ورقة عمل مقترحة على الوطنيين
غالب قنديل
منذ الانتخابات النيابية الأخيرة يشهد خطاب حزب الله تحولا مهما بتركيزه على هموم الناس وقضاياهم ويجهد نواب الحزب وقادته لتظهير الجهود التي يبذلونها من مواقعهم في مؤسسات السلطة السياسية للمساهمة في حل المشاكل الشائكة والمتراكمة في المناطق التي يمثلها نواب كتلة الوفاء وفي عموم لبنان كما ذهبت وسائل إعلام الحزب في هذا الاتجاه بقوة.
تصطدم جميع المبادرات والمحاولات بتكلس بنية النظام العاجزة والسؤال الذي تنبغي الإجابة عليه هو هل هناك فرص جدية لمعالجة المشاكل على أرضية النظام القائم بمداخلات تقنية تجميلية يمكن بلورتها بتوصيات خبراء ينتمون لحلف المقاومة أم ان المطلوب هو وضع سلم اولويات جديد ومغاير لما رسمه اهل النظام بمقاربات جديدة فالطريق الآخر أي ترميم النظام القائم يثبت عقمه كلما بذلت محاولات إصلاحية بفعل حجم المصالح المتراكمة تحت مظلة الهيمنة الخارجية حتى بات كالثوب المهلهل ما رتق منه ثقب حتى فتق ثقب آخر وهكذا فالبلاد في دوامة استعصاء سياسي وتأزم اقتصادي خانق تتخبط في عنق زجاجة لا فكاك منه.
أولا من ملامح البؤس السياسي وطغيان التفاهة على مستوى الوعي الوطني العام ان يجد حزب الله نفسه مضطرا لتقديم أي برهان على وفائه للناس ولمصالحهم وهو بالأصل حامي وجودهم في كل لبنان من الخطرين الصهيوني والتكفيري ولم تجف دماء الآلاف من شبابه الذين بذلوا ارواحهم ودماءهم إلى جانب جنود وضباط الجيش اللبناني.
فهذا الحزب هو الذي قدم تضحيات هائلة في تحرير الأرض من الاحتلال الصهيوني وهو الذي يسيج الوطن بقدرات رادعة تمنع الكيان الصهيوني من الاعتداء ومن تعريض البلد لكوارث استنزافية خطيرة اقتصاديا وسياسيا كما جرى منذ نكبة فلسطين حتى التحرير ثم حرب تموز وهو الذي بادر إلى دحر غزوة التكفير ومنع خطرها عن جميع اللبنانيين.
ثانيا إن الحلول الفعلية للأزمات اللبنانية شبه مستحيلة على أرضية النظام السياسي والاقتصادي القائم فهي تستدعي التحرر من قبضة الوصاية الأميركية التي تمنع على السلطات اللبنانية اتخاذ أي توجه سياسي او اقتصادي وطني وتحظر أي توجه لتطوير قطاعات الإنتاج أو الالتفات نحو محور الشرق انطلاقا من سورية فقد استهلكت التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الريعية الاستهلاكية والتابعة للغرب في لبنان معظم هوامش نموها وازدهارها الافتراضية وتطبق حلقة المديونية والنزيف الناشئ عنها على موارد الثروة الناضبة بحيث تتراجع الفوائض التي سبق ان لبى تقاسمها حاجات اهل النظام القائم وهذا ما يفسر السعار المستجد.
ثالثا من الخلل الفاضح في الحياة الوطنية اللبنانية ان يترك حزب الله مستفردا في مجابهة العقوبات الأميركية وان يتخلى سائر الوطنيين عن مسؤولية التصدي لها كواجب وطني تحرري وليس فحسب كواجب مستحق نحو المقاومين الذين بذلوا الغالي والنفيس.
رابعا نقترح مناقشة خيار سياسي بديل لا يناقض واقعية المساكنة مع “شركاء الوطن” لأننا نشاطر قيادة حزب الله الحرص على السلم الأهلي ونتفهم رفضها لاستسهال الخضات الكبرى ونشدد بالمقابل على عدم الوقوع في قبضة ابتزاز رخيص مارسه اتباع الوصاية الأميركية عندما طالبوا حزب الله بالانضمام إلى دعم سلة سيدر عبر التهويل بانهيار وشيك.
خامسا إذا كان التحول الكبير والنوعي في موازين القوى على صعيد المنطقة والعالم هو المآل المرتقب بانكسار منظومة الهيمنة امام محور المقاومة فهذا لا يبرر تجميد الوضع اللبناني بانتظار الحسم الكبير القادم للمعادلات سواء بانتصار سورية الناجز ام بكسر إيران لحلقة العدوان والحصار فالسؤال كيف يتهيأ لبنان لتلقي نتائج التحولات الكبرى القادمة.
الخيار الوطني الذي نوهنا بعناوينه مرارا ونقترح ان تخاض لفرضه معركة سياسية في مؤسسات السلطة بمؤازرة تحركات شعبية سيكون على القوى الوطنية ان تقودها بدلا من تشتيت الجهود في تحركات نقابوية عقيمة.
العناوين الرئيسية لاقتراحنا هي التالية:
1- تطبيق سياسة لبنانية دولية إقليمية متوازنة بانفتاح لبناني على محور الشرق انطلاقا من سورية إلى العراق وإيران والصين وروسيا والهند مقابل العلاقات اللبنانية مع دول الخليج والسعودية والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها وبلورة خطة عملية لتجسيد هذا التوجه حكوميا باتفاقات اقتصادية وبتحركات سياسية رسمية تتخطى رفع العتب القائم على هذا الصعيد.
2- قرار لبناني رسمي بالتفاوض مع الصين للاتفاق حول الانضمام اللبناني إلى مبادرة الحزام والطريق وبما يدعم القدرة التفاوضية اللبنانية اتجاه نادي دائني باريس.
3- قرار لبناني رسمي بتنويع مصادر تسلح الجيش الوطني لتطوير قدرات منظومة الدفاع الوطني بالشراكة مع المقاومة.
4- اتخاذ سلة من الإجراءات لتحقيق الحماية الوطنية للاقتصاد اللبناني وللقطاع المصرفي من نتائج العقوبات الأميركية على غرار ما فعلته حكومات الدول المستهدفة.
5- العمل لإقرار قانون انتخابات جديد يطبق اعتبارا من الانتخابات المقبلة على أساس نظام المجلسين الذي يسهم في تراجع حدة الانقسامات والعصبيات التي تهدد الوحدة الوطنية للشعب.