه.