من الصحف الاميركية
رأت الصحف الاميركية الصادرة اليوم إن إعلان السعودية عن استثمار 15 مليار دولار في صناعة البترول “ريلانس إندسترز ليمتد” الهندية يعتبر تصويت ثقة على سياسات رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الاقتصادية وضربة للباكستان.
وبموجب الاتفاق، ستشتري السعودية نسبة 20% من الشركة التي تعتبر من كبرى الشركات الهندية. وتأتي الصفقة في وقت يعاني فيه الاقتصاد الهندي من تراجع. ويحاول مودي منذ فترة التقرب من السعودية والمستثمرين الخارجيين بعد تراجع تدفق المال الأجنبي القادم للبلاد وتدهور العلاقات التجارية بين الهند وإدارة دونالد ترامب.
وترى نيويورك تايمز أن تبني السعودية للهند يأتي على حساب باكستان، وتعد الصفقة ضربة لها، خصوصا أن رئيس وزرائها عمران خان حاول دون نجاح تعبئة الدول الإسلامية لمعارضة قرار مودي الأسبوع الماضي، الذي ألغى فيه وضعية الإقليم شبه المستقل لجامو وكشمير، وهي الولاية الهندية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة.
سلطت صحيفة واشنطن بوست في مقال تحليلي نشرته الضوء على التطورات الأخيرة في محافظة عدن جنوب اليمن، حيث وضع حلفاء الإمارات هناك، ممثلين بالمجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحزام الأمني التابعة له، حجر الأساس لمشروعهم الانفصالي، بعد أن سيطروا على المحافظة التي ظلّت منذ انقلاب الحوثيين العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية في اليمن.
ذلك ما عدّه معلّق الصحيفة، إيان ثارور، في مقاله، “انقلابًا من حلفاء ترامب ضد بعضهم البعض”، مشيرًا إلى استهداف التحالف الذي تقوده السعودية حلفاءه أنفسهم، أي المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، الضلع الآخر في التحالف، بعد أن أنهت الأخيرة الوجود الحكومي في المحافظة.
على ذلك، فإن التحالف الذي تشكّل بالأساس من أجل “استعادة الشرعية في اليمن”، ومواجهة إيران في هذا الجزء من العالم، والذي كانت تنظر إليه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، باعتباره قضية ملحّة لدرجة أنها تبرر تجاوز الكونغرس في معارضة مبيعات الأسلحة إلى الرياض وأبوظبي، وفق تعبير الكاتب، انتهى به المطاف إلى الاقتتال داخليا.
ويستطرد معلّق الصحيفة بأنه “على الرغم من الهدوء السائد حاليًّا في عدن، فإن حالة عدم اليقين حول مستقبل التحالف السعودي الإماراتي لا تزال قائمة”. وينقل حديث أحد سكان عدن، واسمه عادل محمد، لوكالة “رويترز”: “الوضع هادئ الآن، لكن الناس لا يزالون قلقين، نحن لا نعرف إلى أين تتجه الأمور“.
ويرى الكاتب أنه بمعزل عن الصور التي نشرتها المواقع الإماراتية والسعودية على السواء للقاء الحاكمين الفعليين في الإمارات والسعودية، محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، فإن الانقسامات الواضحة يبقى صعبًا تجاهلها. ذلك ما تعلّق عليه الباحثة في الشأن اليمني في كلية بيرمبروك التابعة لجامعة أوكسفورد قائلة: “هذا يضعف التحالف من خلال كشف الشقوق التي لا يمكن إنكارها تحت السطح؛ يزداد الأمر وضوحًا بأن الإمارات والسعودية لا تتشاركان الأهداف نفسها في اليمن، على الرغم من أنهما تتشاركان الهدف الشامل المتمثل في كبح نفوذ إيران“.
ويشير الكاتب، في هذا السياق، إلى أن “الانفصاليين في اليمن، والإمارات، لا يتفقون أيضًا مع تحالف الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، مع حزب الإصلاح، فبينما تعتبر السعودية الإصلاح ضروريًا لإعادة بناء اليمن، تعارض الإمارات أي دور مهم له بسبب علاقته بالإخوان المسلمين“.
إضافة إلى ذلك، فإن الإمارات، على عكس السعودية التي انشغلت بحرب الحوثيين على حدودها الجنوبية وإعادة الحكومة إلى العاصمة صنعاء، استثمرت بشكل أقل في حكومة هادي، وبحثت عن مصالح أخرى على الأرض. “الإماراتيون يحاولون أن ينصبوا أنفسهم في موقع المهيمن إلى حد ما في القرن الأفريقي”،كما تقول الخبيرة في الشأن اليمني في مؤسسة الشرق الأوسط، مشيرة إلى مطامع الإمارات في باب المندب وجزيرة سقطرى الاستراتيجية.
رغم ذلك، فإن أي انفجار للعدائيات سيكون مؤلمًا بشكل خاص لدولة الإمارات، المركز المالي والسياحي في المنطقة. ذلك ما تذهب إليه إليزابيث ديكنسون من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، قائلة: “أي هجوم قد يصيب الأراضي الإماراتية أو يضر ببيئتها التحتية الحيوية سيكون مدمرًا؛ فمن شأنه أن يهدد بشكل رمزي سمعة واحدة من أكثر الدول ديناميكية من الناحية الاقتصادية“.
ولعل ذلك تحديدًا، كما يستنتج الكاتب، هو ما ألقى بظلاله على إعلان الإمارات الانسحاب التدريجي من اليمن، وإلى مهادنة إيران عبر زيارات مسؤوليها العسكريين مؤخرًا. تبعًا لذلك، يخلص الكاتب إلى القول إن الحملة ضد إيران ووكلائها الإقليميين كان يمكن شنّها بشكل أكثر دقة، ويقتبس في هذا السياق حديث أحد رجال الأعمال الإماراتيين: “يبدو أن الأمر كان بعيد المنال، ولم يحسبوا عواقبه“.