ماذا بعد جولة أستانا 13 ؟: حميدي العبدالله
بمعزل عما جاء في البيان الختامي لجولة أستانا 13 وبمعزل عما جاء في المؤتمر الصحافي لأحد رعاة أستانا وهو المبعوث الروسي، فإنّ مصير الجولة 13 لن تختلف عن مصير الجولات الــ 12 التي سبقت الجولة الأخيرة، أيّ أنّ قراراتها ستبقى حبراً على ورق. بديهي المسؤولية عن تعثر مسار أستانا تقع بشكل مباشر على تركيا، وبشكل غير مباشر على الولايات المتحدة.
لماذا مصير أستانا 13 لن يختلف عن مصير الجولات السابقة؟
الأسباب واضحة هذه المرة. التنظيمات الإرهابية التي تتمركز في إدلب ومحيطها أعلنت بوضوح قاطع أنها لن تلتزم بتنفيذ اتفاق سوتشي الموقع بين روسيا وتركيا والتي عادت أستانا 13 التأكيد عليه. والرفض جاء من جميع التشكيلات الإرهابية، المصنّفة دولياً إرهابية مثل جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام أو التشكيلات الإرهابية المحسوبة على تركيا. والرفض الصريح والمعلن لن يترك مجالاً أمام تركيا للادّعاء بالتزامها اتفاق سوتشي وتطبيق مخرجات أستانا 13 . السبب الثاني عودة تركيا إلى سياسة التمييع والالتفاف على الاتفاقات وكسب الوقت، ولكن هذه المرة بأسلوب بات مفضوحاً ولا يمكن أن ينطلي على أحد، سوى الذين يغشون أنفسهم ويتعامون عن الوقائع الحقيقية. لعبة تركيا مفضوحة لأنها لعبة قديمة وهي ترتكز على أمرين، الأول، الإيعاز لجبهة النصرة لتغيير اسمها بذريعة حلها، وهذه المرة المقصود حلّ «هيئة تحرير الشام» للزعم بأنه لم يعد ثمة وجود لتشكيل إرهابي، وبالتالي لا داعي لأيّ عملية عسكرية، طالما أنّ جميع اتفاقات مسارات أستانا كانت تستثني التنظيمات المصنفة إرهابية من وقف إطلاق النار، وهكذا يتمّ تجميد أيّ عملية عسكرية، وإطالة أمد الواقع الشاذ في إدلب ومحيطها، وتكريس تقسيم أمر واقع للأراضي السورية، وهذا يتنامى مع ما جاء في قرارات أستانا عن الحفاظ على وحدة الأراضي وسيادة سورية.
الأمر الثاني، تصعيد الرئيس التركي رجب أردوغان تهديداته الكلامية ضدّ ميليشيات منطقة شرق الفرات بهدف دغدغة مشاعر روسيا وإيهامها بأنّ صداماً تركيا أميركياً وشيكاً حول الوضع في شرق الفرات نتائجه ستقود إلى تدهور أكيد في العلاقات الأميركية التركية، وذلك سيدفع أنقرة للارتماء في حضن روسيا، وبالتالي الرهان من جديد على تدخل روسي لإقناع الدولة السورية بتأجيل العملية العسكرية في إدلب كي لا تفسد هذه الطبخة.
أيضاً هذه اللعبة قديمة ومن فرط تكرارها لم تعد تنطلي على أحد ولن يصدّق أيّ كائن أنّ الرئيس التركي لديه الجرأة على مهاجمة شرق الفرات الذي هو منطقة احتلال أميركي، ولكن التهديدات والادّعاء بأنّ صبر أنقرة على واشنطن قد نفذ، وأنّ تركيا ستقدّم بمهاجمة شرق الفرات هي رسائل تخديرية موجهة لروسيا ولا تعبّر عن وجهة حقيقة لشنّ تركيا هجوماً على منطقة شرق الفرات.
الخلاصة: الإرهابيون أعلنوا صراحة ما بعدها صراحة أنهم لن ينسحبوا من المنطقة المنزوعة السلاح التي حدّدها سوتشي، وعاد الرئيس التركي إلى أسطوانته القديمة لكسب الوقت، وبالتالي لا جديد في أستانا 13 والخيار الوحيد هو المضي بالعملية العسكرية من قبل الجيش السوري.
(البناء)